DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

ازالة العوائق تسهل حركة التجارة والسلع

إزالة العوائق عن حركة السلع هو السبيل لتحقيق نهضة اقتصادية متميزة

ازالة العوائق تسهل حركة التجارة والسلع
ازالة العوائق تسهل حركة التجارة والسلع
أخبار متعلقة
 
تعد دول مجلس التعاون الخليجي من أكثر اقتصاديات العالم انفتاحا على العالم الخارجي فهذه الدول تنتج النفط الخام الذي يمثل المكون الرئيسي لصادراتها وايراداتها والناتـج المحلي الاجمالي لها. وتصدر غالبيته الى بقية دول العالم وبخاصة الصناعي، وتحصل هذه الدول مقابل عائدات النفط على حاجتها من السلع الرأسمالية والوسيطة والاستهلاكية نظرا لقلة السكان في هذه الدول، فإنها تعتمد كذلك على العالم الخارجي في الحصول على جميع المهارات البشرية اللازمة لتنفيذ مشروعاتها التنموية. وقد ازداد اعتماد هذه الدول على العالم الخارجي منذ بداية السبعينات، نظرا لارتفاع أسعار النفط وتزايد ايراداته، مما ساعدها على البدء في تنفيذ كثير من المشروعات التنموية، وفي مقدمتها مشروعات البنية الأساسية، التي تم استيراد الغالبية العظمى من مكوناتها من بقية دول العالم. التجارة الخارجية والتنمية ان دور التجارة من حيث هي محرك التنمية في الاقتصاديات المعاصرة، حيث يستمد أساسه النظري من نظرية التجارة الدولية الحديثة. إذ تفترض هذه النظرية أن قيام كل دولة في العالم بإنتاج وتصدير تلك السلعة التي تمتلك فيها ميزة نسبية أي تنتجها بتكلفة نسبية أقل من غيرها مع ازالة جميع العوائق الجمركية، وغير الجمركية على حركة هذه السلع هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستغلال الأمثل لموارد هذا العالم وزيادة الرفاه الاقتصادي لجميع الدول. فالتجارة الدولية توسع نطاق السوق وبالتالي يزداد التخصص وترتفع كفاءة استغلال الموارد، مما يؤدي بدوره الى زيادة الدخل القومي وارتفاع معدلات الادخار والاستثمار، والتي تؤدي في النهاية الى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وما يرافقه من تحولات هيكلية، وتطورات في المؤشرات الاقتصادية الاخرى كالمستوى العام للأسعار وتوظيف الموارد وتحقيق التوازنين الداخلي والخارجي. إلا أن الدور الذي تشير إليه النظرية التقليدية للتجارة الخارجية في عملية التنمية لم تتحقق في كثير من الدول النامية، فالتجارة تعرقل مشاريع التنمية الاقتصادية لأن الدول غير الصناعية تتميز هياكل تجارتها الخارجية بالبطء المتناهي لنمو الصادرات الأمر الذي يخلق عوامل الاختلال وعدم التكافؤ بين صادرات المواد الأولية، والواردات الصناعية، فالأولى يعززها التطور التكنولوجي، والثانية يصنعها الوضع الاقتصادي المتردي، ناهيك عن بواعث التكيف الهيكلي الصعبة أمام المنافسة الدولية القوية. كما تتميز هذه الهياكل بانخفاض معدل التبادل التجاري، إن معدل التبادل التجاري لدولة ما، هو حاصل قسمة الرقم القياسي لصادراتها على الرقم القياسي لوارداتها، وانخفاض هذا المعدل يحصل عندما تتراجع أسعار الصادرات نسبة الى أسعار الواردات، مما يضطرها الى التخلي عن كمية أكبر من صادراتها، للحصول على الكمية السابقة من الصادرات، وتشير البيانات المتوافرة الىأن معدل التبادل التجاري للدول النامية، كان في حالة تراجع، بينما كان معدل التبادل التجاري للدول الصناعية