وصلتني عدة اتصالات تعلق على حديث المطلقات والارامل في الاسبوع الماضي, فقد كانت الجراح كثيرة وكبيرة في نفوس الكثيرات الذين علقوا على المقال. وقد كان للرجال نصيب من هذه الوجيعة من آباء واخوة لنساء متضررات. وكما قلت: ان الالم لا يتوقف عند حدود الصرف المادي وانما ما يتبعه من تحسر على الاطفال الذين يعانون نكران آبائهم لهم معنويا ايضا, فاذا كان يغيب عنهم مستمتعا بحياته الاخرى، وبكل ما تتطلبه من مصروفات مادية فان ذلك يشعرهم بعد تقييمه لوجودهم في حياته, واذا كانوا يتضررون الى وساطات من فلان وعلان حتى يأخذوا حقهم في حمل اوراقهم الثبوتية التي تعينهم على مواصلة الدراسة او اثبات الوجود فهذا شأن مؤلم آخر.
تقول احدى المطلقات: عرفت ان العاملة المنزلية عندما تنتهي مدة اقامتها يطلب التوقيع على انها اخذت حقوقها كاملة من كفيلها مما يحفظ حقها الذي هو جزء من حقوق دولية تراعيها الدول فيما بينها وقد عجبت لذلك كثيرا لا لشيء الا لان ربة المنزل الذي تعمل فيه لم تأخذ حقها كاملا ولم تحفظه لها الجهات المسؤولة عنه في دولتها ولا ادري هل تحمله وزارة العدل فقط ام تشترك معها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية؟ فكلاهما تلامسان هذه الحقيقة المرة.
ففي المحاكم يوقع الزوج عن وثيقة الطلاب ويذهب دون ان يسأله سائل ماذا عن ابنائك؟ وفي الشؤون الاجتماعية يلمسون المرارة التي تتجرعها المرأة عندما تخرج من حياة زوجية فاشلة بأطفالها فقط فلا تعليم ولا عمل يحفظ لها شيئا من الكرامة وبالتالي تتحول الى لاجئة تطرق ابواب الجمعيات الخيرية من اجل السكن والملبس والمأكل ونعود لقوله تعالى (ولينفق ذو سعة من سعته). هل جاءت هذه الآية الا مرة لتترك دون متابعة وضبط وتدقيق لكي تصل النفقة الى مستحقيها.
انهم يستهينون بها وما علموا انها ربما كانت احد اهم اسباب الجريمة عند الاحداث! أولم نسمع عن جرائم قتل الآباء او الاعتداء عليهم لانهم تخلوا عن مسئولياتهم؟ ألم نسمع عن جرائم السرقة التي وقعت من اطفال تنكر لهم الاب وتاهت الام في الدروب وهي تبحث عمن يعولهم واياهم؟ ترى كم عدد الحالات التي تطلبت وضع المراهقين والاطفال في دور الرعاية الخاصة بسبب خلل اسري كان من الممكن علاجه قبل فوات الاوان.؟ ففي اللحظة التي يتقدم فيها الرجال لاثبات طلاقه لزوجته في المحكمة يفترض ان تبدأ اجراءات الالزام بالنفقة مع مقر عمله والبنوك التي يتعامل معها عن طريق محاسبة قانونية خاصة للوقوف على دخله والزامه بالنفقة قبل ان يضع توقيعه الكريم على ورقة الطلاق، ويذهب حرا طليقا متحللا من كل شيء حتى ضميره وواجبات دينه.
قد يستصغر الامر عند البعض ولكن لا تنسوا ان عظيم النار من مستصغر الشرر ونتمنى اخيرا ان يكون القائمون على الحركة الاصلاحية المقبلة بخطوات مدروسة قد وضعوا في اعتبارهم ان الاسرة هي نقطة اساسية لاهتماماتهم التي ينطلقون منها لمعالجة كل ضرر يمس كل فرد فيها من اجل مجتمع صحي.
