DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

غلاف الكتاب

أسوار وقلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة

غلاف الكتاب
أخبار متعلقة
 
صدر عن دار زهراء الشرق في القاهرة كتاب (أسوار وقلعة صلاح الدين) الكتاب من تأليف الدكتور خالد عزب مدير إدارة الإعلام في مكتبة الإسكندرية، الكتاب الذي تأخر صدوره منذ العام 2001 بسبب انشغال المؤلف بمهامه الإدارية بمكتبة الإسكندرية، يكشف لأول مرة بالمادة العلمية والصور الفوتوغرافية الدور الذي قام به في الكشف عن أسوار صلاح الدين الشرقية بمنطقتي الدرب الأحمر والباطنية ذلك المشروع الذي عمل فيه في السنوات من 1996 إلى 2001 من خلال الحفائر التي قام بها، والتي كشفت عن أجزاء وتفاصيل في السور لم تكن معروفة من ذي قبل، ومن المثير أن حفائره هذه هي التي قامت مؤسسة آغاخان بتوظيفها كظهير لحديقة الأزهر، تطورت هذه العلاقة لتتحول إلى مشروع متكامل لتنمية منطقة الدرب الأحمر. فضلاً عن أطروحته لدرجة الدكتوراة التي درس فيها تطور عمارة مقر الحكم في مصر، وهو هنا يقدم لنا فضلاً عن الأسوار قلعة صلاح الدين الأيوبي التي تعد مع الأسوار خطا دفاعياً حصيناً شيده صلاح الدين ليدافع عن العاصمة المصرية في وجه الهجمات الصليبية. يذكر المؤلف في مقدمة الكتاب إنه يحاول من خلال كتابه تقديم صورة متكاملة للرؤية الاستراتيجية الحربية للسلطان صلاح الدين الأيوبي وهو مؤسس دولة كان عمرها الزمني قصيرا، لكن تأثيرها السياسي كبير، فعلى الرغم من المحاولات المستمرة لتشويه صورته أو الانتقاص من قدره، إلا أن جهوده ومآثره ظلت وإلى الآن دون العناية المرجوة، فصلاح الدين إنسان بشر يخطئ ويصيب، ومحاولة اصطياد الأخطاء للتقليل من شأنه، هي دون مستوى إصابة كبد الحقيقة، فالتقييم الموضوعي يجب أن يكون المجال الذي نسعى إليه لإبراز السلبيات والايجابيات لأي قيادة سياسية، على أن يتم ذلك وفق معطيات ومفاهيم عصره لا عصرنا. كان صلاح الدين الأيوبي رجل دولة، لذا جمع حوله شخصيات قوية، لها خبراتها أعانوه على الحكم، وناصروه في معاركه، فبهم حقق ما كان يصبو إليه. فقد اعتمد على عدد من رجال الدولة الأقوياء كبهاء الدين قراقوش الذي يعود إليه الفضل في التنفيذ الحاسم لأسوار وقلعة الجبل ذلك المشروع الاستراتيجي الذي هدف به صلاح الدين إلى حماية القاهرة من الهجمات الصليبية المتكررة، ونجح مشروعه في هذا إضافة إلى أنه حول مصر إلى قاعدة سياسية وحربية لمجابهة الصليبين. مشروع تحصين العاصمة المصرية اشتمل على بناء سور عظيم مازالت أجزاء كبيرة منه باقية، تجعله الثاني في العالم بعد سور الصين العظيم من حيث الطول، هذا السور العظيم ضم القاهرة وضواحيها، فضلاً عن مدينة الفسطاط، وتتوسطه قلعة كبيرة عرفت في المصادر التاريخية باسم قلعة الجبل. أما عن نقطة البداية في هذا المشروع، فهي على الأرجح من امتداد السور الشرقي عند لقائه بالسور الشمالي للقاهرة الفاطمية، يدلل على ذلك ما عثر عليه من أحجار ذات كتابات هيروغليفية في الجزء المكتشف من السور أمام مستشفى الحسين الجامعي حاليا، ويبدو أن قراقوش رأى في مرحلة مبكرة من المشروع أن جلب الأحجار من أهرامات