منذ أن قامت التنظيمات الإرهابية المتشددة بعملياتها في الغرب، وأنا أسأل نفسي سؤالا مهما: ماذا ستستفيد هذه التنظيمات من هذه العمليات رغم صغر حجمها وعدم تأتيرها المادي على تلك الدول؟ فلا هي تحقق النصر ولا هي تقلب الموازين على تلك الدول، بل قد تكون خسائرها أكثر من فائدتها. فرغم تأثير هذه العمليات الضئيل وصغر تأثيرها المادي والمعنوي تجد أن تلك المنظمة تسعى بسرعة تبنيها والإشادة بها ونسبتها لها، ثانيا تعرف هذه التنظيمات حجم قدراتها العسكرية واللوجستية والاقتصادية مقارنة بهذه الدول الكبرى تجد أنها لا شيء. وهي تعرف من المؤكد أن هذه الدول لن تزيدها هذه العمليات إلا شراسة وقسوة في التعامل مع المسلمين، وخصوصا المتشددين منهم، فيكفيك أنه لا يمر مسلم عبر موانئ هذه الدول الجوية إلا بعد تفتيش شخصي مشدد، وأنه يختار من بين المسافرين غالبا لاخضاعه لهذه الإجراءات بناء على ملامحه أو اسمه. وبعد تفتيشه والتأكد من سلامة جوانبه وثنايا جسده يعتذر منه موظف الأمن أن تفتيشة كان عشوائيا بين المسافرين وهي طريقة مؤدبة من النفاق حتى لا يتهمه ذلك الشخص بالعنصرية والتمييز في المعاملة بين المسافرين التي تنص عليها القوانين في تلك الدول، والتي أعتقد أنها قد تعدل مستقبلا في هذه الدول لتعطي الحق لرجال الأمن في مطارات تلك الدول في تفتيش أي مسلم قادما أو عابرا لأراضيها وقد يبيحه القانون لضرورته لحماية الأمن القومي لها. إذن، ما الهدف النهائي لهذه التنظيمات المتشددة، في ظل هذه المعطيات وهذه الأحداث، فحتى وإن استعدت هذه التنظيمات الدول الغربية فهي مقتنعة كل القناعة أنها لن تستطيع القضاء عليها أو تدميرها لفارق الإمكانيات. في الحقيقة، أن هذه التنظيمات ومن خلال عملياتها الساذجة والموجهة ضد المدنيين في المقام الأول لن تدمر دولا وتضعف إمبراطوريات. إن هذه العمليات موجهة ضد المسلمين أنفسهم من غير ما يسمون بالجهاديين، إن الهدف النهائي من هذه العمليات جر الأوروبيين إلى استعداء المسلمين جميعا سواء من الجهاديين أو المعتدلين بكافة طوائفهم وجر الغرب للاصطفاف ضدهم ومحاربتهم، وبالفعل بدأت هذه الإستراتيجية في إعطاء النتايج المنتظرة منها، وأكبر دليل الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتي خالفت كل التوقعات واستطلاعات الرأي العام إلى درجة أن الرئيس الذي تم انتخابه دونالد ترامب نفسه لم يكن يتوقع الفوز وبهذا الفارق التاريخي الكبير، نتيجة وعده بعدم دخول المسلمين للولايات المتحدة الأمريكية، وما ازدياد شعبية الأحزاب اليمينية في فرنسا وألمانيا والنمسا وغيرها؛ إلا دليل آخر لذلك. إن ظهور هذه الأحزاب ووصولها إلى الحكم في تلك الدول سوف يزيد من الكراهية والعنصرية ضد المسلمين مستقبلا؛ مما يجعل الغرب صفا واحدا ضد المسلمين، ينتج عنه اصطفاف المسلمين المعتدلين وكنتيجة طبيعية مع المتشددين صفا واحدا وبذا تكون هذه التنظيمات الجهادية قد سحبت المعتدلين وغير الجهاديين خلفها إلى المعركة دون رضاء منهم ولا حولا لهم ولا قوة، فتصدق تنبوءات صامويل هنتنجتون صاحب كتاب «صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي» وهذا هو هدف القاعدة وداعش النهائي.