DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

النقد العربي ومراحل روستو

النقد العربي ومراحل روستو

النقد العربي ومراحل روستو
أخبار متعلقة
 
حين قرأت تقرير صندوق النقد العربي «آفاق الاقتصاد العربي»، الصادر الأربعاء الماضي، وتحليلاته وتوقعاته عن كل دولة عربية، ومعدل التفاؤل والتشاؤم، وبعض الحقائق المختلطة نسبيا بالواقع وبالمستقبل وبالعالم أيضا؛ تلبستني الحيرة حول مصير دولنا الخليجية المصدرة للنفط، حين أطبق عليها نظرية مراحل النمو لعالم الاقتصاد الأمريكي (والت ويتمان روستو)، فأنا أتساءل: نحن في أي مرحلة من المراحل الخمس التي تحدث عنها روستو؟ فقد أعياني توصيف سوقنا الخليجية، عند أي مرحلة يمكن إدراجه؟، ففي الوقت الذي أدرك بأننا تخطينا مرحلة المجتمع التقليدي (المرحلة الأولى من مراحل النمو عند روستو)، أكاد أيقن من أننا لا نزال في مرحلة التهيؤ للإقلاع (المرحلة الثانية)، ولأننا لم نصل لمرحلتي الإقلاع والنضوج (الثالثة والرابعة) إلا إننا نقع أيضا في مرحلة الاستهلاك الوفير (المرحلة الخامسة) وهي آخر مرحلة والتي وصفها روستو بأنها مرحلة الترف والتحول من الريف إلى المدنية وشراء الحاجات الثانوية «الرفاهية» بدل الأساسيات والمنتجات المحلية وارتفاع نسبة الطلب الاستهلاكية بالذات من الأسواق الخارجية، بعد تشبع السوق المحلية طبعا. وبالحديث عن نظرية روستو التي تبين مراحل النمو الاقتصادي عند الدول بالذات تلك التي تخرج من أزمة كبيرة وتبدأ من الصفر، حين كتبها في كتابه الذي نشره في عام 1960 أي إبان الحرب الباردة وذروة الركود، والحروب الشرقية وانقسام وانفصال الدول الكبرى إلى دويلات صغيرة واستقلال العديد من الدول المستعمرة وخسارة العديد من الدول الاستعمارية لثرواتها من الدول المستعمرة، خرج روستو بكتابه (مراحل النمو الاقتصادي، البيان غير الشيوعي) فهو يتحدث عن مراحل اعتبرها النقاد أنها تاريخية بديهية لمراحل قيام أي دولة، ولكن في وضعنا الخليجي أجد أن هناك اختلاطا لتلك المراحل التي تسبق احداها الأخرى في تباين غير مفهوم، ولا يمكن معالجته بصورة عادية، ما يشير إلى تخبط اقتصادي مرحلي تسببت فيه الطفرة النفطية ولم تدركه دولنا إلا اليوم- إن أدركته فعلا-. فقد وصل الناس حد الترف من غير اكتفاء ذاتي وصناعات محلية أي أن الاقتصاد لدينا لم يصل لمرحلة الاقلاع والنضوج، ليس لدينا منتجات محلية ولا حرف كبرت لتكون صناعات، ولا ورشات باتت مصانع، ولا مشاريع عملاقة، ولا حتى لدينا قطاع خدمات واعد حتى في المجال الذي ننافس فيه مجال النفط، فالمسافة بين المرحلة الثانية والخامسة كبيرة جدا وقفز على المراحل. غير أن تقرير صندوق النقد العربي يوضح أن معدل نمو الدول الخليجية هذا العام لن يتجاوز 1.7 بالمائة وقد يشهد تحسنا يصل من خلاله إلى 2.2 بالمائة، بالطبع فإن هذا التحسن خاضع لسوق النفط ويدلل التقرير على أن لضريبة القيمة المضافة مساهمة بنسبة تتراوح من 1 إلى 2 بالمائة على الناتج المحلي سيساهم في نسبة النمو المذكورة، على الرغم من أنها قد تتسبب في تأثير سلبي على معدل الاستهلاك الخاص، وأن تأثيرها على النمو الاقتصادي من المتوقع أن يبقى محدودا، لا سيما وأن نسبة الضريبة لا تتجاوز 5 بالمائة وهي الأقل عالميا- لذا لا أعرف هذه الطفرة في نسبة النمو خلال عام فقط -، ناهيك من أن خفض مستويات الدعم وجهود الضبط المالي للحكومات من شأنها أن تؤثر هي الأخرى على مستويات الدخل المتاح، بالمقابل يتوقع التقرير ارتفاع معدلات التضخم من 2.9 بالمائة وهي النسبة الحالية إلى 3.7 بالمائة في 2018 في ظل العمل بنظام ضريبة القيمة المضافة. في الحقيقة، إن أسواقنا المحلية تعمل بنظام «استهلاكي» نشط وهو أمر وإن كان مزعجا إلا أنه هو المحرك الرئيسي للسوق، ولنعيد ترتيب التحديات وفقا لخارطة التوقعات التي خرج لنا بها تقرير النقد، بناء على ما لديه من معلومات قد تكون نسبة الضبابية فيها وعدم اليقين عالية، وهو وبحسب تلك التوقعات فإن مستويات الانفاق ستتضرر حتما، وستشح السيولة في السوق، والتقرير الذي تحدث عن السياسات المالية والنقدية والنمو الاقتصادي لم يتحدث عن كارثة «العمالة الوافدة» التي تستنزف نسبة كبيرة هي الأخرى من الانفاق المحلي (تجاوزت المائة مليار دولار) ستكون خارج السوق، بالإضافة إلى أن وارداتنا أغلبها هي من الأسواق الخارجية، فكما أسلفت ليس لدينا تصنيع محلي، فأغلب مصانعنا هي وكالات وفروع أو هي مصانع «إعادة تعبئة وتغليف» أي تعتمد على المصانع الأجنبية. وبالعودة لنظرية روستو، فنحن على أعتاب العودة للمرحلة الأولى من مراحل النمو التي ذكرها، في حال شحت السيولة والرساميل والانفاق وارتفعت العجوزات والتضخم والضرائب الحكومية، فنحن ليس لدينا اكتفاء ذاتي، إلا الأرض والبحر إذا فقدنا نشاط السوق الاستهلاكية المحلية.