فالمملكة، ومنذ سنوات، حاولت إفهام «عمائم قم» أن زمان الامبراطوريات قد انتهى، وأن العلاقات الديبلوماسية السوية لا تقوم أبدا على التدخل في شؤون الآخرين والتحريض ورعاية ميليشيات الإرهاب، ولكن لأن لا حياة لمن تنادي، كان لا بد لنا في عهد الحزم والحسم، أن نتصدى بقوة لكل ما يمثل تهديدا لأمننا ويؤثر على استقرارنا، وأن نتحمل مسؤولية الوقوف أمام الأطماع الفارسية القديمة التي لم تفهم بعد أن عصر الهيمنة والاستحواذ والتعامل بمنطق «شرطي الخليج» قد انتهى.
لهذا كانت كلمة الوزير الجبير فاضحة لكل السلوكيات الخارجة عن كل الأعراف، وعندما أكد أن مشاكل منطقة الشرق الأوسط بدأت مع ثورة الخميني في إيران عام 1979، حيث حاولت زعزعة استقرار سوريا والعراق واليمن ولبنان، كما أنها وفرت ملاذا آمنا لأسامة بن لادن الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، فإن الوقائع على الأرض تثبت ذلك، سواء من الرعاية المباشرة لأجنحة الإرهاب والتطرف، أو من جهة اقترافها الفعلي للعديد من الجرائم والممارسات والتدخلات في شؤون الكثير من دول المنطقة والعالم.. والأدلة على ذلك أكبر من إحصائها في جملة عابرة، بدءا من تدريب وإدارة الخلية التي قامت بتفجير الأبراج في المملكة عام 1996، وليس انتهاء برعايتها كل الجرائم الراهنة.. وتوفير الملاذات الآمنة لعناصر التنظيمات المتطرفة، ودعمها ميليشيات الحوثي الانقلابية وجرائمها في اليمن وكذلك حزب الله في لبنان وأجنحته الأخرى بالعراق وسوريا.
مشكلة النظام العنصري الفارسي، أنه لا يعي حقائق العالم الحديث، ويعيش فقط داخل أوهامه التي تعشش في مجموع أجنداته ليغطي بها على فشله الداخلي بعد أن انكشفت عوراته، ويحاول تصديرها لجيرانه الإقليميين، وهذا إفلاس تاريخي، يجب إنهاؤه بالالتزام بالأعراف والمواثيق الدولية إذا أرادت إيران أن تتعايش كدولة طبيعية، ويبدو أن هذا لن يحدث حتى إشعار آخر.