لو تصفحت كتب ووثائق تطور صناعة الطيران وخدمات المطارات فستجد أن المملكة العربية السعودية من الدول الأقدم في دخول هذا المجال الحيوي المهم للاقتصاد المحلي ومرآة تعكس تطور الخدمات العامة في الدولة وأول صورة ستترك أول انطباع لدى كل من يدخل المملكة، وقد كنا في السابق مضرب مثل لدقة مواعيد إقلاع وهبوط الطائرات، وكنا الوحيدين في المنطقة التي لديها عدد 28 مطارا منها ثلاثة مطارات دولية، وكانت مطارات المملكة معروفا عنها القدرة الاستيعابية لأعداد المسافرين، ولكن أهم نقطة وهي أننا الأكثر خبرة في التعامل مع اعداد الطائرات والمسافرين أثناء موسم الحج من خلال بوابة مطار جدة قديما.
أما في الوقت الحالي ورغم قيام الدولة مشكورة بإنفاق البلايين من الريالات على مشاريع بناء المطارات وتوسعتها ومع ذلك واضح اننا بنينا المطار ولكن لم نقم بتطوير وتدريب الكوادر التي تستطيع إدارة مطاراتنا. وما حدث قبل يومين من تكدس للمسافرين وأمتعتهم في مطار العاصمة إلا أحد المؤشرات في سوء الخدمات والتي تنعكس على سمعة البلد. وأكثر من ذلك هو تبادل التهم بين كل جهة لها علاقة بالطيران أو إدارة المطارات. ولكن هناك سؤالا ملحا يعكس ما هي عليه مطاراتنا وهو لماذا مطاراتنا تفتقد الابتسامة أو الحيوية أو القدرة على سرعة التعامل مع أي مستجد يحدث في المطار؟ فالمطار مهما قمت بتحديث مرافقه أو أجهزته فسيكون غير قادر على استيعاب أو حتى التعامل مع المسافرين حتى لو كان عددهم قليلا دون تطوير وتدريب العنصر البشري. فلماذا الأمتعة تتأخر لدينا؟ ولماذا معدل وجود المسافر سواء قبل مغادرته أو بعد وصوله يعتبر الأعلى لدينا؟ مع العلم أن وقت المسافر في المطار يجب أن يكون أقل ما يمكن.
بالطبع نحن نعلم أن هناك مطارات عالمية يتأخر فيها المسافر أو الرحلة أو يتأخر فيها وصول الأمتعة، ولكن المشكلة لدينا هي أنها أصبحت أمرا روتينيا. ولكن كلما بحثنا نجد أن العنصر البشري هو دائما الرقم الصعب في المعادلة. فالتدريب المستمر والمعنويات المرتفعة وحب الموظف للعمل وحصوله على حقوقه كاملة أمر مهم للغاية لنجاح اي خدمة في أي مطار. وكذلك يجب أن نتعامل مع مطاراتنا بأنها الانطباع الأول الذي سيترسخ في ذهن أي مسافر قدم لهذا البلد أو غادر منه. وكذلك فوجود خدمات متدنية في مطاراتنا سيأخذ منا مبادرة اقتصادية مهمة ممثلة في ركاب الترانزيت وهي أمر مهم في صناعة طيران مربحة ولكنها غير موجودة لدينا البتة. لهذا نرى مثلا مطارات قريبة منا في دول الخليج تتعامل مع ملايين المسافرين الذين يهبطون في هذه المطارات لكنهم في الحقيقة متجهون إلى بلاد أخرى. ولهذا يجب في الوقت الحالي ان نقوم بتغيير أساليب ونمط إدارة مطاراتنا. فمطاراتنا هي الأكبر ولكن هناك ضعف استغلال إمكانيات هذه المطارات وضعفا في تدريب كوادره.