في حالة تزايد منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك نتيجة لانخفاض أسعار السلع الأولية صادرات الدول النامية وارتفاع أسعار السلع المصنعة صادرات الدول الصناعية وتقدر تكاليف الدول النامية الناتجة عن انخفاض معدل تبادلها التجاري، خلال الثمانينات بأكثر من 25 مليار دولار أمريكي في السنة، الأمر الذي أدى الى انخفاض ميزان تجارتها السلعية من حالة فائض قدره 55.8 مليار دولار عام 1981م إلى عجز قدره 12 مليار دولار عام 1985م ويعود الانخفاض المذكور في أسعار الصادرات الأولية للدول النامية الى مجموعة من الأسباب أهمها الانخفاض في المرونة الداخلية، والسعرية للطلب على هذه السلع، والتقدم التقني الذي رفع من كفاءة استخدام المواد الأولية وطور بدائل لها، ذلك بالاضافى الى اتصاف أسواقها بالتنافسية، في الوقت الذي تكون فيه أسواق السلع المصنعة احتكارية، الأمر الذي يجعل التقدم التقني ينعكس في أسواق الأولى (السلع الأولية) على شكل انخفاض في الأسعار بينما ينعكس في أسواق الثانية (السلع المصنعة) على شكل ارتفاع في الأجور والأسعار. إن الحلقات الأمامية والخلفية التي يفترض أن يوجدها قطاع تصدير السلع الأولية، لم تظهر في أغلب الدول النامية، فهذه الدول بقيت فيها قطاعات السلع الأولية منعزلة عن بقية القطاعات الاقتصادية، فهي لم تولد حلقات انتاجية، ولا حلقات استهلاكية مما أدى الى اعتماد هذه الدول على الحلقة المالية أي استخدام الحكومة لإيرادات قطاع السلع الأولية لتوليد النشاط في بقية القطاعات وذلك من خلال تنفيذ المشروعات التنموية المتعددة. ولكن الحلقة المالية لا يمكنها القيام بالدور التنموي المطلوب ما لم تكن هناك فرص استثمارية نتيجة لتحقيق التنوع المطلوب، في اقتصاديات هذه الدول وإلا فإن هذا الانفاق الحكومي قد يتحول الى نوع من الهدر للموارد يأخذ صورا متعددة كالتوسع في البيروقراطية والانفاق العسكري، وهذا ما تشهد به تجربة كثير من الدول النامية. المرض الهولندي دلت تجارب بعض الدول النامية على أن التوسع في قطاع السلع الأولية سواء كان زراعيا أو معدنيا، يؤدي الى تراجع القطاع الصناعي، وهذا ماعرف بالمرض الهولندي نظرا لمشاهدة هذه الآثار في هولندا بعد اكتشاف الغاز الطبيعي فيها في حقبة الستينات، ويعني المرض الهولندي باختصار ان التوسع في قطاع الصادرات الأولية ينتج عنه أثران: الأثر الأول هو ما يعرف بأثر الانفاق حيث ان الزيادة في العائدات الناتجة عن نمو صادرات السلعة الأولية تؤدي الى زيادة الطلب المحلي على السلع والخدمات التي لا تدخل في التجارة الدولية كالإنشاءات والكهرباء والصحة، مما يؤدي الى ارتفاع المستوى العام لأسعار هذه السلع والخدمات وبما ان هذه السلع والخدمات تمثل مدخلات في الصناعة التصديرية غير الأولية فإن ارتفاع اسعارها ينتج عنه ارتفاع في أسعار السلع منتجات هذه الصناعات التصديرية التي تحدد أسعارها في الأسواق العالمية، وبالتالي فإنها تفقد قدرتها التنافسية، وتقل أرباحها، ويتراجع انتاجها، وتوظيفها للموارد المحلية. أما الأثر الثاني فهو يعرف بأثر حركة الموارد الانتاجية والذي يحدث عندما يكون قطاع الصادرات الأولية يستخدم بعض عناصر الانتاج التي تستخدم في القطاعات الأخرى. فعندما يتوسع انتاج قطاع السلع الأولية فإن زيادة طلب هذا القطاع على