من المهم أن تتوافر معالجات وحلول مبتكرة لقضية تمويل المساكن، وفي ظل انحياز كثير من المواطنين لبناء منازلهم بأنفسهم فمن الضروري أن تتعدد وفقا لذلك الخيارات والصيغ التمويلية التي يقدمها صندوق التنمية العقارية والبنوك والشركات، ويدعم ذلك ما ذكره الخبير العقاري أحمد الرميح خلال اللقاء الذي تم تنظيمه مؤخرا بغرفة الشرقية بعنوان (مجلس العقار– رجل وتجربة) والذي أكد فيه أن نصف المستفيدين يفضلون بناء منازلهم بأنفسهم.
بصورة عامة خيار البناء الذاتي بعد توافر التمويل أجده الى حد كبير أفضل، وبناء عليه ينبغي أن تتطور الوسائل التمويلية للصندوق العقاري، الذي نجح الى حد كبير في ذلك وفقا لما هو متاح له، وقد تيسر في متطلباته بإلغاء هامش الربح على القرض الذي يمنحه للمستفيد وذلك لمن راتبه 14 ألفا وأقل إذ يتحمل الصندوق في هذه الحالة أرباح التمويل بالكامل، وهذه الشريحة تمثل ٨٥٪ من المسجلين لديه.
من مزايا التمويل بحسب القرض المدعوم أن جميع عقود التمويل العقاري في المملكة إسلامية حسب اشتراطات مؤسسة النقد ومجازة من الهيئات الشرعية، كما أنها مؤمنة ضد الوفاة والعجز الدائم، ذلك يضعنا في صورة كلية توضح أن هناك جهدا ينبغي الإشارة اليه في إطار الموازنة بين الممكن وغير الممكن، والوصول الى حلول وسط في ظل تراجع أسعار النفط التي أثّرت على جميع الاقتصاديات العالمية وقللت من حجم الفوائض التي كان يمكنها أن تتجه لسياسات دعم مختلفة.
الصندوق العقاري من خلال تجربته لأكثر من أربعين عاما يظل الخيار الأفضل لصياغة الحلول التمويلية والسكنية للمواطنين بجانب وزارة الإسكان الذي يعتبر حاليا أحد أذرعها المهمة في تمليك المساكن، فهو خلال تلك الفترة أقرض ٨٦٠ ألفا، فيما يعمل الآن على إقراض ٥٠٠ ألف للخمسة الأعوام المقبلة، وفيما كان عدد المستفيدين بين ٨ آلاف و١٠ آلاف سنويا عندما كان سعر النفط ٤٠ دولارا، فإنه اليوم ونفس أسعار النفط يدعم ٨٥ ألف مستفيد سنويا.
إذن لدينا تجربة يجب أن نذكر مكاسبها وإيجابياتها ونعمل على دعمها بحيث تواصل ابتكار مزيد من الحلول من أجل تقليل قوائم الانتظار وتقصير المدى الزمني لاستحقاق التمويل، مع إضافة حزمة تسهيلات أخرى تضمن عدم تعثر السداد الى أقصى حد ممكن من ناحية، ومن ناحية يعالج الصندوق أي اختلالات في عمليات التمويل وتقليل أضرار التعثر.
ربما يبدو الطريق لا يزال بعيدا نسبيا عن تملك البعض مساكنهم دون ارتفاع متوسط الرواتب خاصة لمن يعملون في القطاع الخاص، ولكن طالما أن هناك انسجاما في الفكرة الكلية لمعالجة المشكلة السكنية بين الوزارة والصندوق، مع توافر الأراضي ودعم الدولة بالبنية التحتية، نتوقع أن يتم اختصار ذلك الطريق من خلال مزيد من التمويل وتقليل الانتظار لأن الكثيرين ينتظرون أدنى فرص التمويل للبدء في بناء مساكنهم.