نمط السكن لدينا في دول الخليج مختلف تماما عن غيره في الدول العربية، حيث ارتبط المفهوم في أغلب الدول العربية بالوحدات السكنية الصغيرة التي تراعي متطلبات الأسرة وتؤمن العيش الكريم للعائلة دون النظر للتوسع في الترفيه الموجود في السكن مثل مساحات للأحواش وملاحق وربما مسبح وغيره، ويربط هؤلاء مبنى واحد يتكون من عدة أدوار وفي كل دور عدة شقق توفر كل شقة المسكن والمأوى لقاطنيها، ومع انتشار هذا النمط من السكن المشترك الذي يعتبر اقتصاديا بسبب اقتصاره على تأمين المأوى مع حدود بسيطة في الترفيه كان لابد من وضع قوانين وضوابط تحدد كيفية التعايش بين السكان، وفعلا تم ذلك من خلال ما يسمى اتحاد الملاك الذي ينظم هذه العلاقة لتصبح تكاملية وتعايشا مشتركا.
نظرة الشعوب الخليجية حاليا إلى هذا النوع من السكن الاقتصادي ( الشقق ) تغيرت كثيرا من النظرة السلبية إلى النظرة الإيجابية، وتحول الكثير من المفاهيم فيما يتعلق بنمط البناء وأصبح ينظر إلى المنزل كوحدة تؤمن المأوى والعيش الكريم لساكنيها بغض النظر عن جوانب الترفيه الزائدة عن الحاجة التي تستنزف الجيوب ولا داعي لها وبالأخص في ظل الأوضاع الاقتصادية المتغيرة التي تمر بها المنطقة، إضافة إلى النمو السكاني الكبير الذي ألقى بظلاله على صعوبة تأمين السكن كما في الوضع السابق الذي كان ينظر إليه كوجاهة اجتماعية أكثر منه مأوى وملجأ وسكنا، حيث كانت في الفترة السابقة تسكن عائلة من زوج وزوجة وثلاثة أطفال في فيلا لا تقل عن ( 500 ) متر وما يتطلب ذلك من فواتير للكهرباء وعمالة للنظافة وتأثيث وغيرها خلاف مساحة الأرض وتكاليف البناء، أما حاليا ومع تغير الوضع الاقتصادي أصبحت المنازل صغيرة الحجم التي تكفي سكنا مناسبا للعائلة ومن ضمنها (الشقق ) هي الخيار المناسب فهي توفر بشكل كبير في فواتير الكهرباء والماء وربما لا تحتاج عاملة كما أن صغر المساحة يساعد على تأمين قيمتها وغيرها الكثير.
من هنا يأتي إنشاء (اتحاد الملاك) من قبل وزارة الإسكان كخطوة إيجابية تساعد على حل مشكلة ينظر إليها الكثير أنها عقبة في تملك ( الشقق ) بحكم حداثة التجربة لدينا كما ذكرت وأن أغلب المواطنين لا يفضلون هذا النوع من السكن سابقا بسبب عدم وجود جهة تنظم طريقة تعامل السكان فيما يتعلق بالماء ونظافة المداخل وفي حالة تعطل المنافع الأخرى مثل المصاعد من يتولاها بينما السبب الحقيقي حاليا إضافة إلى ذلك هو في رأيي تغير الوضع الاقتصادي الذي يتطلب ترشيدا في النفقات، ولذلك فإن إنشاء هذه المبادرة يعتبر فكرة جميلة وتستحق التقدير والثناء بشرط الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا الموضوع ومنها ( مصر ) التي لها باع طويل في مثل هذه الاتحادات.
وفي رأيي أن هذا النوع من السكن سيكون خيار المستقبل للجيل الجديد لعدة أسباب منها ما يعود بالنفع للمواطن مثل سهولة الحصول على شقة في مقابل الفيلا وتوفير الكثير من المتطلبات التي ترهق كاهل الأسر بسبب التوسع في مساحة السكن، ومنها ما يعود بالفائدة للبلد مثل تأمين أكبر قدر ممكن من السكن المناسب للمواطنين وبأسعار معقولة والحد من التوسع الأفقي واستبداله بالتوسع العمودي الذي سيوفر الكثير من النفقات على الدولة مثل تعبيد الطرق وشق شبكات المياه والصرف الصحي لمسافات بعيدة وإيصال الكهرباء وغيرها من منافع.
أتمنى من الاستاذ محمد المعمر مدير مجالس الملاك وهو أحد الشباب النشيطين أن يتعامل مع الموضوع بكل كفاءة واقتدار والإطلاع على التجارب الأخرى لتكون النتائج على درجة عالية من النجاح، وكل الشكر لوزارة الإسكان بقيادة وزيرها الشاب ماجد الحقيل على تبنيها مثل هذه المبادرات التي يستفيد منها البلد والمواطن.