عناصر الانتاج تؤدي الى ارتفاع أسعارها، وانتقالها من القطاعات الأخرى، وبخاصة قطاع الصناعات التصديرية الى قطاع السلع الأولية وذلك لتفاوت العائد في القطاعين مما يؤدي الى تفاقم الارتفاع في سعر الصرف الحقيقي، أي الزيادة في الأسعار النسبية للسلع التي لا تدخل في التجارة الذي ينتج عن الأثر الأول أثر الانتاجية وتراجع النشاط في قطاعات الصناعات التصديرية التي تتعرض للمنافسة الدولية، ولا تستطيع تحديد أسعار منتجاتها محليا كما هو الحال في قطاع المنتجات التي لا تدخل في التجارة الدولية. لذلك فإن أثر المرض الهولندي على الصناعات التصديرية يعتمد على مقدرة الدولة على اعادة سعر الصرف الى ما كان عليه قبل توسع القطاع الأولى بالاضافة الىتقليل مصروفاتها، وعرضها للنقود وذلك من أجل السيطرة على معدل الزيادة في الأسعار. يتضح مما سبق أنه على الرغم من أهمية قطاع الصادرات الأولية، في عملية التنمية في الدول النامية فإن هناك اختلافا حول ما إذا كان بالإمكان اعتبار هذا القطاع محركا للتنمية في هذه الدول، خاصة في ظل تواضع الانجازات التنموية الغالبية للدول النامية حتى وقتنا الحاضر، إن نجاح قطاع الصادرات الأولية في القيام بدور المحرك لعملية التنمية يعتمد على توافر شروط مرتبطة بالقطاع نفسه وشروط مرتبطة بالبيئة المحيطة به، فالشروط المتعلقة بالقطاع نفسه تشمل ارتفاع معدلات نمو هذاا لقطاع وزيادة للعمالة واستخدامه للمدخلات المحلية بدل الواردات واستثمار عائداته بصورة منتجة واعتماده على التقنية المتطورة. أما الشروط المتعلقة بالبيئة المحيطة به فتشمل على وجود بنية أساسية متطورة ومؤسسات فعالة وموارد بشرية ذات مهارات ملائمة. دور التجارة الخارجية تعتبر اقتصاديات دول المجلس من أكثر اقتصاديات العالم انفتاحا على العالم الخارجي، حيث ان التجارة الخارجية، (الصادرات + الواردات) تمثل في هذه الدول أكثر من 80 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 1990م في الوقت الذي لا تزيد فيه هذه النسبة في المتوسط عن 50 بالمائة في بقية الدول العربية و54 بالمائة في الدول الصناعية. وتعود هذه الأهمية للقطاع الخارجي في دول المجلس الى اعتمادها الكامل على النفط الخام كمكون رئيسي للصادرات ذلك بالإضافة الى دوره المهم في الناتج المحلي الاجمالي وفي الايرادات العامة لها. فهذه الدول تعتمد على العالم الخارجي لبيع أغلب منتجاتها من النفط وتستخدم عائداته للحصول على أغلب حاجاتها من السلع الاستهلاكية والرأسمالية والتقنية المتطورة والغذاء والسلاح وغيرها من باقي دول العالم، خاصة الدول الصناعية منها، وبالتالي فإن اقتصاديات هذه الدول تمثل نموذجا بارزا للاقتصاد الذي يعتمد على سلعة أولية موجهة للتصدير وتستخدم ايراداتها أو العملة الأجنبية المتولدة من بيعها للتصدير الاقتصادي في بقية القطاعات. استنتاجات إن التحليل السابق لأثر التجارة الخارجية على اقتصاديات دول المجلس يقودنا الى مجموعة من الاستنتاجات أهمها أن الصادرات النفطية لدول المجلس كانت هي المحدد الرئيسي لمستوى النشاط الاقتصادي في هذه الدول، فعندما كانت أسعار النفط وايراداته في ارتفاع انعكست في صورة ايجابية على المؤشرات الاقتصادية، كالنمو الاقتصادي والميزان التجاري والموازنة العامة للدولة، كما حصل في حقبة السبعينات والنصف الأخير