ربما لا يفرق الكثير بين التعليم عن بعد والانتساب في التعليم الجامعي، معتقدين أنهما نفس البرامج والفرق في التسمية فقط، وهذا غير صحيح، فلكل نظام أدواته وتطبيقاته المختلفة عن الآخر. الانتساب غالبا لا يشمل إلا العلوم النظرية فقط، وهو مطبق لدينا منذ زمن بعيد، وتعتبر جامعة الملك عبدالعزيز في جدة رائدة في هذا المجال والسباقة بإتاحتها الفرصة للكثير ممن لم يستطيعوا إكمال دراستهم الجامعية لظروف أسرية أو مادية وغيرها، وتمكنوا عن طريق هذه الجامعة العريقة من إكمال مسيرتهم في التعليم العالي بنظام الانتساب، ومن ثم تبعتها أغلب الجامعات السعودية مثل جامعة الملك فيصل بالأحساء التي أتاحت للطلبة في الرياض مقرا للامتحانات حتى لا يتكبدوا عناء السفر والمشقة في بادرة إنسانية جميلة. نظام التعليم عن بعد يمكن أن يشمل بعض العلوم التطبيقية، نظرا لمشاركة الطالب للمعلم في المحاضرة عن طريق الدائرة التلفزيونية بشكل مستمر، وكأنه أحد الحضور ويستطيع متابعة المحاضرة كاملة والاستماع إلى تساؤلات زملائه الطلبة وطرح استفساراته أيضا، وهو نظام معتمد عالميا وتطبقه الكثير من الدول المتقدمة، ولا خلاف على ذلك من الناحية العلمية، كما أن تقنياته ليست معقدة وهذا النظام ما زال حبيس الأدراج ولم يتم تفعيله لدينا برغم إنشاء المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد منذ أكثر من ثماني سنوات، ولديه مقر وموظفون، ولكن بدون أي نتيجة على الأرض، وما دام الوضع كذلك فإغلاقه أولى أو تفعيله والاستفادة من الدول المتقدمة في هذا المجال، وربما مستقبلا يمكن من خلاله منح درجة الماجستير والدكتوراة من بعض الجامعات المتقدمة في بعض العلوم بدلا من تكبد نفقات الابتعاث.