DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الأطعمة الفائقة والمساحيق المركزة

الأطعمة الفائقة والمساحيق المركزة
بدأت تغزو الأسواق العالمية والنشرات الصحية والمجلات المختصة بالغذاء وشؤون الصحة العامة، مصطلحات جارفة ومغرية ومؤثرة في الدعاية لبعض أنواع الأغذية، التي يطلق عليها superfood، وأغلبها منتجات موجودة أصلا منذ زمن طويل، وربما تنتجها بعض المجتمعات التي تعيش على عناصرها الغذائية، لكنها لا تكون معروفة على نطاق واسع لدى المتخصصين في الغذاء، ولم تهتم بها مراكز التوعية الصحية أو المناهج التعليمية في المدارس. ومنها ما ينتمي إلى الفواكه مثل: الرمان، والتوت الأزرق، ومنها ما يدخل ضمن فصيلة الخضار مثل: البروكلي، والشمندر الأحمر، والجرجير، والملفوف، والراوند، والخرشوف، والهليون، والفجل الأحمر، ومنها ما يعد من الحبوب أو البراعم مثل: الكركم، واللوز، والزنجبيل، والكاكاو، وبذور الكتان، وبذور الشيا (والأخيرة ذات شأن كبير في هذا المجال، فهي كنز من المحتويات الغذائية المهمة).
أما الجزء الأكثر حداثة في مجال الغذاء الجديد، فهو المتعلق بما يُطلق عليه soylent، وهو مصطلح يشير إلى فيلم الخيال العلمي (Soylent-Green)، الذي تجري أحداثه في سنة 2022م، حيث يجري قتل الناس، وتحويل مكونات أجسامهم بكاملها، وليست اللحوم فحسب، إلى نوع من الأطعمة الفائقة (Superfood). لكن مصطلح «سويلنت» هذا الذي أطلق على ذلك المنتج الجديد هو اشتقاقي مأخوذ من كلمة soy، التي تعني الصويا، وكلمة lentil، التي تعني العدس. ومحتوى هذا المسحوق المركز مكون من عناصر مجففة لكل ما يحتاجه الإنسان من غذاء، ليقوم بتناوله الشخص عدة مرات في اليوم، ويغنيه عن أي طعام آخر.
بالطبع ربما يتبادر إلى أذهان كثير منا، أن مثل هذا الطعام قد يكون ملائما لرواد الفضاء، الذين يحتاجون أطعمة سهلة التناول، وتمدهم بما يحتاجونه من عناصر غذائية، ولا تحتاج إلى مساحات تخزين واسعة. لكن الوصول إلى تركيز كل تلك العناصر في عجينة واحدة تُجفف، ثم تحول إلى مسحوق يجري تعليبه وحفظه لسنوات يعد شيئا رائعا لمستقبل البشرية، خاصة في المناطق التي تعاني من سوء التغذية أو الجفاف، أو للمرضى الذي لا يستطيعون تناول كثير من الأطعمة التي يحتاجون إليها، فربما يتم تذويب ذلك المسحوق في ماء يتناوله المريض بسهولة. كما أن منتجي ذلك العنصر المركز قد استفادوا من تجارب أمم عاشت على بعض المواد الغذائية، التي تعد ضمن ما أسميناه في بداية المقال superfood. ومن تلك الأمم الإنكا والمايا والآتسيك في أمريكا الجنوبية، وبعض الشعوب البدائية في غينيا الجديدة، وبعض سكان المناطق الأفريقية الغنية بتلك العناصر الغذائية. حيث عاشوا على عناصر أولية مفيدة جدا، مثل الأتشاي والأمارنت والماكا والكينوا والماكي وغيرها.
الطريف أنه - حسب الصحفي الذي قام بتجربته لمدة ثلاثة أسابيع - يشبه في طعمه الكتب القديمة، فهل سبق له تجربة أكل الكتب القديمة؟ لا أدري! لكن المشكلة الأكبر هي أن طعم الوجبات جميعها سيكون واحدا، مما يجعل الملل يتسرب إلى الشخص من تناول الطعام. مثلما أنه قد يسبب مشكلات هضمية بسبب تحول كل الأطعمة التي يحتويها إلى عناصر جافة، أم سيكون الإنسان قد حقق طفرة جينية تجعله يتقبل مثل هذا التحول في طعامه؟ فهل سيكون هذا المسحوق هو غذاء المستقبل؟ أم إنه من صرعات شركات الإنتاج، التي ما تلبث أن تجد بضاعة أخرى أكثر رواجا، فتعدل عنه إلى نشاطات أخرى. هذا ما ستجيب عنه مراكز البحث العالمية، ودراسات الجدوى التي تُعمل على هذا المنتج وما شاكله، وأيضا مدى تجاوب أغلب الشعوب المتباينة في تذوقها الطعام، وطرقها المختلفة في إعداده، وكذلك مدى كونه في متناول الفقراء الذين يعتمدون حاليا على زراعة الأرض من حولهم، وتناول الطعام غير السوبر!
[email protected]