DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

القمم العربية ومواجهة المشروع الصهيوني (1-2)

القمم العربية ومواجهة المشروع الصهيوني (1-2)

القمم العربية ومواجهة المشروع الصهيوني (1-2)
القمم العربية ومواجهة المشروع الصهيوني (1-2)
أخبار متعلقة
 
مرحلة الصدام المسلح حين شرعت الدول العربية في تأسيس الجامعة العربية لم تكن دولة إسرائيل قد ظهرت بعد إلى حيز الوجود، لكن المشروع الصهيوني الذي استهدف بناء دولة يهودية في فلسطين كان قطع شوطا طويلا تحت رعاية الانتداب البريطاني وفي ظل مقاومة باسلة وغير متكافئة من جانب الشعب الفلسطيني، لذا كان من الطبيعي أن تفرض قضية الشعب الفلسطيني، الذي كان يناضل من أجل إنهاء الاحتلال البريطاني والاستيطان اليهودي معا، نفسها على جدول أعمال الجامعة العربية منذ اللحظة الأولى للتفكير في إنشاء هذه المنظمة الإقليمية. فقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة أثناء المشاورات التمهيدية التي أسفرت عن توقيع «بروتوكول الإسكندرية» لعام 1944، واختصها ميثاق الجامعة بملحق خاص ضمن مشاركة ممثل عن فلسطين في أنشطة الجامعة ومنحه حق التصويت على مشروعات القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ولأن هذه القضية كانت السبب الرئيس وراء الدعوة لعقد أول قمة عربية عام 1946، أي بعد عام واحد على قيام جامعة الدول العربية، وظلت حاضرة في جميع المؤتمرات اللاحقة للقمم العربية، يكفي أن نعقد مقارنة بسيطة بين ما كان عليه حال الشعب الفلسطيني حين انعقد أول مؤتمر قمة عربي في أنشاص منذ 70 عاما وما هو عليه الآن، لندرك حجم الإخفاق الذي منيت به القمم العربية في تعاملها مع قضية مازال الخطاب الرسمي العربي يعتبرها «قضية العرب الأولى». كانت تطورات الأوضاع على أرض فلسطين تنذر بانفجار وشيك يهدد أمن وسلامة المنطقة حين بادر الملك فاروق، ملك مصر، بدعوة قادة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية للتشاور حول هذه التطورات. وقد لبت جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية هذه الدعوة وانعقد في أنشاص بالفعل أول مؤتمر قمة عربي عام 1946. ويلاحظ أنه لم يصدر عن هذا المؤتمر بيان ختامي، لكن صدرت مجموعة من القرارات أهمها: 1- التزام الدول الأعضاء بمساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها. 2- النظر إلى فلسطين باعتبارها قطر لا ينفصل عن باقي الأقطار العربية والتعامل مع قضية الشعب الفلسطيني بالتالي باعتبارها «قلب القضايا القومية». 3 - مواجهة الصهيونية، باعتبارها خطرا يهدد جميع البلاد العربية والإسلامية وليس فلسطين وحدها 4- الدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية وقفا تاما، ومنع تسرب الأراضي العربية إلى أيدي الصهاينة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين. 5- اعتبار أي سياسة عدوانية موجهة ضد فلسطين تأخذ بها حكومتا أمريكا وبريطانيا هي سياسة عدوانية تجاه كافة دول الجامعة العربية. 6- الدفاع عن كيان فلسطين في حالة الاعتداء عليه. 6- مساعدة عرب فلسطين بالمال، وبكل الوسائل الممكنة. عكست قمة أنشاص رؤية عربية موحدة لما يجري في فلسطين وموقفا عربيا موحدا لما يتعين القيام به لدعم نضال الشعب الفلسطيني، لكن لم يكن لدى الدول العربية في ذلك الوقت ما يكفي من الوسائل للتصدي للمشروع الصهيوني وللقوى الدولية التي تقف خلفه. وقد تم اختبار هذه الوسائل سياسيا عام 1947، حين عجزت الدول العربية عن الحيلولة دون تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، كما اختبارها عسكريا عام 1948، حين عجزت عن الانتصار في الحرب التي استهدفت منع قيام دولة يهودية من جانب واحد على جزء من الأرض الفلسطينية. غير أن سير المعارك العسكرية على الأرض أوضح - بما لا يدع مجالا للشك - أن أهداف الدول العربية التي شاركت في الحرب كانت متباينة، وأن الخطط الحربية والتنسيق الميداني بين القوات لم يكونا على المستوى المطلوب. وكانت النتيجة هزيمة عربية مكنت إسرائيل ليس