ولأن عقلية متسلطي جمهورية العمائم، لم تقرأ مجريات التحول الدولي، لذا لم تستطع فهم المناخات الإيجابية، منذ خطوة «الرفيق» الكوري الشمالي الأخيرة نحو العالم عامة، وواشنطن بشكل خاص، وربما رسالته الصريحة لـ«أصدقائه» في طهران، وملخصها أن اللعب على وتر «الزر النووي» لم يعد يوفر الحماية لنظامه أو أي نظام آخر متهور، مع الإدراك الكامل أن إدارة البيت الأبيض الحالية لن تتحمل أي خطأ في الحسابات الشعبوية، ولوحت أكثر من مرة بأن الثمن سيكون فادحا.
ولهذا، كانت ورطة النظام الإيراني الراهنة بعيدا عن حسابات المصالح الأوروبية المعتادة والتي لا يمكن نفي خطوتها التنسيقية مع واشنطن تجبره على تجرع ذات كأس السم التي تجرعها قبل ثلاثة عقود مؤسس جمهورية العمائم في طهران، خلال حربهم مع العراق، وبعيدا عن تسويق مزاعم استعداد طهران لمواجهة خيارات ما بعد قرار الرئيس ترامب، إلا أن الحقيقة أن دولتهم المارقة -وفق كثير من المحللين- لا تملك أية خيارات حالية للمساومة، و«تعلم جيدا أنها غير قادرة على تطبيق النموذج الكوري الشمالي لا في المواجهة ولا في المصالحة، ولكنها تتجنب مجددا تجرع كأس السم نفسها التي وضعها لها الزعيم الكوري الشمالي على الطاولة بوصفه مخرجا وحيدا لتجنب مواجهة غير متكافئة عسكريا واقتصاديا مع واشنطن وحلفائها».
نعتقد أن مناورات إيران لن تتوقف، وأن لعبة «التقية» السياسية في جماجم منظريه وكهوف أتباعه، باتت مكشوفة تماما، ستستمر طالما بقى هذا النظام متوهما أن بإمكان عضلاته استمراء لعبة أوهام القوة والنصر، ومع ذلك فإنه الآن أمام خيار وحيد، الانصياع للإرادة الدولية، أو الانتحار وحيدا كما حيوانات «الفقمة» على شواطئ أحلام الزر النووي.. وسنرى.!