في سياق انهيار النظام العربي ابتداء مما يسمى بالربيع العربي في عام 2011م، كان على المملكة وهي الجهة التي تقود عملية التصدي للتغولات الإقليمية من جهة، والإرهابية من جهة أخرى، أن تقوم بدور العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن لمنع طهران من خطف ثمرة تغولاتها، واستغلالها لحالة التفكك التي تعيشها الأمة، وتداعي القوى الدولية والإقليمية عليها في أضخم عملية انكسار منذ قيام الدولة الوطنية بعد سايكس/ بيكو، وهو دور ثقيل وكبير بالتأكيد خاصة في ظل اختلاف معايير اللعبة الدولية، وظهور لاعبين جدد أحيانا على هيئة ميليشيات أو تنظيمات، وأخرى على هيئة دول وأحلاف، غير أنه من يُمن الطالع أن لا تشتعل هذه الظروف، ويشتد أوارها إلا في الوقت الذي يقف على رأس هرم السلطة في هذه البلاد رجل بوزن حنكة وحكمة وحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، الرجل الذي صهرت عوده التجارب السياسية، واستطاع بموهبته أن يستشرف وهو المؤرخ وقارئ التاريخ مآلات كل هذه التحولات، مما جعل منه السد المنيع أمامها، والصخرة التي تتكسر عليها كافة الأطماع قبل أن تجد لها طريقا إلى تراب هذا الوطن بوصفه المعقل الأخير لصيانة أمن الأمة، هذا فضلا عن رؤيته العميقة جهة ضرورة دفع الشباب إلى سدة القيادة لاستثمار قدراتهم في فهم أدوات العصر لاحتواء مفردات المواجهة، حيث شكل وصول ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان إلى موقع القرار دعامة حقيقية لتعزيز قوة المواجهة مع أطماع الآخرين، وقد تجلت هذه القدرات التي شهد بها العالم بأسره، عبر المضي قدما في مشروع المواجهة سياسيا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا، لمنع أي تسلل إلى حصن العروبة الحصين، وفي نفس الوقت المضي قدما، وبشكل مثالي في صناعة مستقبل الحلم السعودي، وبكفاءة نادرة استطاعت أن تلوي أعناق العالم ليشاهدوا كيف لهذه القيادة التي تنشغل بأعتى المواجهات مع أطماع إيران وأزلامها، أن تستمر في طرح الأحلام على هيئة مشاريع مبهرة للتنفيذ في سابقة قلما تحدث في أي مكان في العالم له بعض الظروف التي تحيط ببلادنا، غير أن الرؤية التي استوعبت الوقائع، وعرفت كيف تلجمها بيد، فيما هي تستخدم يدها الأخرى في معركتها التنموية، هي وحدها من يصنع فارق الإعجاز، ويؤسس لاستعادة مجد الأمة ومنعتها.