الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، والتجاوزات الكبيرة التي حدثت وما زالت، منذ الإعلان عن نجاح الملف القطري في استضافة نهائيات كأس العالم، أجبرت العديد من المنظمات الإنسانية الغربية على التحرك بكل قوة؛ سعيا لوقف كل التجاوزات التي ترتكبها قطر في حق العمالة الأجنبية، التي تعمل على إنشاء الملاعب الخاصة بكأس العالم.
وتشير الأرقام -التي يتم التستر على العديد منها- إلى أن عدد العمال الذين لقوا حتفهم منذ البدء في عملية إنشاء الملاعب المونديالية قد بلغ ما يقارب الـ(1500) عامل، وأن العدد مرشح لتجاوز الـ(4) آلاف عامل مع بداية منافسات المونديال.
الهند ونيبال وبنغلاديش، الدول التي تضم النسبة الأكبر من اليد العاملة في منشآت كأس العالم، باتت تكشف عن تزايد في الأرقام الخاصة بحالات الوفاة، لمن يتوجهون لقطر من أجل العمل على إنشاء الملاعب الخاصة بالمونديال العالمي، وإن كانت الشكوك تتزايد حول التلاعب في التقارير، التي يشير العديد منها إلى عدم وفاة أولئك العاملين أثناء تأدية عملهم بالمنشآت.
ويبدو أن الخوف من الخسائر الكبرى، في حال سحب استضافة كأس العالم من الدوحة، قد أجبر السلطات هنالك على تقليص سقف الحرية الذي تدعيه، فقد قامت باعتقال العديد من رجال الصحف الغربية، الذين حاولوا الوصول للحقيقة، وعمل تقارير ودراسات دقيقة بالظروف التي تحيط بالعمالة الأجنبية التي تعمل بشكل إجباري ولساعات طويلة، وسط حرارة تلامس الـ(50) درجة مئوية، من أجل إنجاز الملاعب الخاصة بنهائيات كأس العالم.
«الولادة من جديد»، هو الوصف الذي أطلقه بعض ممن استطاع الهروب بنجاح، مؤكدين بأن الظروف العملية التي عاشوها، لا يمكن تحملها أبدا، وكاشفين النقاب عن الوعود الوهمية التي عاشوها قبل الذهاب للعمل هنالك، واصطدامهم بالواقع المر، حيث دفع البعض منهم ما يقارب الـ(4) آلاف دولار من أجل الحضور والعمل، على أمل الحصول على مرتب يبلغ (300) دولار شهريا، لكنهم تفاجأوا بأن ذلك المبلغ تقلص لما يقارب النصف، عدا التأخير الكبير في صرف المستحقات، والذي يمتد لعدة أشهر.
ويبدو أن الفوارق باتت كبيرة جدا، فيما يتعلق بالظروف القاسية التي تعيشها اليد العاملة في بناء المنشآت الخاصة بالأحداث الرياضية العالمية، حيث تشير الأرقام إلى وفاة عاملين في مونديال (2010) بجنوب افريقيا، وعامل واحد في أولمبياد (2012) بلندن، في مقابل وفاة عشرة عمال في مونديال (2014) بالبرازيل، وهو ما يعتبر اعتياديا جدا، في مقابل (1500) عامل، قبل انطلاق مونديال (2022) بأربعة أعوام.