الجيزة التي تعود لعصر الدولة القديمة أمر باهظ التكلفة، فرجع عنه. كما يعد السور الشمالي المرحلة الثانية في المشروع. أما المرحلة الثالثة فهي المرحلة التي تبدأ من القلعة لتضم الفسطاط التي بدء فيها سنة 581هـ/ 1185م . أي بعد تسع سنوات من تاريخ البدء في بناء مشروع السور بصفة عامة. ولعل ذلك يرجع إلى العناية بالسور الشرقي والشمالي إذ كانت غالباً الهجمات تنصب عليهما. يضم الكتاب فصلين، الأول يتحدث عن أسوار القاهرة الأيوبية، يتضمن تحليلاً لعمارة أسوار القاهرة الأيوبية التي تعد أفضل أسوار المدن التي مازالت باقية إلى اليوم، وفيه نتعرف على أبواب السور كالباب المحروق الذي اكتشف في سنة 1950 لأول مرة، واستكمل المؤلف الكشف عن أجزائه المختلفة حتى كشف المؤلف عن فرن للخزف يعود للعصر العثماني في برجي الباب، يكشف عن تحول وظيفة السور والباب، هذا الباب ارتبط بحادثة تاريخية شهيرة، وهي هروب كل من الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون عند مقتل الفارس أقطاي منه، حيث أحرقوه فعرف منذ ذلك التاريخ بالباب المحروق، ويذكر هنا إن المجلس الأعلى للآثار بالاشتراك مع مؤسسة آغاخان يسعيان إلى إعادة فتحه مرة أخرى ليكون أحد المداخل الرئيسة لحديقة الأزهر. في هذا الفصل نرى تعريفا شاملاً للأبراج ويعد البرج من أكبر الأبراج الباقية إلى اليوم، وموقعه الآن خلف مسرح حديقة الأزهر، هذا البرج الذي غطى طابقه الأسفل بقبة ضحلة رائعة تعد الأكبر في العمارة الحربية في مصر، به العديد من التنقيبات المعمارية التي تدل على براعة فائقة للمعماري الذي صممه كالسلالم التي توجد بين طوابق السور الثلاثة والطريقة التي وصل بها المعماري بين البرج وامتداده الجنوبي وكذلك الشمالي، ومن المعروف أن الأبراج الثلاثة التالية لهذا البرج كشفت لأول مرة في حفائر المؤلف بالسور. كما يعرفنا المؤلف على أبراج الرماية التي تتخلل بدن السور وكذلك على الممشى العلوي له والساتر الذي يأخذ شكل شرافات نصف دائرية أعلاه. وقد خطط السور لكي ينتهي عند طرفيه الشمالي والجنوبي ببرجين كبيرين بمثابة قلاع صغيرة تشكل نقطتي ارتكاز لنهاية وبداية السور، فضلاً عن نقطة الارتكاز الرئيسة الوسطى المتمثلة في قلعة صلاح الدين، يقوم هذان البرجان بعدد من الوظائف منها: أنهما مركزا قيادة وتحكم فرعين يقومان بالإشراف على الحراسة والمناوبة على طول السور يتوليان الإشراف على أعمال مراقبة أي هجوم وصده وإعاقته. البرج الأول : برج المقس ويقع في نهاية السور الشمالي، وموقعه اليوم قرب جامع أولاد عنان. عرف هذا البرج بقلعة المقس أو قلعة قراقوش . ظل هذا البرج قائماً إلى أن هدمه الوزير شمس الدين أبو الفرج عبد الله المقسي وزير الملك الأشرف شعبان بن حسين بن قلاوون، وذلك عند تجديده جامع المقسي المذكور، وجعل في موضع البرج بستانا، ويرجح أن هدمه كان بين عامي 770-779هـ/ 1368- 1377م. البرج الثاني : عرف هذا البرج بقلعة الكوم الأحمر كما عرف بقلعة يازكوج. أما العنصر الثاني في خطة بناء السور من حيث الأهمية الدفاعية، فهي الأبراج المفصلية، هذه الأبراج قد تقع عند التقاء مفصلية بالسور، على غرار برجي المقس والكوم الأحمر، ولكن