DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

محمد الحرز

محمد الحرز

محمد الحرز
محمد الحرز
أخبار متعلقة
 
أصدقائي الأكثر روعة من الأحلام ذاتها , لن تصبح كلماتكم التي تنام على العشب سوى فضاء من المحبة ندخل فيه ونحن أقل توجسا من الحياة ذاتها , لكأني أضع خطواتي على حافة الأشياء لتقودني إلى فكرة العبور , العبور إلى الأصدقاء بالنسبة لي ليس مجرد فكرة معلقة فقط على غيمة عابرة , إنه عبور يأخذني إلى هاوية الأحاسيس التي تشدني إلى السماء مثلما إلى غابة , يأخذني إلى مدن تستيقظ على صوت الملائكة والشياطين والقديسين وتنام على دهشة الأسطورة وهدهدة الحكاية والتاريخ. وما بين العبور وإليكم ثمة باب أدفعه بخجل أقل ,حيث أقول في سريرتي: أيّ الأصدقاء سوف ألتقيهم في الطريق ؟!! وأنا الذي كنت دائما أستعير منهم أحلامهم وأحزانهم ورغباتهم الدفينة مثل كنز لأتجنب السقوط في الحفر المتكاثرة في الطريق إلى الحياة والإنسان . أيها الأحبة ربما تكون الكلمة الخارجة من أعماق وجودنا الإنساني هي رباطنا المقدس, لكنه رباط وثيق الصلة بالحب الذي يزيح الصدأ عن أعمق المشاعر الإنسانية تسترا في الظلام , هكذا أشعر وأنا بينكم في ضجيج المهرجان وكأني أعبر النهر ذاته الذي عبرتموه أول مرة , استعادة الأحاسيس في تفتحها الطفولي صعب على الإنسان , لذلك سأكتفي وأنا في وسط الجسر أن أتخلص من وطأة الحياة لأسرع إليكم بحنين أكثر وتوجس أقل . صديقي أحمد الملا, الدهشة والجمال توأمان في الأشياء التي تعبرنا كل يوم , والأجمل أن أصغي إلى كلماتك الدافئة التي طالما احتفظت بحرارتها في يدي كثيرا.. أيها الجميل هناك في النص دعنا نعلق أرواحنا شمعة كي نمارس طقوس الغواية في كل الجهات , ونربي العشب كي يتذكر ماضيه. جوهرة ثمينة تلك العلاقات الإنسانية التي نجاهد كثيرا أن تمتلئ بها نفوسنا العالقة بين الأمواج وخطر أسنان سمك القرش , أعتذر على صوري المرعبة لكنها لحظة الكتابة التي تجبرني على قول الحقيقة إلى الأصدقاء الذين أحبهم فقط ,وعندما نستسلم للحكايات , ويكون السرد دليلنا إلى المصب تصبح أجسادنا أكثر خفة من الهواء , ويكون علينا عندئذ أن نعير قاماتنا للريح التي ألفناها في الحانات البعيدة , أليس من المدهش أن نكون أكثر خفة من كائن ميلان كونديرا ؟! حيث نمضي إلى بيوتنا مثل فراشات لكأن البيت ذاته حقل أضاع الطريق إلى الغابة , خذ تلك الحكايات إلى أصدقائك الخارجين للتو من نعاس الكلام , ولا تتركهم عالقين بين ضلعين في الصدر , ألا يكفي أن تكون الأوهام هي ضفتنا التي نرتادها كل يوم .الأصدقاء الذين يذهبون إلى الحياة في عريها الطفولي دون خجل أو خوف , الأصدقاء الذين يوزعون رغباتهم على المارة من البائسين , وأحلامهم على نساء المدينة , هم وحدهم الذين يقاومون الموت بالكلام , وحدهم من يتلقى نظراتنا قبل أن تصطدم بقعر الهاوية , ولا أظنك سوى واحد من هؤلاء الفريدين أيها الهواء!!.