يحتاج كل شخص إلى الثناء كحاجته للكساء، تلك من الحاجات الفطرية، كالحاجة للطعام والشراب.. وغيره.
ولا يستغني البعض عن كلمة تزيده شموخا ورفعة، تبين تلك الكلمة أهميته، ومدى تميزه على أقرانه أو زملائه أو حتى فريق عمله- حسب زعمه-.
أولئك الذين يقتنصون الفرص للظهور، بل إذا ظهروا فحدث ولا حرج عما يقولون.
إنهم من يكثرون الاعتداد بالنفس، ويتجاهلون غيرهم، والأسوأ من ذلك إن تجاهلوا فِرقا أو أشخاصا شاركوهم الإنجاز أو النجاح.
ترى.. هل هؤلاء الأشخاص يدركون ما يقولون؟ هل يتوقعون أنهم يتحدثون خلف الحُجُب؟ هل تيقنوا بأن من يسمعهم ينصت لهم ويصدقهم؟ هل استخدموا كلمة «أنا» في موقعها المناسب؟
عجيب أمرك أيتها اللغة العربية.. كم أوقعت بكثير من الناس في أعماق بحرك وهم لا يحسنون الغوص!
كم أوهمتهم بأن خطابهم أبلغ خطاب ومقالهم أفصح مقال!
عتبي عليك لغتي بأن لم تُنبهي أولئك بأن (أنا) محمودة مذمومة.
منا من يدعو ربه متذللا راجيا عفوه ومغفرته بـ (أنا). منا من يتحمل المسؤولية ويدعم ويحمي فريق عمله بـ (أنا).
ويا ليتنا كذلك.. لأن منا من يتعدى على منجزات الآخرين وحقوقهم بـ (أنا).
منا من يقود فريق العمل ليصلوا إلى النجاح ويقدمه للآخرين بـ (أنا).
فعلت (أنا) الأفاعيل ببعض من الناس حتى أصبح قرآنا يتلى بشأنهم، قال الله تعالى: (إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت) الآية.
قبل ذلك وقع الشيطان في شركها، قال الله تعالى: (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين). إنها الكبرياء والعظمة.
كم أنت خطيرة يا (أنا)، وكم أهلكت الكثير من الأشخاص، وكم خيبت آمال كثير من الناس، وكم بددت الثقة في بعض القادة والمسؤولين.
قادت (أنا) البعض إلى الكذب والتدليس والتزوير، جعلتهم صغارا وهم كبار، أفقدتهم ثقة الآخرين بهم.
ليت الـ (أنا) المحمودة تحيا فلا يخسرها بشر. ليت الـ (أنا) المذمومة تموت فلا يبقى لها أثر. كم من فريق عمل واجتهد بتفان وإتقان، وجُيرت منجزاته لواحد فقط، بـ (أنا)، كم من فريق عمل حمل قائده عاليا ثم ألقاه أرضا فلم يجد من يحمله يوما، بـ (أنا)
قناعات..
فريق العمل.. دائما هو من يحمل القائد، وليس القائد هو من يحمل الفريق.. فريق العمل هو من يؤدي إلى نجاح القائد أو فشله.
القائد.. عندما يقول (نحن) سيرفعه الفريق عاليا ويحافظ على توازنه وسلامته، وإن ضعف أحد أعضاء الفريق.
القائد.. عندما يقول (أنا) بعد أن رفعه الفريق عاليا، لا غرابة أن يتركوه عاليا ويبعدوا عنه ليسقط، فإذا سقط تألم وقد يهلك. حقيقة.. كل منا قائد في موقعه.
ترى..
هل سيحسن القادة اليوم استعمال (أنا)؟ هل يدرك القادة أن فرق العمل هي سر النجاح؟ هل سيستمر القائد يقول (نحن) وهو في القمة؟.. أعني (نحن) الجماعة وليست (نحن) العظمة.. هل فريق العمل جميعهم مهمون لدى القائد؟
والأهم من ذلك..
هل صنع القائد قادة من فريق عمله؟ عفوا.. (أنا).. لا أعلم هل تصنعين الأنانية أم الحرامية؟