فقط من تثبيت أقدامها في المنطقة وإنما أيضا من الهيمنة على مساحة من الأراضي الفلسطينية تبلغ ضعف ما كان مخصصا لها في قرار التقسيم، واضطرت الدول العربية المجاورة لإسرائيل أن توقع على اتفاقيات منفصلة للهدنة عام 1949. الأخطر من ذلك أن ما تبقى من فلسطين التاريخية انقسم إلى جزأين تم فصلهما جغرافيا، أحدهما يتاخم إمارة شرق الأردن، وهو الضفة الغربية، والآخر يتاخم مصر وهو قطاع غزة، وبدمج الضفة الغربية وإمارة شرق الأردن في دولة جديدة حملت اسم «المملكة الأردنية الهاشمية»، ووضع قطاع غزة تحت سلطة الإدارة المصرية، توارت «القضية الفلسطينية» من جدول أعمال الجامعة العربية وحل محلها ما أصبح يعرف باسم «الصراع العربي - الإسرائيلي». لم يفكر أحد من قادة الدول العربية في الدعوة لعقد قمة عربية جديدة تتبنى استراتيجية عربية موحدة لإدارة الصراع مع إسرائيل عقب الهزيمة في حرب 48، وتعين الانتظار عشر سنوات كاملة بعد مؤتمر أنشاص قبل أن تعقد قمة عربية ثانية جديدة بعد وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. وقد صدر عن قمة بيروت بيان حمل عنوان «مناصرة مصر ضد العدوان الثلاثي»، لكن لم يرد به أي ذكر لإسرائيل بالاسم، رغم أن إسرائيل كانت هي المحرك الرئيسي لهذا العدوان وأحد الأطراف المشاركة فيه بفاعلية، ثم تعين الانتظار ما يقرب من عشر سنوات أخرى قبل أن تنعقد قمة عربية جديدة في القاهرة عام 1964، بدعوة من الرئيس جمال عبدالناصر هذه المرة، للرد على المشروعات والخطط الإسرائيلية الخاصة بتحويل مياه نهر الأردن. بدت قمة القاهرة مختلفة عما سبقها من قمم، فقد حاولت هذه القمة ربما لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وضع تصور جماعي لعمل عربي مشترك يتحرك وفقا لخطة طويلة الأمد تكون محددة سلفا مدروسة. فقد عكست القرارات الصادرة عن هذه القمة إرادة عربية مشتركة للتحرك على أربعة محاور: المحور الأول: استهدف تصفية الخلافات العربية لكي يتسنى توحيد الجهود لمواجهة الخطر الإسرائيلي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والإعلامية. والمحور الثاني: استهدف وضع خطط مشتركة لمواجهة مشروعات إسرائيل لتحويل مجرى نهر الأردن. وفي سياق التحرك على هذا المحور، أقرت القمة إنشاء «هيئة عربية لاستغلال مياه نهر الأردن»، تكون لها شخصية اعتبارية و»قيادة عسكرية عربية موحدة» للرد على أي استفزازات إسرائيلية. المحور الثالث: استهدف تنظيم صفوف الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره ومستقبله. وفي سياق التحرك على هذا المحور، صدر عن القمة تفويض للسيد أحمد الشقيري للقيام بهذه المهمة. المحور الرابع: استهدف مؤسسة العمل العربي المشترك لزيادة فاعليته وتمكين مؤسساته من متابعة المستجدات المحلية والإقليمية والعالمية، كل في نطاق تخصصه، واتخاذ ما يلزم من قرارات للرد على ما قد تطرحه هذه المستجدات من تحديات. وفي سياق التحرك على هذا المحور، تم الاتفاق على عقد القمة العربية دوريا بواقع مرة واحدة على الأقل كل عام، على أن يكون الاجماع المقبل في الإسكندرية. وتطبيقا لهذه القرارات، انعقد مؤتمر القمة العربي الثاني في الاسكندرية بالفعل بداية سبتمبر 1964، وأقر «خطة عمل عربي جماعي لتحرير فلسطين عاجلا أو آجلا»، وأطلق صفارة البدء في «تنفيذ مشروعات استغلال مياه نهر الأردن وحمايتها عسكريا»، ووافق على إنشاء «منظمة التحرير الفلسطينية» وعلى دعم قرارها بإنشاء «جيش التحرير الفلسطيني». واستمرت قوة الدفع في العام التالي، فانعقدت قمة عادية ثالثة في الدار البيضاء في سبتمبر 1965 شهدت توقيع الملوك والرؤساء العرب على «ميثاق التضامن العربي»، والالتزام بدعم منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني التابع لهاـ والمساعدة على إنشاء «مجلس وطني فلسطيني»، كما تم إقرار «خطة عربية موحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، ومواصلة استثمار مياه نهر الأردن وروافده طبقا للخطة المرسومة». غير أن الرياح لم تلبث أن أتت بما لا تشتهي السفن، فقد