فما أحوج المسلمين وهم يهنئون بعضهم بعضًا بعد تجمّعهم الكبير لأداء فريضة الحج للتفكير الجدي في أوضاعهم والعودة إلى أصول عقيدتهم الربانية لتحكيمها في كل أمر وشأن، فلن تقوم لشعوبهم قائمة ما لم يعودوا إلى تلك الأصول، وينهلوا من منابعها الثرّة لصناعة مستقبلهم الأفضل، ونشر عوامل العدالة والحرية والاستقرار داخل شعوبهم، والالتفاف حول عقيدتهم؛ لتسوية أزماتهم القائمة، فالابتعاد عن تلك الأصول هو السبب الرئيسي في تخلفهم وتشتتهم وتجاهل أصواتهم والقفز على حقوقهم.
لن تقوم للمسلمين قائمة ما لم يعودوا إلى تعاليم عقيدتهم لتحكيمها في نزاعاتهم وأزماتهم وتطاحنهم، فتلك التعاليم الربانية كفيلة بإنقاذهم مما هم فيه من تخلف وضياع، وإحياء تلك التعاليم سوف يضمن لهم المكانة التي يجب أن يصلوا إليها، ويضمن لهم احترام شعوب العالم وإكباره وتقديره وتثمينه لكل مواقفهم وتطلعاتهم، فأوضاعهم الحالية المزرية سوف تكون سببًا لتخلفهم، فهم يفقدون بذلك قوة كبرى تكمن في تعاليم العقيدة الإسلامية التي سادوا العالم بتمسّكهم بها قديمًا، وها هم يتخلّفون اليوم للتفريط فيها وتجاهلها.
مناسبة العيد فرصة سانحة تعطي للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مساحة كبرى لتدارس أوضاعهم الحالية، والنهوض بمقدراتهم وتسوية أزماتهم بطرائق تضمن لهم توحيد كلمتهم، ولمّ شملهم، والوصول إلى أهدافهم وغاياتهم المرجوّة بكل اقتدار، فمَن ابتعد من المسلمين عن إحياء العقيدة فلا دنيا له ولا حياة، ومَن انتصر لها انتصارًا للحق فقد ذلّل أمامه مختلف الصعاب والتحديات، وتلك حقيقة ظاهرة يشاهدها المسلمون بأم أعينهم من خلال أوضاعهم المتردية وعثراتهم المتعاقبة التي لن ينهضوا منها إلا بالنهوض بعقيدتهم وتحكيمها في شؤونهم.