يمكن أن نستنتج مما سبق ان الاختلاف طبيعي والائتلاف ثقافي، وكلاهما من صنع العقل البشري، وعلى البشر أن يتقبلوا نتاج عقولهم ويتعاملوا معه.. وهم على كل حال سيتعاملون مع نتاج عقولهم سواء رضوا أم أبوا.. فها همّ البشر يختلفون ويأتلفون.. ينقسمون ويتوحدون.. وتنشب الحروب بينهم ثم يتصالحون ويتخاصمون.
إذن الأصل هو الاختلاف، ويأتي بعده الشك والتساؤل ثم الاعتراض والمخالفة ليحركوا التاريخ البشري، وقد قيل إن الأصل في مواقف الناس والمجتمعات هو الرفض والمقاومة لكل (جديد) ومحاربته، إذن الاختلاف هو البداية والأصل في كل المجتمعات وعبر كل العصور، والتاريخ لا ينتهي وإنما يتجدد، وربما يعيد نفسه كما يقال، ولو لم يختلف الناس عن بعضهم لما تعارفوا ولم يعرف بعضهم بعضا، ولولا اختلاف الدرجات والمراتب لما انتظمت الأمور ولعمت الفوضى، ولولا اختلاف الآراء لسيطرت علينا البلادة والجمود.. لذا قيل: الاختلاف الفكري مصدر ثراء للمجتمع.. حقاً إن الاختلاف رحمة كما يقولون.. ولكن العجيب في بني البشر أنهم يكرهون الاختلاف ويحبون الائتلاف، رغم ان الاختلاف رحمة.. فهل تراهم يكرهون الرحمة!.. أم أنهمّ طبيعيون؛ لأنهم يحبذون الاختلاف؟!.. الأسئلة لا تنتهي عن الاختلاف والائتلاف وما بينهما من خلاف!