العنف الاسري ظاهرة طغت على سطح بعض المجتمعات العربية بصورة لا يمكن السكوت عنها، اكد اخصائيون في مؤسسات تعنى بالاسرة انهم ما زالوا يسعون جاهدين للتصدي لتلك الظاهرة عبر اطلاق سلسلة من البرامج والمشاريع التوعوية المكثفة والموجهة للاسرة في محاولة للحد من انتشارها. هناك احصائيات كبيرة في الخليج عن العنف العائلي ضد الزوجات بالاضافة الى انه توجد حالات تسجلها المستشفيات والمراكز الصحية وقضايا تتقدم بها النساء في المحاكم طلبا للطلاق بسبب اعتداء الازواج غير الانسانية تجاه الزوجات. حيث ذكرت لنا الاخت سلوى وهي امرأة انقلبت حياتها الزوجية جحيما لتعرضها المستمر للضرب والاهانة من قبل زوجها الذي ضربها كثيرا وحقرها امام الاخرين لم تسلم ابنته (14 سنة) التي اجرمت عندما اصرت على اكمال دراستها حيث عمد الى ضربها على رأسها على مرأى ومسمع من معلماتها اللاتي وقفن عاجزات عن مساعدتها. قصة سلوى لم تكن هي الوحيدة التي التقيناها فهناك اخريات لهن نفس القصة في هذا المسلسل.
عصبية غير معقولة
اما الجوهرة العاملة في احد القطاعات متزوجة منذ عشر سنوات ولديها طفلان تقول: تزوجت عن اقتناع من احد اقاربي الذي فوجئت بعصبيته اللامعقولة لدرجة انه كان يضربني دائما لاتفه الاسباب ودائما ما ينقذني الجيران. دخلت المستشفى مرات عديدة بسبب الكدمات والجروح التي سببها لي، و اصعب مافي نفسي حين يراني اطفالي وانا اضرب من ابيهم بكل قسوة ووحشية وخوفي عليهم ان يترك ذلك في نفوسهم اثارا سلبية. وانا الان اطلب الطلاق لانه الحل.
فيما اشارت نورة قائلة: تزوجت وانا في المرحلة الجامعية كان زوجي عاقلا حين تزوجنا ولكن سرعان ما ظهرت عليه حالته فهو لا يتعامل الا بيده حتى لو تأخرت عليه في جلب اي طلب اجده يضربني وكثيرا ما تعرضت للكدمات والنزيف، وقد فكرت في كثير من الاحيان ان اقدم التقارير الطبية التي تثبت ضربه لي للقضاء علما بانه تعهد في المحاضر قبل ذلك بعدم الضرب ولكن دون جدوى، لا اعرف لماذا نعاني نحن النساء من هذا العنف، وأين المؤسسات التي تحمينا كنساء. هدى محمد زوجة وام لستة اطفال قالت: انها تتعرض للضرب المبرح من زوجها واهله معا يفتعلون معها المشاجرات لاتفه الاسباب حاولت التفاهم معهم دون جدوى لدرجة انها في احدى المرات تعرضت للضرب على راسها بطاولة صغيرة لانها ارادت ان تخبر اهلها بما يحدث معها.
اضطرابات نفسية
ياسمين طفلة في التاسعة من عمرها والداها منفصلان وتعيش مع والدها الذي يعاني من اضطرابات نفسية تتعرض لضرب عنيف من والدها مما ادى الى ظهور كدمات ورضوض على وجهها وجسدها وكذلك اختها سارة متزوجة وام لاربعة ابناء تشكو وهي تذرف الدمع من معاملة زوجها القاسية المستمرة لها اهانتها وتحقيرها وضربها امام ابنائها وامام اهله لاتفه الاسباب لغته التي يتعامل بها يده ويتلذذ بالضرب وكأنها احدى هواياته التي تركت على جسدي علامات وكدمات لا تمحى حتى انني بت اكرهه لوحشيته وتصرفه المستمر. الاخت نورة مساعد قالت: زوجي عدواني وعنيف وقاس الى ابعد الحدود، يتلذذ بضرب الابناء بسلك الكهرباء حتى تظهر الدماء على اجسادهم من شدة قسوته وحين ارى ذلك اصاب بالاغماء من شدة البكاء عليهم والتضرع والتذلل ليرحمهم ولكن دون جدوى، وقد اثر ذلك على ابنائي ونفسياتهم فقد اصبحوا عدوانيين لا يحبون الدراسة ولديهم حالة يأس من كل شيء لا يهتمون بشيء، حاولت احتواءهم لكن قسوة ابيهم قست قلوبهم وسلوكهم. اخاف عليهم من الانحراف نتيجة المعاملة القاسية من والدهم الذي يكرهونه لدرجة لا توصف، حاولت افهامه ان هذه المعاملة لن تجدي نفعا بل بالعكس تماما قد يكون لها اثر سلبي على الابناء لكنه يرد علي قائلا: يجب ان اربيهم بقسوة حتى يصبحوا رجالا اقوياء.
الطلاق تعاسة
وذكر الاخصائي النفسي الدكتور رأفت عبدالجواد قائلا: للاسف الشديد الطلاق في مجتمعنا اصبح ظاهرة واضحة وملموسة وقد لا يخلو بيت من وجود مطلقة تعيسة وذلك نتيجة لسوء التصرف بين الزوجين الذي قد يؤدي الى الضرب والشتم والقسوة وذلك بالطبع يؤثر على الابناء ونفسياتهم لان لديهم كاميرا داخلية تصور كل تصرف فالابن يحتفظ بكل شيء عاشه في الصغر مع ابيه وبالذات الالام النفسية ويظل في نفوسهم ومشاعرهم مما يؤثر على سلوكهم مع الاخرين في المستقبل، فيكبرون مضطربو الشخصية ومتعبون نفسيا وعدوانيون احيانا وعلى الوالدين ان يعلما ان اي عنف يصدر امام الابناء يؤذي الابناء ويؤثر في نفوسهم قبل ان يؤثر في الوالدين فقد يصبح الابن حين يكبر قاسيا جدا وعدوانيا يغضب لاتفه الاسباب ويكره الناس وقد يفقد احترامه لوالده وقد يكون انسانا سلبيا لا يأخذ قرارا ولا يستطيع ان يخطط لمستقبله.
