ألقت تداعيات الأحداث المتلاحقة على ساحة الوطن العربي ابتداء من الثورة التونسية وما أعقبها من أحداث في كل من مصر وليبيا واليمن وسوريا وقبلهم العراق، ألقت بظلالها على حضور القضية الفلسطينية وموقعها في قائمة الاهتمام على الصعيدين العربي والعالمي، رغم أنها قضية العرب المركزية، وأساس كل ما يحدث بحكم وجود الاحتلال، وأدى ذلك إلى استفراد قوى الاحتلال بالشعب الفلسطيني، واستمرار عمليات الاستيطان والتوسع في بناء المستوطنات، وتجريف القرى والبلدات الفلسطينية، وزاد الأمر سوءا في عدم وفاء القوى الدولية بالتزاماتها تجاه حل الدولتين، وبالتالي السماح لإسرائيل بممارساتها العدوانية التي تستهدف فرض حلول الأمر الواقع، وقد تنبهت الدبلوماسية السعودية لهذا الاستغلال البشع للظرف الذي تمر به الأمة العربية من قبل الحكومة الصهيونية، فظلت تستحضر قضية فلسطين في كافة المنتديات العربية والإسلامية والعالمية، حتى لا يخبو الاهتمام بها، مما يتيح للمحتل فرض سياسة الأمر الواقع، وتجريف القضية نفسها من طاولات البحث الدولي تماما كما جرفت آلياته الأرض «مساكن وحقول وبساتين» في فلسطين، ولعل ما جاء في كلمة وزير الخارجية عادل الجبير لدى مشاركته في المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط والذي عقد مؤخرا في باريس، وتركيزه على ثوابت المملكة تجاه القضية الفلسطينية، وإشارته للمبادرات التاريخية التي تبنتها المملكة لحل هذه القضية ابتداء من مبادرة المملكة في قمة فاس، وصولا إلى مبادرتها في قمة بيروت 2002، والتي تبنتها الجامعة العربية، ثم منظمة التعاون الاسلامي في قمة مكة المكرمة 2005، حيث أصبحت المرجعية الرئيسية لعملية السلام في الشرق الأوسط، نقول لعل في هذا الاستطراد من الوزير الجبير جهة القضية المركزية، والذي يأتي في زحمة الأحداث التي يصطخب بها عدد من أقطار الوطن العربي ما يؤكد حرص المملكة وقيادتها الحكيمة على التمسك بالحق العربي في فلسطين، ورفض تحييد هذه القضية الأم تحت أي ذريعة كالانشغال بقضايا الوطن العربي الأخرى، وذلك لإيمان المملكة أن لب كل هذه القضايا ومحورها هو القضية الفلسطينية، واستمرار الاحتلال الاسرائيلي، وتعسفه في رفض الحلول والمبادرات التي طالما نادت بها المملكة لاسترداد الحق العربي لفرض قواعد السلام في هذه المنطقة، ونزع فتيل التوتر الذي أشعله تعنت السياسات الاسرائيلية، واستغلال الواقع القائم اليومي للمضي قدما في استلاب وقضم الأراضي الفلسطينية.