مجتمعنا يعتبر من المجتمعات التقليدية، التي لا تميل لتغيير سلوكياتها بيسر وسهولة، حتى لو كان ذلك التغيير في الأمور الحياتية البسيطة. ومع أن طبع البشر «السوي»، هو التخوف من أي تغيير، إلا أن هناك تطورات تفرض نفسها علينا، وتجبرنا على ضرورة تغيير سلوكياتنا، لتتماشى مع المتغيرات والمستجدات، الناتجة عن تسارع الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة.
الكثير منا، وخاصة من ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، يواجهون صعوبة كبيرة، وهم يبحثون عن مخرج لتقليل تكاليف بناء بيت العمر. ربما يبحثون عن مكتب هندسي متواضع، أو مقاول يقدم سعرا يناسبهم، أو يغامرون بالتنازل عن الجودة في بعض المواد.. لكنهم لا يفكرون أبدا كيف يمكنهم تخفيض تكاليف البناء، من خلال إعادة تصميم المنزل.
كلنا يعلم بأن تصميم البيت السعودي لا يتغير، مجلس للرجال ومثله للنساء، ومقلط وصالة معيشة، وصالة جلوس، وغرفة طعام للرجال وأخرى للنساء، وعدد مبالغ فيه من دورات المياه، ومطبخان داخلي وخارجي، وهذا كله في الدور الأرضي فقط!! ولهذا فمن من الطبيعي أن تقفز تكاليف البناء، لتتجاوز قدرة رب الأسرة على بناء منزله.
عندما طرحت سؤالا حول الاستخدام الفعلي للأسرة لهذه المجالس والغرف، اتضح لي أن الغالبية لا تستخدم إلا بعضها، بينما لا تفتح ابواب الغرف الأخرى إلا في مناسبات لا تتعدى المرات الأربع من كل عام.
الخصوصية السعودية التي أوهمونا بها لعقود، جعلتنا لا نفكر خارج هذا الصندوق العجيب، وكأننا من كوكب آخر لا يقبل التغيير أو التطوير. وإذا كنت قد أشرت لضرورة تغيير مفاهيمنا وفق حاجاتنا الفعلية، فإني أشير أيضا لضرورة استبدال مواد البناء التقليدية، بمواد حديثة وغير مكلفة ومضمونة لعشرات السنين. وهنا يأتي دور البلديات وكليات الهندسة في جامعاتنا، لتقوم بمبادرات دراسية وبحثية، لتقديم النصح للمواطن الذي يرغب في استخدام تقنيات البناء الحديثة والمضمونة تلك. ولكم تحياتي.