تصور معي ان لديك قدرا هائلاً من الطاقة لا تعرف كيف توزعها في مسارات متنوعة او بشكل متوازن، خصوصا ان تلك الطاقة حدثت دون مقدمات، تغيرت معها اهتماماتك وتركزت معظم طاقتك على امور يجدها غيرك (غلط) ممارستها، ليقل توزيع طاقتك على الامور الأكثر أهمية.
إنها مرحلة المراهقة.. منازعة الأيام وأدوار الحياة وعدم الوفاق مع الصدق، الطيش الذي لا يعترف بعقل، الحب، الغيرة الاشمئزاز، لا يملكون اي تبرير على أفعالهم أو وحي خارجي يتدخل ليوقفهم.
يجاهدون كمثل أي شخص تتناسل بذهنه الاخطار فيرجًها لا لترفعه بل لتؤصل عجزه،
ولا تترك لمد النظر أمنية إلا وألبستها ما يحشو الحدس الظن بالفجور او الخراب وترقب بعيدا عن الأرض والطين حتى لمصيبة ما.
طبعا انا لا أقف مع سلوكيات المراهقين الغريزية فهذه امور موجودة في اذهان الجميع كفطرة لكن تختلف أماكن تخزينها -البعض- يحاول ان يتجنبها بشيء من القلق والبعض يخوضها ليشعر ان كان يستطيع ولو مع نفسه ان يكون هو الصواب، لكن المشكلة تكمن في شعورهم الدائم بوجود كم هائل من المشاكل، شعورهم هذا هو معاناة لا يستطيعون تحديدها او التخلص منها وكأنهم في دوامة شديدة الدوران تختلط معها حرقة الشك ونزوة الشوق وسخرية الصحب وتكاثر الأفكار واختلاط الكراهية والحب، وضياع اليقين!!
مما يجعل البعض يختل توازنه في مستواه الدراسي او مداومته على اداء الصلوات، ناهيكم عن الاكتئاب بلا نهاية خصوصا مرحلة الثانوية العامة.
مع أهمية الإشارة الى أن رؤوسهم تنضح بملايين الأفكار حتى أطرافهم متأهبة بردود أفعال لا فعل لها، تحية وضحكة وسكينة وشتيمة وانحسار يداري حدة أسنانهم التي تخشى أن تعض أول المخربين لخططهم ولأن كل شيء مباح في كفة الظن، فإنهم يشعرون بأنهم سيموتون بأمر طفيف لا يرى ولا يحس ولا يمكن حتى ذكره مع نعيهم.
احساسهم المتذبذب هذا يشعرهم ايضاً كأن مواعيدهم ستفلت من أيديهم او بصيغة اخرى هروب دائم من مواجهة أنفسهم، وهذا ما يجعل تفكيرهم بصوت مسموع وضحكاتهم مصطنعة وعجز دائم عن انجاز اي شيء بشكل كامل.
انها فترة حاسمة للنمو الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي وكلها تأتي دفعة واحدة.
كل ما علينا تقبل افعالهم بعقل متوازن واحترام كل «الهرطقات» التي تبدر منهم وهضمها كحلوى تساير عقولهم المرتبكة التي لا تحب المقدمات ولا التحليلات دون إسقاط العقاب اذا لزم الامر.
[email protected]