ويُفهم من ذلك أنَّ تصحيحَ الأخطاء الماديَّة البحتة يكون بناءً على طلب أحدِ الخصوم؛ أو تقوم به المحكمة من تلقاء نفسها؛ حيث تقوم به الدائرة مصدِرةُ الحكم في ضبط القضيَّة نفسها بدون مرافعة، أي بدون سماع أقوال الخصوم أو من يمثِّلونهم. وللمحكمة سلطتها التقديرية في قبول أو رفض طلب التصحيح؛ فإن قبلت المحكمة وأصدرت قرارها بالتصحيح؛ فيجوز الاعتراض عليه وفقًا لطرق الاعتراض الجائزة.
أما بالنسبة لتفسير الأحكام؛ فيكون للخصوم كذلك وفقًا لما نصَّت عليه المادة (173) من نظام المرافعات الشرعيَّة أن يطلبوا من المحكمة التي أصدرت الحكم تفسيرَه وإيضاحَه في حال اشتماله على لبسٍ أو غموضٍ؛ بغية رفع وإزالة ذلك اللبسِ أو الغموضِ الذي اكتنفَ منطوقَ الحكم، ويكون ذلك بصحيفة وفقًا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى. أما إذا كان منطوقُ الحكم واضحًا وصريحًا لا لبْسَ فيه ولا غموض فإن دعوى التفسير في هذه الحالة تكون غيرَ مقبولةٍ.
ويقوم القاضي بتفسير الحكم الذي أصدره ما دام على رأس العمل، سواء أكان في نفس المحكمة أم في غيرها، أما إذا لم يكن على رأس العمل لأيِّ سببٍ من الأسباب التي حالتْ بينه وبين ذلك؛ فإنَّ الحكمَ المراد تفسيره يتمُّ رفعه إلى محكمة الاستئناف لكي تقرِّر ما يلزم بشأنه. وتكمنُ الحكمةُ في إسناد مهمَّة تفسير الحكم للقاضي الذي أصدره إلى أنَّه هو الأجدرُ والأقدرُ على تفسير الحكم الذي أصدره.
وتنحصر سلطة المحكمة بصدد تفسير الأحكام في كشف وإزالة اللبس أو الغموض الذي شاب منطوق الحكم، دون أيِّ مساسٍ بذاتيته؛ أو النظر في مدى مطابقته للنظام أو للواقع الثابت بالأوراق؛ لأنَّ سلطة المحكمة تقف عند هذا الحدِّ ولا تتجاوزه، والتصدي لأيِّ خطأ أو عيب اشتمل عليه الحكم يقع ضمن اختصاص الجهات المعنيَّة بنظر الطعون على الأحكام.
ويتم تقديم طلب تفسير الحكم بالطرق المعتادة لرفع الدعوى؛ عن طريق صحيفة تقدَّم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم؛ على أن يحدِّد الجانب الذي اكتنفه اللبسُ أو الغموضُ في هذا الحكم. وجدير بالذكر أنَّ الطلب المقدَّم بتفسير الحكم يكون غيرَ مقيَّد بوقت، أي أنَّه غيرُ مقيَّد بمواعيد الطعن الواردة على الأحكام؛ والتي تتقيَّد بمدَّة زمنيَّة ٍمحددَّة تسقطُ بانتهائها.
ويدوَّن الحكمُ الصادر بالتفسير على نسخة الحكم الأصليَّة، ويوقِّعها ويختمها قاضي (أو قضاة) المحكمة التي أصــدرت الحكمَ، ويُعـدُّ التـفــسير متمِّـماً للـحكم الأصليِّ؛ ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصَّة بطرق الاعتراض، وذلك وفقًا لما نصَّتْ عليه المادة (174) من النظام.
[email protected]