من الثمانينات، وبالمقابل عندما تراجعت قيمة الصادرات النفطية لانخفاض أسعار النفط والكميات المنتجة منه خلال النصف الأول من الثمانينات، كان لهذا التراجع آثار سلبية على جميع القطاعات الاقتصادية لهذه الدول مما أدى الى ظهور العجز في الموازنات العامة والموازين التجارية، وتحقق معدلات نمو سالبة في كل من الناتج المحلي الاجمالي ومتوسط دخل الفرد، وتأجيل الكثير من المشروعات الاستثمارية المقترحة، وتقليص الكثير من المشروعات القائمة، ونتيجة لذلك فإن النفط في هذه الدول ليقوم فعلا بدور المحرك لجميع النشاطات الاقتصادية. لقد ظل القطاع النفطي في هذه الدول منعزلا عن بقية القطاعات، ولكن حكومات دول المجلس استطاعت من خلال السياسات المالية الحلقة المالية أن تنفذ أغلب مشروعات البنية الأساسية، وأن تنشيط القطاعات الأخرى خاصة الخدمية والتوزيعية، غير أن القطاعات السلعية بقيت معتمدة على القطاع النفطي، وما زالت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي، وفي اسخدام العمالة في دول المجلس محدودة، ونتيجة لذلك ظلت صادرات هذه الدول متركزة في النفط الخام والغاز الطبيعي، ولقد نتج عن هذا التركز في الصادرات كثير من التذبذب في ايرادات هذه الدول كما تشهد بذلك حقبة الثمانينات الأمر الذي انعكس بصورة سلبية على المسار التنموي لها. لقد شهدت حقبة الثمانينات انخفاضا في معدل التبادل التجاري لدول المجلس حيث أن سعر النفط الحقيقي، حاصل قسمة سعر النفط الاسمي بالأسعار القياسية لصادرات الدول الصناعية علما أن سنة الأساس هي 1974م قد انخفض من 17.2 دولار للبرميل عام 1980م إلى 6.4 دولارات للبرميل عام 1989م، وقد نتج هذا الانخفاض في الأسعار عن زيادة العرض من قبل الدول غير الأعضاء في الأوبك وتراجع الطلب، وزيادة كفاءة استغلال النفط في الانتاج الاستهلاك. لقد تعرضت دول المجلس لظاهرة المرض الهولندي خاصة في النصف الأول من حقبة الثمانينات كان له أثر سالب على تطور القطاع الصناعي في هذه الدول. وتراكمت لدى دول المجلس عائدات كبيرة من النفط، غير ان غياب الفرص الاستثمارية المنتجة بسبب القيود الاقتصادية، وما تعانية من صغر حجم السوق جعلهاتتجه الى الاتفاق غير المنتج، كالتوسع المفرط في الجهاز الحكومي وفي الخدمات الاجتماعية والتسلح والافراط في الواردات الاستهلاكية، وبالتالي فإن الدرس من هذه التجربة هو أن التنمية الفعلية لن تتحقق في هذه الدول بتوافر العملة الأجنبية والمدخرات المحلية وحدها، حيث ان هذه العوامل ضرورية ولكنها ليست بكافية، فلابد لنجاح الجهود التنموية من توافر فرص استثمارية منتجة وأسواق واسعة ومهارات بشرية متطورة، وهذه أمور لا يمكن تحققها إلا في ظل التكامل الاقتصادي الخليجي، الذي يساعد على إزالة الازدواجية في المشروعات الصناعية، ويرفع من كفاءة استغلال الموارد البشرية والمادية، ويقوي الموقف التفاوضي لدول المنطقة ويمكنها من الحصول على التقنية المتطورة، ويفتح أمامها أسواق الدول الصناعية ويقود في النهاية الى تطورها الصناعي وما ينتج عنه من تحولات في هياكلها الاقتصادية. تعميق الدول التنموي لقد اتضح مما سبق الدور الرئيسي الذي يلعبه قطاع التجارة الخارجية في اقصاديات دول المجلس، والذي تمثل في توليد العملة الأجنبية والمدخرات المحلية التي استثمرتها دول المنطقة لتنفيذ كثير من المشروعات التنموية، وأهمها مشروع البنية الأساسية التي اكتملت في الغالب، غير أن هذه العائدات من الصادرات النفطية لم تحقق كثيرا من الأهداف التنموية المتوقعة منها والتي يأتي في مقدمتها التنويع في الهياكل الاقتصادية لدول المجلس، وما يتبعه من تنويع في الصادرات والايرادات، وبالتالي تحقيق نمو يؤدي في النهاية الى تقليل اعتماد هذه الدول على غيرها، ويؤهلها لمواجهة عصر ما بعد النفط. واقع التجارة البينية تمثل العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واحدة من السمات والمبادىء الأساسية التي استهدفها قيام مجلس التعاون. ولذلك فإن سعي دول المجلس لتحقيق التكامل فيما بينها في هذا الاطار لايتوقف. ولكن الأمر مع ذلك يحتاج الى مراجعة من آن الى آخر لمعرفة الصورة على حقيقتها، وتعد مسألة مراجعة التجارة البينية لدول مجلس التعاون ضرورة بالنظر الى واقعها ومحاولة استشراف آفاق تطورها فمن غير المقبول أن تتراجع التجارة البينية لدول المجلس، في الوقت الذي ترتفع فيه وارداتها من باقي دول العالم، وكما أن اقتصاديات دول مجلس التعاون تنافسية لم تحقق هدفها التكاملي، ولذلك فإن المواجهة تتطلب توحيد السياسات التجارية الخارجية. وتعتبر التجارة الخارجية واحدة من أهم مرتكزات التنمية الاقتصادية فمن خلالها تحقق الدول التكامل الاقتصادي، وتسد فجوة الموارد فيما بينها، حيث تنقل عناصر الانتاج من سلع وخدمات من الدول التي تتمتع بوفرة نسبية من هذه العناصر تصدير الى المناطق ذات الوفرة النسبية الأقل استيراد. ويمكن القول بأن قدرة الاقتصاد على الاستغناء عن التجارة والاعتماد على القدرات الذاتية، تتناسب طرديا مع وفرة الموارد المحلية والمتاحة، فالاقتصاد الذي يمتلك موارد أكثر تنوعا تقل أهمية التجارة الخارجية في مجمل أنشطته، والعكس صحيح. وعلى الرغم من سعي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى تحرير تجارتها البينية وتوحيد سياساتها التجارية مع العالم الخارجي، فإن انجازاتها في هذا المجال مازالت متواضعة ففي حين وصلت واردات دول مجلس التعاون لدول مجلس الخليج العربية عام 1995م إلى 99.9 مليار دولار، فإن نسبة الاستيراد من مصادر خليجية لم تتجاوز 5.7 مليار دولار أو ما نسبته 5.7 بالمائة من مجمل وارداتها. تعتبر سلطنة عمان العضو الأكثر استيرادا لمنتجات باقي أعضاء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فقد بلغت قيمةوارداتها من باقي دول المجلس 1745.2 مليون دولار أمريكي أو ما نسبته 37.7 بالمائة من مجمل وارداتها خلال عام 1995م أما المملكة العربية السعودية فتعد من أقل الدول استيرادا لمنتجات باقي دول مجلس التعاون الخليج العربي، حيث لم تتجاوز وارداتها من باقي دول المجلس 753.6 مليون دولار أو ما قيمته 2.7 بالمائة من مجمل الواردات. وتأتي دولة الامارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية بعد السعودية من حيث ضعف أو تدني نسبة الاستيراد من دول مجلس الخليج العربية، فخلال عام 1995م لم تستورد دولة الامارات العربية المتحدة من منتجات باقي دول مجلس التعاون بأكثر من 1989 مليون دولار أو ما نسبته 7.9 بالمائة من مجمل وارداتها خلال تلك السنة والتي وصلت الى 23.5 بالمائة مليار دولار، ان نسبة ما استوردته كل من قطر والكويت والبحرين من