هناك من الأفكار الجديدة ما يستوجب فتح المجال واسعا للشباب رجالاً ونساء في مبادرات عملية تعتمد على الفتوحات العلمية الجديدة؛ فقد أصبح جو التفاؤل الذي صنعته بعض المشاريع العملاقة، التي أعلن عنها ضمن رؤية 2030 دافعاً لوجود الحماس لدى الفئات الفتية المقبلة على الحياة، بعد أن كانت قد يئست من أن يلتفت إليها في بناء الخطط الاقتصادية وإستراتيجيات التنمية. فإبقاء جذوة الحماس متقدة خطوة مهمة جداً في بناء ثقة الأفراد بأنفسهم، خاصة في مراحل التحولات الكبرى، التي يمر بها أي مجتمع في تاريخه.
وأظن أنه يلزم بعض رجال الأعمال المنفتحين، والذين يؤمنون بالأفكار غير التقليدية، أن يلتفتوا إلى ساحة الشباب، ويتلقفوا المبادرات الواعدة؛ ليس لتحقيق إسهام مهم في التنمية وتوطين بعض التقنيات فحسب، بل وأيضاً إن بإمكانهم تحقيق المكاسب المادية في منافستهم مع الشركات الأخرى، إذا التفتوا إلى التجديد وسبقوا غيرهم إلى المجالات ذات التقنيات الجديدة والجاذبية الجماهيرية. إذ لا يمكن من واقع تجارب الأمم جميعاً، والمعايير الاقتصادية العالمية، أن تحقق المؤسسات التجارية أرباحاً كبيرة، وقفزات مهمة في مجال السمعة وعلو مكانة الاسم التجاري، إلا من خلال ريادة في المجال الذي تشتغل فيه. ويكون ذلك غالباً من خلال تقنيات جديدة، تملك الشركة حق الابتكار فيها، أو ممارسة جادة ومضنية في مجال تجاري جديد وغير مسبوق.
وكلما كان مجال الاشتغال مطلوباً في السوق المحلية، زاد إسهامه في رفع قيمة الاسم التجاري، وحقق سبقاً للمؤسسات المشتغلة عليه، التي بالطبع سترتفع أسهمها، وتستطيع اقتطاع حصة مهمة من السوق، إن لم تحتكره لفترة طويلة من الزمن، إذا كانت التقنية أساسية في تلك المنتجات. ومن أجل ذلك تحرص كثير من الشركات الكبرى في البلدان الصناعية على تمويل بعض الأبحاث العلمية الواعدة بتقنيات جديدة في مجالها، من أجل الحصول على براءة الاختراع وحق الإنتاج والتسويق الحصري، أو بالاشتراك مع المؤسسات العلمية المدعومة. مثلما أن كثيراً من المراكز العلمية في تلك البلدان المتقدمة تسعى إلى أن يكون الطلاب الذين يفدون إليها للدراسة في بعض المجالات الدقيقة ذوي أبحاث تطبيقية على أوضاع في بلدانهم، من أجل أن تصبح مثل تلك الأبحاث طريقاً لمعرفة الحاجة الفعلية في تلك البلدان؛ مما يسهّل على شركاتها المتحفزة والقريبة من مركز القرار في تلك المراكز، عملية الاستعداد للإنتاج المناسب لتلك الظروف في البلدان المستوردة.
وسأورد مثالاً على بعض التقنيات، التي ما زالت في طور التجربة والبدايات البسيطة، وهي طريقة جديدة في تكييف المنازل بأدوات بسيطة وغير مكلفة وصديقة للبيئة؛ وذلك ما جعلني أعنون هذا المقال بأنه من وحي نيوم (المشروع أو مجموعة المشاريع ذات الأفكار الصديقة للبيئة والمنسجمة مع تقنيات العالم في المستقبل). وتتمثل تلك الطريقة في لفّ نوع من الشرائط على السقف لمنع الحرارة من الانتقال عبر الطريقة المعروفة فيزيائياً باندماج الأجواء (Enthropy). ويمكن أن يجري تغليف المنزل بالكامل بتلك الشرائط العازلة؛ وهو أمر يسهم كثيراً في إبقاء المنزل بدرجات حرارة منخفضة، إذا توافرت فرص تهوية جيدة، دون تعرض مساحات المنزل للهواء من الخارج. فهل نرى مثل هذه المبادرات في مدن مختلفة من البلاد، بدعم من المؤسسات التجارية ورعاية من المؤسسات الحكومية المشرفة عليها؟.