DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الروائي العراقي نجم والي

أظهرت حقيقة الوضع العراقي في رواياتي لأنني لا أريد تجميل الواقع

الروائي العراقي نجم والي
 الروائي العراقي نجم والي
أخبار متعلقة
 
«نجم والي» أديب وقاص عراقي صنع لنفسه مكانة مرموقة على خريطة الأدب العربي من منفاه بألمانيا التى يعيش فيها منذ أكثر من عشرين عاما بعد أن خرج من وطنه مع بداية حرب الخليج الأولى عام 1980. أصدر عدة مجموعات قصصية منها «ليلة ماري الأخيرة» و «فالس مع ماتيلدا» وأصدر ثلاث روايات هى «الحرب فى حى الطرب» و «مكان اسمه كميت» و «تل اللحم» وهى الرواية التى أثارت جدلا نقديا واسعا وقوبلت أيضا بردود أفعال متباينة لدى القراء . . وخلال وجوده فى القاهرة كان لـ(اليوم) هذا الحوار مع الروائي العراقي نجم والي:  هل كان خروجك من العراق عام 1980 حينما اندلعت حرب الخليج الأولى توقعا منك لما يحدث الآن؟ - ليس توقعا بالضبط، ولكنه كان هاجسا بأن العراق بدأ فى عام 1980 طريق الانهيار ، وبداية هذا الانهيار كانت مع اتخاذ قرار الحرب ضد إيران، فانتابنى هاجس بأنه لن يكون هناك خير بعد الآن، وأن هذه الحرب لن تكون الحرب الأخيرة، بل ستكون هناك حروب أخرى، لأن التاريخ يقول إن أية دولة تدخل فى حرب فلن تتوقف عن الحروب ، وقد تحقق ما توقعت ولكن الخراب الذى أصاب العراق الآن لم يكن من الممكن أن يصل إليه أى تخيل.  بعد هذه السنوات من الغياب عن الوطن الحبيب كيف وجدت العراق حينما زرته مؤخرا؟ - منذ أن سقط النظام العراقي وأنا تراودنى الرغبة فى زيارة العراق لكنني كنت مترددا لأسباب عدة منها ما يتعلق بالوضع غير المستقر ومنها ما يتعلق بأسباب أخرى لكنها أساسية فقد كان لدي خوف من أن تتحطم صورة حلمية جميلة لدي اخترعتها وشكلتها عن البلاد احتفظت بها خلال سنوات الغربة وما رأيته شكل صدمة لي، ليس على المستوى غير المتوقع، بل على مستوى ما هو أبعد من المتوقع، فكنت أعلم تماما أن هناك خرابا في العراق نتيجة الحروب الكثيرة، لكن ما راعني هو خراب الذات وليس خراب البنى التحتية في المدن والأرياف والتي يمكن إعادة بنائها لكن الخراب الكبير الذي يصعب إعادة بنائه هو خراب الإنسان، وكان لدي حدود متخيلة لخراب الإنسان لكن ما لقيته يفوق كل تصور برغم أنني كنت أعيش جانبا من تمثيلات هذا الخراب بالعراقيين الذين قدموا في السنوات الأخيرة إلى المنافي الأوروبية حيث أعيش، لكن كنت أجد ذلك خارج المكان الذي يتحرك فيه العراقيون، ما وجدته في داخل العراق هو ان العراقيين مذلون مهانون.  إلى أي مدى كنت تتابع حركة الأدب فى العراق من منفاك فى ألمانيا قبل الغزو وبعده؟ - كنت أقرأ ما أحصل عليه من كتابات العراقيين، وأنا بطبعي قارئ جيد وانتقائي، بمعنى أنه كانت تصلنى أطنان من الكتب، ولكنى لم أقرأ إلا ما يفيدنى، فقرأت أهم الكتابات العراقية وكتبت عنها أيضا ولذلك فأنا أعتبر أننى كنت خلال هذه السنوات متابعا جيدا للحركة الثقافية العراقية بالفعل.  صورت في روايتك الأخيرة «تل اللحم» العراق على أنه ماخور كبير، اليد العليا فيه لزبانية الشرطة والسلطة وتعذيب وهروب وخراب وهويات مفتتة . فلماذا؟ - بدأت كتابة رواية «تل اللحم» عام 1999 وكان العراق قد وصل إلى آخر مراحل خرابه بسبب الحربين ضد إيران والكويت ثم الحصار الظالم ضد الشعب العراقي، وكنت ملما بهذا المشهد ليس من مشاهدتى للتليفزيون فقط، بل أيضا من لقاءاتى مع العراقيين فى الخارج، وحينما كتبت كانت فى ذهنى صورة هذا الخراب، وأنا بطبعي لا أنتمى للمدرسة التى ترى ضرورة تجميل الواقع، بل أرى أن وظيفتى هى أن أقدم للقارئ الحقيقة دون أى حل وعليه هو أن يجد حلا لهذا الواقع، وحينما نشرت رواية «تل اللحم» فوجئت بهجوم عنيف من كل الطوائف فى العراق، حتى أن كلا من السنة والشيعة اتهمونى بمجاملة الطرف الآخر، وذلك لأننى لن أنحاز لأى طرف منهما، بل تمكنت من الالتزام بالمعادلة الصحيحة وقد استنكروا عليّ وقتها الحديث عن السنى والشيعي، ولكن ها هى الأحداث تثبت أننى قدمت صورة حقيقية رغم أنى كنت أكتبها على أنها جزء من الخيال ، مما جعلنى أتساءل : هل الواقع يقلد الأدب أم أن الأدب هو الذى يقلد الواقع.  