أسواق باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد بلغت 13.0 بالمائة، 9.7 بالمائة، 8.3 بالمائة من مجمل واردات كل منها على الترتيب. عوائق التجارة البينية وعلى الرغم من تكريس دول مجلس التعاون الخليج العربية لفوائض النفط، التي تراكمت في أواخر الثمانينات لتعزيز قواعد الانتاج وتنويع مصادر الدخل، وما ترتب على ذلك من تطور الصناعات الخليجية وتزايد الانتاج الخليجي النفطي، ولكن حجم التجارة البينية الخليجية لم يرقى الى مستوى طموحات دول المجلس الأمر الذي يشير الى وجود معوقات تحول دون انسياب السلع بين هذه الدول، وتتحكم الدول بتجارتها مع الدول الاخرى من خلال الأنظمة والقوانين التي تشركها بهدف كبح أو زيادة تجارتها مع دول ما أو من سلعة ما، ووفقا لاتفاقيات وقوانين منظمة التجارة العالمية فإن مثل هذه الممارسات تعد غير شرعية مع وجود بعض الاستثناءات فأية معاملة تمييزية سلبية تزيد من عوائق التجارة ضد منتجات أي من الدول الأعضاء تعد أمرا مرفوضا أما اذا كانت هذه المعاملة ايجابية تحد من عوائق التجارة فإن قوانين منظمة التجارة العالمية تلزم الدول المعنية بتعميم مثل هذه المعاملة على منتجات جميع الدول الأعضاء. وقد استثنت المنظمة من هذا المبدأ السلع ذات الآثار السلبية على الصحة أو تلك المرفوضة من الناحية الدينية، مثل السجائر والمشروبات الروحية، واستثنت الدول والتجمعات الاقتصادية والسياسية والاقليمية مثل الدول العربية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ومن منظور المعاملة التمييزية، يمكن القول ان جميع الدول الخليجية في تعاملها مع منتجات باقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون لا تتعامل أي منها سلبيا مع هذه المنتجات ولكن وجود التعرفة الجمركية أو فرضها على المنتجات الوطنية الخليجية يساوي بين هذه المنتجات ومثيلاتها غير الخليجية في أسواق الدول الأعضاء وبالتالي يفقدها بعض الميزات التنافسية ويحد من الاقبال عليها كما أن نسبة القيم المضافة محليا اللازمة لتحديد المنتجات الوطنية والتي تبلغ 40 بالمائة تعتبر مرتفعة في اقتصاديات تفتقر الى كل عناصر الانتاج عدا الطاقة ورأس المال. ومن معوقات التجارة البينية بين دول المجلس غياب السياسة التجارية الموحدة فعدم توحيد هذه الدول لسياساتها التجارية مع العالم الخارجي الأمر الذي يضع الواردات من منتجات الدول الخليجية في وضع تنافسي غير متكافىء مع مثيلاتها الأجنبية في البلد الخليجي المعني بالاستيراد باستثناء توحيد مواصفات بعض السلع والاستيراد المشترك لسلع أخرى، فإن دول المجلس ما زالت تتنافس فيما بينها على الأسواق الخارجية في جانبي الاستيراد والتصدير، وتتعامل مع منظمة التجارة العالمية كدول منفصلة، وليس كمجتمع اقتصادي وتفرض كل منها على وارداتها تعريفات جمركية تختلف عماتفرضه باقي دول المجلس كما أن اهتمام كل هذه الدول ينصب على منتجاتها الوطنية وليس على منتجات دول المجلس الأخرى، عند وضع السياسة التجارية الخارجية والتفكير بحماية الصناعات الناشئة. إن غياب السياسة التجارية الموحدة قد يكون واحد من أهم العقبات التي تواجه التجارة البينية الخليجية، فالتعامل المنفصل مع منظمة التجارة العالمية يضعف الوضع التفاوضي للدول المعنية، ويحد من قدرة دول المجلس على توحيد سياساتها التجارية