هذا ما كنّا ننتظره وما كنّا نعرفه ونطالب بكشفه للعالم، نقصد هنا الصفحات الـ 28 المحجوبة من تقرير الكونجرس الأمريكي حول أحداث 11 سبتمبر، فهذه الصفحات بقيت في السنوات الماضية مجالا للمزايدة السياسية والتهديد والابتزاز، واستثمرها اللوبي الإيراني الإسرائيلي لتشويه سمعتنا في أمريكا كلما وقعت حوادث الإرهاب! منذ سنوات ونحن نطالب بكشف هذه الأوراق، لاننا نثق بأننا لم نكن في يوم من الأيام مصدرا للتخريب أو المؤامرات مع جميع الدول، فكيف نكون مصدر خطر لأمريكا، وهي الدولة التي تعاملنا معها كدولة حليفة صديقة، وبنينا معها علاقات شراكة ومصالح على المستويين الحكومي والشعبي. أيضا طالبنا بكشفها حتى نعرف أخطاءنا، فنحن بشر ولسنا ملائكة ندعي المثالية، ومن تدينه الأدلة القانونية الصريحة لن يكون بمعزل عن المحاسبة والمساءلة القانونية. كما نحن متأكدون من سلامة موقفنا، أيضا هناك كثيرون في دوائر صناعة القرار السياسي والأمني في واشنطن يعرفون أننا بعيدون عن التورط وعن الشبهة في الاخلال بالمصالح الأمريكية، وكثير من القيادات السياسية الأمريكية صرحوا في مناسبات عديدة بان المملكة بريئة من التورط في أحداث سبتمبر، وهذا ما أكدته التحقيقات الرسمية التي أشرف عليها الكونجرس. نشر هذه الصفحات المغيّبة نرجو أن يكون مدخلا لحقبة جديدة في العلاقات السعودية الأمريكية تستثمر مكتسبات ما بنيناه في العقود الماضية، والزيارة الأخيرة لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وما شهدته من لقاءات على مختلف الأصعدة وما تم بحثه مع القيادات السياسية والاقتصادية أكد رغبة السعودية الجادة بان تأخذ العلاقات مع أمريكا زخما جديدا يتجاوز مواطن التوتر والاختلاف في وجهات النظر، فالمملكة لديها مشروع طموح للتحول الاقتصادي يحمل فرصا واسعة للاستثمار الايجابي، وفي هذا السياق جاءت أمريكا في قائمة الدول التي تسعى المملكة لأن تطلق معها العديد من مشاريع الاستثمار طويل الأجل. نحن دولة مشغولة دائما بالبناء الذي ينفع الناس، وليس التخريب وحياكة المؤامرات. أمريكا لن تجد دولة حليفة وصديقة في المنطقة مثل السعودية، فقد وقفت المملكة مع أمريكا في مشاريع سياسية واقتصادية منذ عقود بعيدة وأعطينا الشركات الأمريكية الأولوية في الاستثمارات، وكانت هذه تثير لنا المشاكل، وفي ملف الإرهاب كانت المملكة هي المبادرة في التعاون وفي تبادل المعلومات الأمنية، وهناك قيادات حكومية أمريكية يصرحون دائما في الإعلام الأمريكي والدولي بان التعاون السعودي في مجال الإرهاب منع وقوع كوارث ربما ذهب ضحيتها مئات الأرواح الأمريكية، ويقدمون أدلة موثقة تثبت هذا التعاون. نحن كسعوديين، حكومة وشعبا، يهمنا تكثيف التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب لاننا أول من اكتوى بمخاطره، ولم نكتف بالتحذير منه، بل سعينا إلى قيادة تعاون دولي عبر مؤسسة دولية تتخصص وتتفرغ لهذه المهمة، وقدمنا التمويل السخي الضروري لإنشائها، وهذا دوافعه إنسانية وأخلاقية وأمنية، ومحاربة جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة تتحقق بالتعاون الخلاق الصادق الذي يقدر المخاطر لهذا الوباء.
نرجو أن يكون كشف الـ 28 صفحة بمثابة صفعة لكل المتربصين الذين ينتظرونها ليواصلوا حملة التشهير بالمملكة، في أمريكا وخارجها.