في خضم الاحتفالات بأسبوع الشجرة التاسع والعشرين.. سمحت أمانة الدمام لنفسها.. وسط النهار.. بتقطيع أشجار حديقة ابن خلدون.. ومنها أشجار الكافور العملاقة.. التي تعالت في سماء المدينة.. نتساءل.. ليش؟.. مازال البحث مستمرا عن كاهن يستطيع قراءة فنجال ما يجري.. كل ذلك لإتاحة المزيد من الوقت لمفكري الأمانة.. لاجتثاث المزيد.
@ نقدر لـ(الأمانة) دورها في زراعة الأشجار.. لكن هل يعطيها (الحق) في اجتثاثها وتقطيعها؟.. الدفاع عن الشجرة واجب وطني (ازرع ولا تقطع).. الشعار الرسمي المرفوع.. هل تخضع الحدائق لهذا الشعار؟.. هل يوظف هذا الشعار؟.. ما سر تقطيع الأشجار بهذه (الكثافة)؟.. هل نظل (نتفرج)؟.. هل نظل نردد: يا خسارة (الماء) الذي (أهدر) لريها عبر السنين.. يا خسارة (الجهد) الذي بذل خلال عمر نموها الطويل.. يا خسارة (الأموال) التي صرفت لزراعتها.. الأشجار (حديث) يجب أن يظل مرفوع الصوت في سماء المدينة.. نبني عمارة في (سنة).. نحتاج إلى (سنين) طويلة لـ(تربية) نبتة، لتصبح شجرة كبيرة، لها فروع توفر الظل.. لكننا نحتاج لفكرة (تافهة) لـ(اجتثاث شجرة).. هل ندرك أن الأشجار (رئة المدينة)؟
@ للتذكير، في عام (1975) كانت الألعاب الاولمبية في احدى المدن الأمريكية.. لاحظ المنظمون ارتفاع نسبة (التلوث) في المدينة، وهذا يتعارض مع المتطلبات الاولمبية .. تعهد عمدتها بـ(تنقيتها) من التلوث إلى الحد المسموح، وفق المعايير الاولمبية.. قبل بدء الدورة بـ(اثنين سنة)، تم زرع (مليوني شجرة) إضافية، في جميع ميادين وشوارع وحدائق المدينة.. كنتيجة، امتصت الأشجار التلوث.. مع بداية الدورة أصبح الهواء صحيا ونقيا مناسبا للرياضيين.. في (ألمانيا)، بسبب شجرة.. كاد احد البنوك يشهر إفلاسه، قاطعه الناس.. القصة تعود إلى وجود شجرة كبيرة ومعمرة في قطعة ارض اشتراها البنك ليقيم عليها احد فروعه.. تجمهر أهل المدينة حول الشجرة لحمايتها من الجارفات.. تنادوا عبر جميع وسائل الاتصال، لمقاطعة البنك.. كنتيجة، تنازل البنك بالموقع لـ(صالح) الشجرة.. في (أمريكا)، رأيتهم (يجبّرون) أغصان الشجر الذي يتعرض للكسر أثناء العواصف.
@ البلد بحاجة إلى كل شجرة.. ورغم ذلك يتم (إبادة الأشجار) بالمناشير والجارفات.. وفي تناقض، نجد أن الأنظمة تعاقب كل من يقطع شجرة، بغرامة (1000) ريال عن كل سنة من عمرها.. فلماذا لا تعاقب الأمانة موظفيها الذين يجتثون هذه الأشجار؟.. من (يحمي) الشجر من التهور؟ تعرضت مدينة الدمام في السنوات الماضية لـ(حملة) لـ(اجتثاث) الأشجار التي زرعت خلال (العقود) الماضية.. ونسأل: كم عمر المدينة؟.. دلوني على شجرة واحدة معمرة في احد الشوارع، أو الميادين، أو حتى الحدائق؟
@ تقطيع الأشجار، ومنها أشجار حديقة ابن خلدون، انتكاسة لـ(حقوق) المدينة وجمالها.. تقطيع الأشجار (عبث) لا يحترم سكان المدينة ورأيهم.. الأشجار هي (الرئة) التي تحمي وتعطي.. ونتساءل: هل هذه الأشجار مزروعة في (ظهر) احدهم؟!.. (ملّينا) من الاسطوانة (المشروخة) التي نسمعها مع كل رد لأي مسئول في البلدية وهو يكرر: (للتحسين والتطوير والتجميل).. تحسين الحديقة (لا يعطي) الحق في اجتثاث الأشجار.. (النظام يعطي الحق) في الحفاظ على وجود هذه الأشجار الخضراء.. الحدائق (واحات) وسط غابات الخرسانة المسلحة الجافة والجلفة.. حدائق المدن ليست حدائق منزلية.. لكنها مواقع لـ(معامل) طبيعية لـ(صنع) الأكسجين ونشره في المدينة.. وللشجر فوائد أخرى كثيرة.. لست هنا بصدد إعطاء (محاضرة) عن الشجر وأهميته.. وأيضا عن وظائفه الجمالية، والبيئية، والمعمارية، والهندسية.. لكن من المهم (التنويه) إلى أهمية (الظل) وزيادة مساحته عبر المدينة.. ونسأل: هل هناك (لجنة) تعاين وتقرر قبل قطع الأشجار؟
@ هناك أيضا حديقة الملك عبد العزيز.. وقد استقطع جزء منها لـ(الاستثمار).. اجتثت الأشجار التي كانت توفر الظل في هذا الجزء من الحديقة.. وتم أيضا (إهمال) الباقي من الحديقة.. ونسأل أيضا، لماذا تم استقطاع جزء من حديقة ابن خلدون، لتكون سكنا لـ(عمال)، لا نريد أن نسأل لمن يتبعون وينتمون ويعملون؟.. اجتثت الأشجار في الموقع.. وأحيط بسياج من الصفيح الحديدي؟.. وهناك حدائق أخرى تصحرت.. بعضها أصبح موطنا لـ(نبات النجيل) الذي تهتم به الأمانة أكثر من اهتمامها بالشجر.
@ الاهتمام بتشجير الشوارع، لا يعفي من الاهتمام بالحدائق، لأنها الأهم والأجدر بالاهتمام.. وهذه حديقة الملك فهد.. والتقطيع مستمر.. والاجتثاث يتواصل، والاستثمار يأخذ مجراه في تقطيعها.. الشجر هو الأهم.. لا نريد (وردا) في هذه الحدائق.. لا نريد (نجيلا) يشفط المياه.. ولا نريد (زهورا).. كل ما نريده هو (شجر اخضر) ينمو في سماء المدينة.. نريد شجرا يعطي الظل، والأكسجين، وينقي جو المدينة من التلوث، ويمتص ثاني أكسيد الكربون الخانق.. نريد مناطق خضراء بشجر يتعالى ويبقى ويدوم لعقود طويلة.. حماية الحدائق، مسؤولية.. وتظل أمانة الدمام ذراعنا التي نرجو أن تزرع وتحمي ولا تقطع.
[email protected] 