أيها الشاعر المتألق يدعوني نصك في أغلب الأحيان إلى الإصغاء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى : الإصغاء إلى حواسنا الداخلية , إلى الأشياء العابرة مثل برق على سمائنا , إلى صوت الموجة الساكنة في أعماق البحار , هكذا هو الإحساس بالشعر الجميل التي لا تتتوقف عنده الدلالات ولا الإشارات على رأي جلال الدين الرومي. آه .. أيها الذاهب بالحواس إلى أقصى تلة في النص , لقد تركت بعضا من دمي دليلا وعلامة يقودني في متاهة الشعر وذلك حينما يعاودني الحنين للرجوع إلى نصك الشعري الجميل , إنه رجوع يغسلني من العمق , يعيد لي الإحساس بالزمن وروح اللحظة وبراءة الأمكنة , وطهارة الأشياء , قد يكون انحيازي المطلق للحياة في علاقتها باللغة هو ما يشدني إلى قصيدتك ويجعلني أكثر توثبا لملامسة القصيدة بالبصيرة والبصر . صديقي الأكثر روعة من الشعر ذاته عبد الله السفر ,هل بمقدور الواحد منا أن يتوحد مع نفسه من خلال الكلمات ؟!! أما آن يا صديقي أن نزيح من على أكتافنا صدأ العابرين إلى حقولنا مثل برابرة خرجوا من التاريخ محملين بالقسوة وعفونة الحياة , لم يزل الطريق في أوله وأنت الأكثر تدلها بالأمكنة حينما تلفك مثل أفعى تحن دائما إلى موطنها. لست هنا أشد الكلمات وأعلقها على مشجب الذكريات , لقد كان النص بيني وبينك أكبر من ذاكرة , بل وجدت في لحظاتي الأكثر صفاء أن هذه الذاكرة دائما ما تتغذى على توهج المخيلة التي تشدنا أنا وأنت إلى أفقها المتدفق بالحرية والحياة . لذك هل تكفي ياصديقي أن نشعل كلمة كلمة ونقذفها في الجحيم حتى يقال عنا أننا أحرقنا المخيلة مثلما أحرق نيرون روما ؟!! (2) المسافة عندي هي محاولة نزوع إلى المطابقة بين الواقع والحقيقة , الحياة ووهم الحياة , الفعل والكلمة , الحلم وضياعه في القصيدة والجسد وآلامه في الكتابة . المسافة نوع من المجاز يعبر التجربتين , ولا أخاله يسكن دمي لمجرد العبور بينهما , أو لمجرد القول : كل تجربة تنمو شعريا بالمسافة . كلا ,ليس هذا هو منظوري الذي أشيد به المسافة بين التجربتين , ثمة ما هو أعمق من ذلك . إن العمق في أغلب الأحيان يلغي المسافة , جربء أن تنظر إلى قعر هاوية , لن تشعر بالمسافة , الخوف يكبته تماما , ستحس فقط بالفراغ ,وكأنه تحول إلى مجرد صوت خفيض يأتيك من أعماق الحياة التي تسكنك . لكنّ الدخول في متاهة الإبداع لا يعكس هذا الإلغاء , بل يفتح ممراته على الأبواب الصدئة التي بلا عتبات , ويأخذه إلى حقول التنوع والثراء في كل تجربة على حدة . ولم يكن الدخول إلى التجربة الأولى " رجل يشبهني " من باب المتاهة ذاتها يأتي كدليل على صحة هذا الإدعاء , ولكن من تقاليد تجربة البدايات الانغماس في فضاء الشعر دون بوصلة تقودك إلى أعماق الشعر ذاته , ربما هنا لا تشعر بالمسافة قدر شعورك بالرغبة الجامحة للكلمات التي تتجاوز جسدك كي تأخذ مكانها في إحدى الصور الشعرية التي تنتجها قصيدتك . هنا نوع من المعضلة الإبداعية التي تنقذف في وجه الشعراء الصاعدين إلى القمة كصخور شديدة القساوة والصلابة , بعض الشعراء يستسلم لها دون أي مقاومة , فيأتي شعره باهتا خاليا من العمق والحركة , وبعضهم الآخر يشعل المسافة بالحركة والروغان , وكأنه في سباق ضد الزمن وضد المكان وضد الرغبة البيولوجية للجسد في الخوف والرهبة . هذه إحدى القوانين المهمة التي يعبرها الشعراء . كنت متيقنا من خطورة هذه القوانين عندما شرعت في تجربتي الأخرى " أخف من الريش أعمق من الألم " , لقد حاولت إزاحة الصخور الكثيرة التي اعترضت طريقي , وكان حماس هذه المحالة وفرحها في نفس الوقت ينبع من معرفتي بأنني على الطريق الصحيح إلى الشعر , وليس معنى هذا أن حقيقته باتت في قبضة يدي , لكن البوصلة التي اعتمدت عليها كانت في حالة جيدة وعملها في غاية الروعة والنشاط . هكذا هي المسافة بين التجربتين : واحدة تشبهني , والأخرى تشبه الشعر , وما بينهما هو النسب العضوي لأشياء نسميها مجرد كلمات. [email protected]