الأبراج المفصلية ليست بمثابة قلاع صغيرة، ولكنها أبراج ضخمة، تبقي لنا نموذجين منها هما: برج الظفر: يقع هذا البرج عند التقاء السور الشمالي الفاطمي بالسور الشرقي الأيوبي، وهو برج ضخم يتكون من ثلاثة طوابق، مازال باقياً إلى اليوم، وردت تسمية برج الظفر على خريطة الحملة الفرنسية للقاهرة، يتكون البرج من ثلاثة طوابق، الطابق الأرضي يفتح على الشارع الداخلي بالمدينة بعقد وينزل منه إلى أرضية الطابق بدرج يغطي المنطقة الوسطى للبرج قبة ضحلة يوجد في مناطق التقائها بجدار الطابق مقرنص من حطة واحدة، ويفتح على الطابق ثماني فتحات من المزاغل موزعة على ثلاثة أرباع الدائرة، ومن الملاحظ أن القبة تفتح بها فتحات شبابيك مستطيلة من الطابق العلوي، وهو عبارة عن ممر مقبي حول القبة تفتح عليه 6 فتحات مزاغل عميقة، كل واحد منها عبارة عن قبو ينتهي بفتحة المزغل. أما الطابق الثالث فهو مندثر الآن، وكان عبارة عن طابق غير مسقوف به فتحات مزاغل. أما الفصل الثاني من الكتاب فيقدم لنا المؤلف ولأول مرة رؤية شاملة لقلعة صلاح الدين الأيوبي مصححًا بها عددا كبيرا من الأخطاء الشائعة، حول هذه القلعة، وقد أعد هذا الفصل ليكون مرشدا للباحثين والدارسين وزوار القلعة إليها، إذ يشتمل على وصف مبسط للمنشآت الباقية في القلعة من أسوار وأبواب، فضلاً عن سعي المؤلف إلى الكشف عن التطور العمراني للقلعة في العصور المختلفة منذ إنشائها حتى نهاية عصر أسرة محمد علي . فيتعرض لقلعة الجبل أو صلاح الدين الأيوبي، ويكشف المؤلف عن أن مؤسس القلعة بهاء الدين قراقوش قد قام بفصل النتوء الذي أقيمت عليه القلعة عن جبل المقطم مستخدما الأسرى الصليبيين في ذلك، هذا النتوء الذي تحول لخندق يخترقه اليوم طريق صلاح سالم . ثم استخدم قراقوش الأحجار الناتجة عن عملية الفصل في بناء القلعة وأسوارها. المؤلف في كتابه يقدم نظرية تقوم على أن القلعة مكونة من أربع مناطق، هي النطاق الشمالي وهو نطاق كان يتقدم القلعة لذا شهد تحصيناً كبيراً بأبراج دائرية في العصر الأيوبي وكذلك مستطيلة كبرج كركليان، كما كانت به ثكنات الجند، ونطاق سلطاني حيث قصور السلطان وقاعة العرش وساحة استعراض الجند وكذلك المسجد الجامع الذي جدده الناصر محمد بن قلاوون الذي مازال باقيا إلى اليوم . والنطاق الثالث هو الإسطبل السلطاني حيث كانت الخيول تدرب وتقيم، الذي عرف لاحقاً باسم باب العزب، والنطاق الرابع هو ميدان القلعة حيث كانت تقام صلاة العيد ويستعرض السلطان الجنود ويستقبل السفراء ومازال باقيا فيه جزء من سور الميدان ومسجد الغوري ومسجد الوالي العثماني محمد كتخدا. بنيت القلعة على نتوء صخري بارتفاع 75 م يمتد غربا من جبل المقطم وهو في منتصف الطريق بين القاهرة والفسطاط . وطبقا لرواية المقريزي اختار صلاح الدين موقع القلعة بنفسه بواسطة تعليق ثلاث قطع من اللحم في ثلاثة مواقع، كان موقع الرصد أكثر هذه المواقع التي بقي فيها اللحم أطول فترة ممكنة دون أن يفسد، وهو ما يوضح لنا أهمية المميزات البيئية والصحية في اختيار الموقع . وبالرغم من ذلك وقع اختيار صلاح الدين على موقع القلعة الحالي لأسباب استراتيجية، فهذا الموقع يطل ويهيمن على مدينة