جاء العامل السعودي في نهاية يوم شديد الحرارة قاصداً برادة الماء ليشرب ويروي عطشه.. جاء مجهداً ومتعباً، وما أن ملأ الكأس وأراد أن يبرد جوفه من لهيب الحر إلا وجاءه مهندس أمريكي وقال له بغلاظة وفظاظة: أنت عامل ولا يحق لك الشرب من الخدمات الخاصة بالمهندسين!
رجع العامل المسكين مهموماً، وأخذ يفكر أياماً وأياماً ويسأل نفسه: هل أستطيع أن أكون مهندساً يوماً ما وأكون مثل هؤلاء؟
توكل على الله وعقد العزم، وبدأ بالدراسة الليلية ثم النهارية، وبعد السهر والجهد والتعب والسنين حصل على شهادة الثانوية.. ثم تم ابتعاثه إلى أمريكا على حساب الشركة، وحصل على بكالوريوس في الهندسة ورجع لوطنه.. ظل يعمل بجد واجتهاد وتدرج في العمل في شركة أرامكو، وأصبح رئيس قسم ثم شعبة.. إلى أن تم تعيينه كأول رئيس سعودي لشركة أرامكو، ثم عين فيما بعد وزيراً للبترول والثروة المعدنية ورئيساً لأرامكو في عام 1995م.
أصبح ذلك العامل بالأمس ورئيس أرامكو اليوم مديراً على المهندس الأمريكي الذي زجره ومنعه الماء قبل سنوات.. فصادف أن احتاج الأمريكي إلى توقيع إجازته من رئيس أرامكو.. وقال له: أرجو يا سيدي أن توافق على إجازتي، ولا تجعل موقف «الماء» يؤثر على عملك الرسمي..!!! رد عليه بأخلاق الكبار: أحب أن أشكرك من كل قلبي على منعي من الشرب.. صحيح أنني حقدت عليك ذلك الوقت ولكن أنت السبب بعد الله فيما أنا عليه الآن!!
هل عرفتموه..؟
إنه المهندس «د. علي النعيمي»، وزير البترول والثروة المعدنية في أيام مضت.. موقف بسيط غير حياته 180 درجة، ربما لو لم يحدث ذلك الموقف الذي حرك هذا العامل، لما عرفنا من هو «النعيمي» ولا علمنا عن قصته.
أخيراً..
ينبغي أن نتحدث ونتحدث دوماً عن النجاح وعن قصص الناجحين، ونروي قصص النجاح لأولادنا وطلابنا ومن حولنا، لعل وعسى عدوى النجاح تصيب الناس، وينتقل فيروسها إلى مجتمعاتنا فيجتاحها.. فما أجمل عدواه، وما أروع فيروساته!
* من روائع شيخنا الشافعي رحمه الله..
وتضيقُ دُنيانا فنحسَبُ أنَّنا
سنموتُ يأساً أو نَموت نَحيبا
واذا بلُطفِ اللهِ يَهطُلُ فجأةً
يُربي منَ اليَبَسِ الفُتاتِ قلوبا
قل للذي مَلأ التشاؤمُ قلبَه
ومضى يُضيِّقُ حولنا الآفاقا
سرُّ السعادةِ حسنُ ظنك بالذي
خلق الحياةَ وقسَّم الأرزاقا
ولكم تحياتي