بدأت تظهر خلافات بين الأنظمة العربية حالت دون الالتزام بدورية القمة. فلم تنعقد قمة عربية عام 66، وراحت المزايدات بين الأنظمة تدفع في اتجاه توريط مصر في حرب لم تكن مستعدة لها، وانتهت بهزيمة عربية جديدة مكنت إسرائيل من احتلال ليس فقط ما بقي من فلسطين التاريخية وإنما أيضا من احتلال الجولان السورية وسيناء المصرية. وقد فرضت النتائج الكارثية لهذه الحرب تغييرا جوهريا في استراتيجية المواجهة العربية مع إسرائيل. فبعد أن كان «تحرير فلسطين» هو الهدف الرئيسي لهذه الاستراتيجية، تواضع هذا الهدف كثيرا ليصبح مجرد «إزالة آثار العدوان»، وتدريجيا لم تعد هناك دولة عربية واحدة تجرؤ على أن تتحدث في خطابها الرسمي عن هدف إقامة دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني. لم يستسلم عبدالناصر للهزيمة، وساعد صموده على بقاء العمل العربي المشترك حيا إلى حد ما، وهو ما انعكس في قمة الخرطوم التي عقدت في أغسطس عام 1967 واشتهرت بلاءاتها الثلاث: (لا اعتراف بإسرائيل، ولا تفاوض معها، ولا صلح)، وبالتزام دول النفط بتقديم دعم مادي لتعظيم قدرة دول المواجهة على الصمود. ومع تصاعد حدة العمليات العسكرية في حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية وتزايد نشاط المقاومة الفلسطينية المسلحة على الجبهة الأردنية، بدأت تظهر خلافات عربية حول أنسب الاستراتيجيات العربية المطلوبة لمواجهة إسرائيل في تلك المرحلة، مما تعذر معه عقد قمة عربية في عام 68. وحين التأمت قمة الرباط عام 1969 جرت محاولة لبلورة استراتيجية تقوم على الحد الأدنى المطلوب من التوافق العربي، لكن القمة انفضت دون قرار أو بيان ختامي، ولم تعقد القمة التالية إلا عقب اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية في سبتمبر عام 1970. ورغم نجاح قمة القاهرة، التي كانت آخر قمة يشارك فيها عبدالناصر، في احتواء النزاع الأردني الفلسطيني وفي عقد مصالحة بين ياسر عرفات والملك حسين، إلا أن القمم العربية لم تستأنف من جديد إلا بعد حرب أكتوبر 1973. ستظل حرب أكتوبر هي أنجح حلقة في سلسلة المواجهات العسكرية التي خاضها العرب ضد إسرائيل ليس فقط لأن أداء الجندي العربي فيها كان مشرفا ولكن أيضا وعلى وجه الخصوص لأن التضامن العربي بلغ ذروته خلالها، ووصل إلى الاستخدام الفعلي للنفط كسلاح في المعركة. ومن المفارقات أن هذا التضامن لم ينجم عن جهد بذلته قمم عربية بقدر ما كان نتاجا لتنسيق ثنائي بين مصر وسوريا، خاصة على الصعيد العسكري، وبين مصر والسعودية، خاصة على الصعيدين السياسي والنفطي. ومن المفارقات أيضا أن هذا التضامن العربي لم يصمد طويلا، رغم ما حققه من نجاح غير مسبوق، إذ ما لبثت الخلافات بين الدول العربية أن اشتعلت من جديد حول جملة من القضايا الهامة, خصوصا حول الاستراتيجية الأنسب لتحقيق الهدف المتفق عليه من الجميع، ألا وهو «إزالة آثار العدوان»، وكذلك تمثيل الفلسطينيين في اي تسوية سياسية محتملة. ورغم نجاح منظمة التحرير الفلسطينية في الحصول من قمة الرباط لعام 1974 على قرار باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, إلا أن الخلافات العربية راحت تتسع وتتعمق، خاصة بعد اندلاع حرب أهلية في لبنان عام 1976 كانت المنظمة طرفا فيها. وقد جرت محاولات لاحتواء بعض هذه الخلافات في قمة الرياض الطارئة التي استهدفت وقف الحرب الأهلية في لبنان، ثم في قمة القاهرة العادية عام 1976، لكنها باءت بالفشل الذي كان هذه المرة تعبيرا عن وصول العالم العربي إلى نقطة تحول جديدة في إدارته للصراع مع إسرائيل، فما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأ السادات في فتح قنوات اتصال سرية مع إسرائيل، حتى من قبل الإفصاح عام 1977عن نيته زيارة القدس، قادته للتوقيع على اتفاقيتي كامب ديفيد عام 1978، ثم على معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل عام 1979، لتنتهي بذلك رسميا مرحلة المواجهة المسلحة مع إسرائيل. إنهاء الاحتلال اليهودي يتصدر جدول أعمال الجامعة العربية منذ انشائها