هل حاولت فى «تل اللحم» أن تكتب تاريخا تحتيا للمجتمع العراقي خلال ربع القرن الأخير . . أم معكوسا لتاريخ السلطة؟ - لا يمكن فصل السلطة عن المجتمع العراقي خلال ربع القرن الأخير، لأن التبادل كان قائما بين الطرفين، فالمجتمع العراقي فى بدايته كان يريد أن يتطور فى اتجاه والسلطة كانت تجذبه فى اتجاه آخر بحروبها وقهرها، فأسهمت فى ظهور الجانب السلبي فى الشعب، فالعنف والكراهية موجودان فى كل مجتمع، لكن أن يسيطرا ويكونا هما السائدان، فهذا يحتاج إلي سلطة تغذيه وبدونها لن يستمر هذا، وأنا أردت أن أكتب تاريخا لهذه المرحلة، لأنه لا يوجد تاريخ حقيقي مكتوب لها، بل كل ما كتب كان بأمر السلطة، لأنى كروائي أكتب التاريخ عن طريق رواية تعتمد على مجموعة من الحقائق.  هاجمت بشدة قرار الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بسبب عدم ضم العراق إلى عضويته رغم ما أعلنه الاتحاد من محاولات لضم العراق إلى عضويته. . فلماذا؟ - ما حدث في مؤتمر اتحاد الأدباء العرب هو مناسبة للتأمل في آليات التفكير في حياتنا الثقافية. فمن يعتقد أن عزل اتحاد الأدباء العراقيين الذي مارسه بحقه اتحاد الكتاب العرب، له علاقة بالحجة التي صرح بها الرئيس الجديد في حينه، أو أمر يقتصر على الاتحاد فقط، سيخيب ظنه، فتهمة العمالة للاحتلال الأمريكي التي صرح بها رئيس اتحاد الكتاب العرب الجديد، بصفتها السبب الوحيد الذي كان وراء استثناء دعوة العراقيين، هي حجة سمجة للاستهلاك المحلي والصعود الوظيفي ليس إلا، ومن الضروري البحث عن الاستقلالية التي يفتقدها الزملاء العرب عند زملائهم العراقيين، لأن التهم التي تكال للعراقيين، هي أبعد من اتحاد الكتاب العرب. وليس من المبالغة القول، إنها تهمة أصبحت شائعة، وانتقلت مثل فيروس من فم إلى فم، يواجهها معظم الأدباء العراقيين، سواء في اللقاءات الثقافية التي يُبعدون عنها، أو في الصفحات الثقافية، التي أصبحت أرضاً حراماً بالنسبة لإبداعاتهم ومساهماتهم.  ما الذي منحته لك ألمانيا وإسبانيا ، والمدن التي مررت بها أو عشت فيها خلال منفاك؟ - في ليلة 28 أكتوبر 1980غادرت العراق، وهذا يعني أننى قضيت نصف حياتي تقريباً في المنفى، وأنا مدين بنضوجي الإنساني والأدبي لهذه التجربة، ليس العيش وحده شكلني من جديد، إنما تعلم لغات جديدة سمح لي بالدخول إلى عوالم جديدة، تعلم لغة بلد ما يعني الدخول في ثقافته، وذلك ما حدث لي من 1980 حتى 1987 كانت تجربة ألمانية خالصة، دراسة الأدب الألماني في جامعة هامبورج حتى الحصول على شهادة الماجستير، تخللت تلك الإقامة بعض الرحلات السياحية إلى بلدان أوروبية أخرى، كانت سنوات النهم والتعلم والإنغمار بالتجربة الجديدة، مارست مختلف المهن، مررت بالعديد من التجارب، عشت في العديد من بيوت السكن الجماعي والطلابي، ثم كانت التجربة الثانية من نهاية 1987 حتى نهاية 1991 تجربة أسبانية خالصة، حيث درست في جامعة مدريد وعشت هناك بحماس وكانت تجربة فريدة، وكانت هناك تجارب أخرى، الإقامة الدراسية في أوكسفورد ستة أشهر، في سانت أنطوان كوليج، وفي فلورنسا أقمت 6 شهور، تعلمت الإيطالية قليلاً. وفي كل هذه التجارب، عشت بحرية، سمحت لنفسي بأن ألقي بها في التجربة، رميت كل الأحكام المسبقة التي سمعتها عن أوروبا الغربية، جانبا، كان من الضروري أن أقول لنفسي ومنذ اللحظة الأولى إن كل ما تعلمته في العراق صفر، الآن تبدأ الحياة، إن العيش بحرية وتعلم لغات، فتحا أمامي آفاقا مفتوحة، كل رحلة عبر بلد جديد، هو تعلم طرائق جديدة بالعيش والنظر للعالم من زاوية أخرى، كل قراءة لكتاب جديد وبلغته الأصلية، هو تعلم تجربة جديدة، ألا يكون متعة خالصة، ليس لأن الروايات تفقد الكثير أو القليل بعد ترجمتها، إنما لأن من المستحيل متابعة ما ينتج يوميا من روايات وكتب في العالم.