سعادة رئيس تحرير جريدة اليوم
الاستاذ محمد بن عبدالله الوعيل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اشارة الى ما نشر في جريدتكم الغراء في العدد 11708 بتاريخ 1426/5/28 في الصفحة (20) وتحت عنوان (المريض الوهمي) وحيث طلبتم الاجابة عن سؤال مهم وهو هل لدينا مراجعون للمستشفيات مصابون بالوهم اكثر من المرضى (الوهم المرضي).
نود ابداء تقديرنا لسعادتكم على حسن ظنكم وكريم ثنائكم على اخيكم الضعيف الى الله والذي ان دل على شيء فعلى نبل خلقكم وسمو نفسكم كذلك نقدر ونشكر لكم الالتفات والتطرق لمثل هذا الموضوع المهم والذي يغفل عنه اغلب الناس بل ويتجاهله بعض العاملين في المجال الصحي وافيدكم بان الوهم المرضي هو نوع من الامراض بل هو طيف من الاضطرابات النفسية التي هي بحاجة ماسة للعناية وتشخيصها تشخيصا صحيحا من الاطباء خاصة اطباء الرعاية الاولية وكذلك غيرهم من الاطباء ومن الغريب ان الاطباء النفسيين ربما كانوا اخر ما يلجأ اليه المريض المصاب بهذا الداء رغم انه اضطراب نفسي وهذا لاشك فيه نتيجة تدن في الثقافة النفسية لدى المجتمعات خاصة المجتمعات الشرقية والتي تعتبر المرض او الاضطراب النفسي وصمة اجتماعية يتفادى الكثير ان يوصم بها. اذا ليس غريبا ان يرفض مريض الوهم المرضي تقبل فكرة انه يتوهم المرض وليس لمعاناته وجود وهو محق لانه اعني المصاب بالوهم المرضي يعاني فعلا من اعراض وليس متصنعا للمرض، فقلقه يؤثر عليه وعلى ادائه سواء مع اسرته ومجتمعه او عمله غير قادر على ان يتغلب او يسيطر عليه ورغم ان اعراضه ليس لها سبب عضوي الا انه فعلا يعاني اعراضا ومعاناة والالام يحس بها كالمرض العضوي وربما اكثر وهي في الواقع بسبب اضطراب نفسي بحاجة لمعالجة نفسية وربما الى ادوية مثل مضادات الاكتئاب وكما هو معلوم ان الفرد مثلما يتأثر بالتغيرات العضوية والتي تحتاج الى تشخيص وعلاج فكذلك حالته النفسية تتأثر وتسبب معاناة واعراضا تدعو المريض الى ان يسعى الى ما يرى فيه خلاصا من هذه الاعراض فتراه مرة في العيادات العامة واخرى في العيادات الخاصة مستهلكا الكثير من الخدمات والموارد الصحية بل ربما جرفته معاناته للجوء للمعالجين الشعبيين او المشعوذين.
اذا ما الواجب تجاه هؤلاء المصابين بأحد انواع هذا الداء؟ هل هو نعتهم بانهم متصنعو المرض ام الاهتمام بهم بالرعاية وتأهيل من يقوم بالتشخيص والمعالجة الصحيحة الشافية باذن الله.
ويطيب لي بهذه المناسبة ان اشير الى ان الحديث عن المرض او الاضطراب النفسي لا يعني بالضرورة الامراض النفسية الشديدة مثل الفصام العقلي والتي بحاجة الى مصحات نفسية وانما المقصود هو الامراض الاكثر انتشارا مثل القلق والاكتئاب والتي تعتبر من اهم مسببات الاعراض والالام الجسدية التي ليس لها سبب عضوي وانما سببها نفسي.
وكما اوضحت منظمة الصحة العالمية في تقريرها عام 2000م فان مرض الاكتئاب وحده كان السبب الاول في قائمة الامراض المسببة للمرض عالميا وتوقعت المنظمة بحلول سنة 2020م ان يكون السبب الثاني من حيث التكلفة بعد امراض القلب والشرايين اذا نحن نتكلم عن اضطرابات موجودة وبكثرة ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستوى العالمي حيث اثبتت الدراسات انها تشكل ما يقارب ثلث مراجعي المراكز الصحية والعيادات الخارجية والتي غالبا ما يلجأ اليها هؤلاء المرضى.
ولهذا كان توجه الدولة ـ رعاها الله ـ ممثلة بوزارة الصحة العناية بهذه الشريحة من المرضى فأوجدت البرنامج الوطني للرعاية النفسية الاولية وقامت بتدريب المدربين كما حرصت المنطقة الشرقية على ان تكون رائدة في هذا المجال فتم تأسيس اول عيادة نفسية بالرعاية الاولية على مستوى المملكة في عام 1423هـ بفريق متكامل من اخصائيين واستشاريين في طب الاسرة والمجتمع والطب النفسي وعلم النفس والاجتماع واطباء الرعاية الاولية.
لم يقتصر عملهم فقط على معالجة مراجعي العيادة انما امتد الى تدريب وتوعية العاملين بالمراكز الصحية لزيادة وعيهم بهذه الاضطرابات وتوجيهها التوجيه الصحيح اضافة الى خدمة المجتمع من الناحية التوعوية والعلاجية.
كذلك شكلت لهذه الخدمة لجنة مدن مختصين وذوي الخبرة تحت مسمى لجنة الصحة النفسية المجتمعية تأخذ على عاتقها تطوير الخدمة وتعميمها ومد الخدمة من المستشفيات الى المجتمع من خلال الرعاية الصحية الاولية في من وقرى المنطقة مع العمل على زيادة الوعي النفسي وتقليل الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي والقيام بالدراسات والابحاث العلمية التي تؤدي الى المزيد من الرعاية والخدمة الصائبة املا في تحقيق مصطلح الصحة المتكامل في الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية لافراد المجتمع مع تمنياتي بالصحة والمعافاة للجميع. وتقبلوا اطيب تحياتي
اخوكم/ الدكتور عقيل جمعان الغامدي ـ مدير عام الشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية
