لا يسعني، وأنا أحب الأحساء وأهلها، إلا أن أهنئهم وأهنئ نفسي كسعودي بتحقيقها هذا النصر العالمي المرموق، وأتمنى أن أراها دائمًا بأحسن حال وبنفس الابتسامة العذبة التي تعلو دائمًا محياها.
شاركت مرة في إدارة جلسة بمنتدى الأحساء الاقتصادي وقلت في بداية تلك الجلسة إننا اليوم محظوظون كوننا في واحة الخير وخزان التمر والنفط. وقد أُغرمت بالأحساء من أول نظرة إلى درجة أنني فكرت بأن تكون مقر إقامتي بعد تقاعدي كما يفعل بعض المتقاعدين حين يختارون مكان إقامتهم الجديد، بعد الستين أو السبعين، في لندن أو فيينا أو بيروت أيام كانت بيروت تستقبل ضيوفها «باللغى» اللبناني وليس بلغة الملالي المُرة والمؤذية. كنت أسعد من أهل الأحساء حين بلغني خبر إدراجها في قائمة التراث الإنساني العالمي، فهي تستاهل ذلك لتاريخها وتراثها ومشاركتها في الحضارة الإنسانية المنتجة والمؤثرة، حيث لا يُذكر ماضي الجزيرة العربية إلا وتكون الأحساء، التي عرفت الاستقرار البشري في الألفية الخامسة قبل الميلاد، مثل معزوفة كلاسيكية لا نمل من سماعها والتمايل الأنيق على أنغامها. ومن منا لا يذكر في صباه، خاصة نحن أهل نجد، سوق التمر الذي كنا نغزوه موسميًا مع آبائنا، ومن لا يذكر عين نجم أو عين أم سبعة، أو بقية عيون المياه العذبة التي طالما فُتحت على مزارع النخيل الممتدة على مد النظر.
أما إذا تحدثت عن أهلها، وهذا واحد من أسباب تفكيري بالإقامة التقاعدية فيها، فحدث ولا حرج. الطيبة والكرم وبساطة فسائل النخيل التي تكبر هناك دون ضجيج أو فوقية. وهم يحبون ديرتهم ان الأحسائيين، أينما رحلوا للرزق لا يتأخرون عن العودة إليها ما وسعهم ذلك؛ باعتبار أن شوقهم إليها لا يعادله شوق. وهم لا يلامون على ذلك. كان وديع الصافي، يرحمه الله، يقول «يا بخت من له مرقد عنزة في لبنان» ويبدو أن لسان حال الأحسائيين يقول: «يا بخت من له نخلة باسقة في الأحساء».
لا يسعني، وأنا أحب الأحساء وأهلها، إلا أن أهنئهم وأهنئ نفسي كسعودي بتحقيقها هذا النصر العالمي المرموق، وأتمنى أن أراها دائمًا بأحسن حال وبنفس الابتسامة العذبة التي تعلو دائمًا محياها.
لا يسعني، وأنا أحب الأحساء وأهلها، إلا أن أهنئهم وأهنئ نفسي كسعودي بتحقيقها هذا النصر العالمي المرموق، وأتمنى أن أراها دائمًا بأحسن حال وبنفس الابتسامة العذبة التي تعلو دائمًا محياها.