بعد تصويت 31 عضوًا من أصل 34 من هيئة البيعة لاختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد، صدر الأمر الملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد. ويعتبر هذا التصويت أعلى نسبة تصويت تشهدها هيئة البيعة منذ إنشائها. وهيئة البيعة كما هو معروف أسست بأمر من الملك عبدالله -رحمه الله- في عام 2006، والمكونة من أبناء الملك عبدالعزيز، وتعنى باختيار الملك وولي العهد وولي ولي العهد.
أتذكر عند تولي الملك سلمان -حفظه الله- الحكم كتبت مقالا بعنوان «الملك سلمان وسط شرق أوسط مضطرب» وذكرت «أن التغيرات التي تشهدها المنطقة سوف تنعكس سياسيا وأمنيا على السياسة الخارجية السعودية، ولخصتها في أربعة ملفات رئيسية وهي: الملف اليمني، ملف الإرهاب، ملف التدخلات الإيرانية بالمنطقة، والملف الاقتصادي». أعتقد أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان منذ توليه مناصب عليا في الحكومة أثبت قدرة كبيرة وكفاءة عالية في إدارة هذه الملفات أهلته لنيل ثقة الملك والأسرة الحاكمة والشعب السعودي ليتولى ولاية العهد. ففي الملف اليمني مثلت عاصفة الحزم الاختبار الاصعب للأمير الشاب بحكم منصبه كوزير للدفاع والتي أثبتت انه رجل مسؤول قاد التحالف مع بقية الدول بكل كفاءة واقتدار. فكما يذكر اللواء أحمد عسيري، المتحدث باسم القوات المشتركة في عاصفة الحزم سابقًا، انه قبل قيام عاصفة الحزم كانت الحكومة الشرعية اليمنية مطاردة من قبل ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران والتي تسيطر على كل مقدرات الدولة وعلى مساحة كبيرة من اراضي اليمن، وبعد سنتين من عاصفة الحزم وإعادة الأمل اصبحت الحكومة الشرعية تسيطر على أكثر من 85% من الاراضي اليمنية.
أما فيما يتعلق بملف الإرهاب، فصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان هو مهندس التحالف الاسلامي لمحاربة الإرهاب وعرابه. ففي عام 2015 اعلن عن تأسيس التحالف المكون في بدايته من 35 دولة ليصل في ديسمبر 2016 الى 41 دولة بانضمام سلطنة عمان الى التحالف، بما يمثل أكثر من ثلثي أعضاء منظمة التعاون الإسلامي بواقع 72%. وكان اول إنجازات التحالف إقامة اكبر مناورات عسكرية في منطقة الشرق الاوسط «رعد الشمال»، نظمت بمدينة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن لمدة أسبوعين بمشاركة قوات 20 دولة عربية وإسلامية وقوات درع الجزيرة ما جعلها الأكبر في تاريخ المنطقة بعد قوات حرب الخليج الثانية. بالإضافة الى ذلك تعد القمم الثلاث التي عقدت في الرياض بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أحد أهم الاعمال التي يقف خلفها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، فقد تم في القمة الخليجية - الامريكية توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مركز لتجفيف منابع تمويل الإرهاب. وفي القمة «العربية- الإسلامية- الأمريكية» تم تأسيس المركز العالمي لمواجهة الفكر المتطرف «اعتدال»، مقره الرياض وكذلك توفير 34 ألف جندي كقوة احتياط لدعم العمليات ضد الإرهاب في العراق وسوريا.
وفيما يتعلق بالملف الايراني فبعد قطع العلاقات السعودية مع إيران في مطلع 2016 بعد الهجوم على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، استطاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان من خلال زياراته المكوكية ودبلوماسيته النشطة أن يعمل على حشد دولي لمواجهة نشاطات إيران وتدخلاتها في المنطقة، والتي تجسدت بشكل واضح في البيان الختامي للقمة العربية الاسلامية الامريكية، والتي شارك فيها اكثر من 50 دولة عربية واسلامية ودانت بشكل صريح التدخلات الايرانية في شؤون الدول الداخلية، مع الالتزام بالتصدي لها.
أما فيما يتعلق بالملف الاقتصادي، فقد أخذ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على عاتقه من خلال ترؤسه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وضع خطة شاملة للنهوض باقتصاد السعودية من خلال خطط التحول الاقتصادي ورؤية 2030 التي تعمل على إعادة تشكيل الأذرع الرئيسية للاقتصاد السعودي وعدم الاعتماد على النفط كمورد اقتصادي. وأعتقد أن الرؤية لن تقتصر نتائجها على الجانب الاقتصادي فحسب بل سوف تعمل على خلق تحول اجتماعي وثقافي كبير في المجتمع لتأخذه إلى مراتب المجتمعات المعاصرة.