القاهرة في الشمال الغربي ومدينة الفسطاط في الجنوب. والمسافة النادرة السكان بينهما، والممر أو الطريق الشمالي الجنوبي بينهما، فضلا عن أنه قريب منهما بوضع يكفل للقلعة الإمدادات في حالة الحصار، وموقعها منعزل عما حولها مما يجعلها ملجأ آمنا للحاكم في حالات الاضطرابات السياسية . فضلا عن تأثر صلاح الدين بنمط القلاع الجبلية في الشام والعراق. لم يكن صلاح الدين ورجاله أول من التفت إلى أهمية موقع القلعة. فقد كان متنزها،إذ شيد فيه حاتم بن أبي هرثمة قبة الهواء وذلك فيما بين عامي 194-195هـ/ 809-811م. واستعملت من قبل الولاة العباسيين وأقام بها الخليفة المأمون عند زيارته مصر، ودار بها العديد من الأحداث السياسية إلى أن دمرت مع تدمير الجيش العباسي القصر والميدان الطولوني اللذين كانا يقعان أسفلها وكان ابن طولون ومن خلفه قد اعتنوا بها لذا عدها العباسيون جزءا من رموز السلطة الطولونية المستقلة عن دولة الخلافة. يري كازانوفا أن مكان قبة الهواء كان يقع في المكان المعروف حاليا بمتحف الشرطة والقاعة الأشرفية المكتشفة حديثاً. وما يمكن استنتاجه من هذا الفصل ما يلي: - إن قلعة صلاح الدين شيدت لتكون نقطة التقاء أسوار القاهرة، ومقرا لقيادة الجيش الأيوبي في مصر، كما أن هناك نقطة متقدمة منها هي القسم الشمالي بأبراجه للدفاع عن العاصمة المصرية. - شيد القسم الجنوبي منها ليكون مقرا للحكم في مصر وبالتالي ضم المسجد الجامع وهو جامع السلطان الناصر محمد بن قلاوون، الذي أراد محمد علي ببناء جامعه أن يعلن رسميا انتهاء سيطرة المماليك على مصر وبزوغ دولته كدولة قوية. - إن منطقة باب العزب جزء أصيل من القلعة تعود للعصر الأيوبي، وقد شهد تطورات مثيرة عمرانية، لكن منشآته الأثرية تكشف عن استمرار وظيفته كإسطبل للخيول ثم معسكر لطائفة عزبان ثم منطقة للصناعات العسكرية. - إن ميدان القلعة جزء أصيل من القلعة كان له سور مازالت بقاياه موجودة، وقد استخدم في استعراض الجند، وفي الاحتفالات، وصلاة العيدين. - إن المنطقة الفاصلة بين قلعة صلاح الدين وجبل المقطم هي فصيل صناعي أحدثه بهاء الدين قراقوش ليفصل بين القلعة وجبل المقطم بخندق صناعي. وبذلك يستمتع القارئ عبر هذا الفصل بالتعرف على قصور القلعة وما كان يجرى بها والتطورات الحادثة بها عبر العصور كالقصر الأبلق الذي أقام فوقه محمد علي مسجده الجامع ليكون رمزاً لدولته ولسطوته وسيطرته على حكم مصر، وليدفن فيه بعد ذلك، ثم نرى المؤلف يقدم لنا الحوش السلطاني الجزء الذي أضُيف للقلعة في العصر المملوكي كاستجابة لمتطلبات دولة المماليك التي بدأت أقدامها تترسخ . ومن أبرز منشآت هذا الحوش دار الضرب وسراي العدل التي شهدت في عصر محمد علي جلسات المجلس العالي أو الشورى فيما بعد، وفي هذا الحوش أقام محمد علي قصر الجوهرة على بقايا قاعات مملوكية ومنشآت أخرى أبرزها مقعد السلطان قايتباي. الكتاب يعد مرشدا لزوار القلعة وحديقة الأزهر، وهو وجبة تاريخية وأثرية دسمة تزيل الكثير من اللبس وتصحح معلومات كثيرة، وهو يخرج بنا من عمارة المساجد التي شاعت دراستها كنموذج للعمارة الإسلامية إلى العمارة الحربية حيث التحصينات القوية التي شيدت لصد الأعداء.