عزيزي رئيس التحرير
كل الامور العظيمة بدأت بفكرة، عبارة نسمعها كثيرا ولكننا نفكر بها قليلا. الاسلام بدأ بفكرة بسيطة هي وحدانية الله. النهضة الاوروبية بدأت بفكرة واحدة هي الحرية، اختراع الكهرباء بدأ بفكرة في ذهن عالم، وكذلك اختراع المصباح الكهربائي، اذن الفكر أمر مهم وليس ترفا يمارسه بعض الفلاسفة ومن لا يجدون ما يشغلون به اوقاتهم.
فكيف نكون امة مفكرة؟ وهل للافكار اثر على الامم والمجتمعات والشركات؟ ان نجاح الامة عامة واي عمل تجاري او غيره يعتمد على وجود فكرة او مجموعة من الافكار المبنية على اسس سليمة، وعلى مدى اقتناع الناس بها. وغني عن القول ان اصحاب الفكر في كل مكان هم قلة من الناس ولكن نجاح الافكار على تطبيقها ونشرها. من هنا يصبح علينا ان نهتم بقضية صناعة الافكار وحث من نتوسم فيهم الذكاء والموهبة على ان يكونوا من صناع الفكر وانا هنا لا أعني الفكر الادبي او النظري فقط، وانما يهمني ان اركز على الفكر العملي الذي يساهم في تقديم العمل وتطويره وتحسينه.
فعلى صاحب العمل والمدير فيه ان يشجع العاملين معه على ان يتقدموا بافكارهم للمناقشة والدراسة دون خوف من فشل الفكرة او عدم استحسانها، فللمجتهد نصيب حتى وان اخطأ. كما ان على ادارة المنظمة الا تخشى من الافكار الجديدة حتى وان بدت ثورية وتغييرية. وانما يتم التقييم بشكل علمي مدروس يقرر على اساسه مدى صلاحية او عدم صلاحية الفكرة للتنفيذ وما هي الشروط الواجب توافرها لنجاح التنفيذ؟
واذكر هنا على سبيل المثال ان شركة IBM تستخدم منذ سنوات طويلة نظام فعال لتحفيز العاملين فيها على تقديم افكارهم ومقترحاتهم لتحسن العمل والانتاج. ويتلخص هذا البرنامج بتلقي الافكار والمقترحات من العاملين عبر البريد الالكتروني او عبر الصناديق الخاصة بذلك، ولتشجيع العاملين لا يضع الموظف اسمه ولكن رقمه على الاقتراح، تذهب هذه الاقتراحات جميعها للجنة مختصة بموضوع كل مقترح وفكرة للدراسة اذا رأت اللجنة ان الفكرة تصلح للتطبيق وانه سيكون لها تأثيرا يجابي على العمل يتم مكافأة صاحب الفائدة بمبالغ تبدأ من 50 دولارا لتصل الى 10 الاف دولار، وذلك وفقا للفكرة ومدى الفائدة التي ستعود على الشركة من تطبيقها وقد نجح هذا البرنامج في حصول الشركة على الكثير من الافكار والمقترحات التي ساهمت الى حد كبير في تطوير اساليب العلم وزيادة جودة المنتجات.
بعد تبني الفكرة يصبح امام الادارة مهمة صعبة اخرى هي اقناع العاملين جميعا بالفكرة وحثهم على تطبيقها واقناعهم بان ذلك يخدم مصلحة المنظمة ويحسن من وضعهم داخلها. فان اقتنعوا كان النجاح حليف الفكرة. ان القناعة تولد الحماس، والحماس يولد عزما وتصميما وتفانيا يسري في الجسد كما تسري النار في الهشيم، وعندها تسخر الطاقات وتبدع الملكات من اجل الوصول للهدف الذي اصبح واضحا للجميع.
لكن كل هذا يبدأ بالفكرة، فلنحرص على ايجادها وصناعتها فهي الخطوة الاولى على طريق النجاح.
فؤاد بن عبدالله الحمد ـ الاحساء