خاصة ما يتعلق منها بالتعريفات الجمركية، على السلع المستوردة من العالم الخارجي ومن شأن النظرة المحلية للمنتجات الوطنية أن تحد من الوضع التنافسي للصناعات الخليجية وبالتالي تقلل من أهمية هذه الصناعات وتعوق مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس في ظل تماثل الهياكل الانتاجية لاقتصاديات دول المجلس من حيث حاجتها الى عناصر الانتاج عدا الطاقة ورأس المال، وكنتيجة لما أسلفناه من سياسات تجارية اتجهت استثمارات الدول الخليجية نحو صناعات تنافسية، بدلا من اتجاهها نحوصناعات تكاملية الأمر الذي زاد من تشبث كل دول المجلس بحماية صناعاتها الناشئة، خوفا من خسارة المنتجين علما بأن الخسائر المرتبطة بعدم حماية الصناعات الوطنية الناشئة، هي خسائر اقتصادية فقط، في حين تعتبر منافع تحرير التجارة البينية الخليجية وتحقيق التكامل الاقتصادي دائما اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا كما تعاني التجارة البينية الخليجية معوقات أخرى قد تكون في معظمها نتاجا مباشرا أو غير مباشر للمعوقات سالفة الذكر. فباعتمادها علىعناصر ومدخلات الانتاج الأجنبية تصبح تكاليف الانتاج في دول المجلس أعلى من مثيلاتها خارج هذه الدول فقد أشارت احدى الدراسات الى أن هامش الزيادة في تكلفة إنشاء الصناعات الخليجية على مبدأ تسليم المفتاح تزيد بنسبة 30 بالمائة 60 بالمائة من تكلفة انشاء مثيلاتها في الاتحاد الأوروبي وبطبيعة الحال فإن ارتفاع تكاليف الانتاج يضعف الوضع التنافسي للمنتجات الخلجيية أمام مثيلاتها غير الخليجية ويقود الجهات المعنية في دول المجلس الى التدخل وحماية المنتجات الأمر الذي يعوق حركة التجارة ويعوق مسيرة التكامل الاقتصادي. ومن المعوقات الأخرى تلك المرتبطة بعدم توفير البيانات والاحصاءات التجارية الدقيقة في الوقت المناسبة لاتخاذ قرارات الانتاج والتسويق، وتلك المتعلقة بالنقل مثل التاخير المرتبط بإجراء العبور بين الدول جراء تأشيرة العبور، وتفتيش الحمولات في مراكز الحدود، وغيرها من الاجراءات المعوقة والمكلفةمثل سير الشاحنات في قوافل. ان من شأن مثل هذه المعوقات أن تزيد من تكاليف البضائع والمنتجات العابرة، وبالتالي تضعف من وضعها التنافسي أمام مثيلاتها غير الخليجية. التخلص من العوائق ولزيادة التجارة البينية الخليجية لابد لدول الخليج العربية من ازالة أو الحد من معوقات هذه التجارة من خلال توحيد سياستها التجارية الخارجية وتحرير تجارتها البينية، ولابد لها من اعادة هيكلة وحدات الانتاج في اقتصادياتها بالتوسع في استغلال الثروات الطبيعية غير النفطية المتوفرة في بعضها فمن شأن مثل هذه الاجراءات أن يدعم اتجاه وحدات الانتاج في هذه الدول نحو التكامل الاقتصادي. تجدر الاشارة إلى أن العوامل المحددة للتصدير خارجية تتحدد وفقا لواقع اقتصاديات وسياسات الدول المستوردة التجارية، وعليه يتم استخدام الواردات للتعبير عن التجارة البينية الخليجية، ولولا اختلاف طرق حساب قيمة الصادرات في موانىء التصدير وقيمة الواردات موانىء الاستيراد وما يترتب عليه من اختلاف في القيمة جراء تكاليف النقل والتأمين لتساوت قيمة الصادرات والواردات البينية، لأن صادرات الدول الخليجية لباقي دول المجلس تمثل جزءا من واردات هذه الدول كان ذلك في السابق. خالد محمد خليل ــ خبير اقتصادي