منذ قيام الكيان السعودي الشامخ على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- والمملكة ملتزمة باحترام قرارات ومواثيق وأنظمة الأمم المتحدة، فهي لا تتدخل في شؤون الآخرين ولكنها في ذات الوقت لاتقبل لأحد أيا كان بالتدخل في شؤونها الداخلية، ومن حقها الدفاع عن أراضيها ومواطنيها من كل عدو طامع يريد انتهاك تلك القرارات الأممية أو يحاول العبث بنصوصها.
هذا المفهوم الراسخ كمبدأ من مبادئ المملكة التي التزمت به منذ تأسيسها وحتى اليوم أعاد إثارته قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- أثناء استقباله يوم أمس الأول لضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثلاثين، في كلمته الضافية التي أكد في تضاعيفها أن المملكة يهمها تعميم الأمن والسلام في المنطقة العربية ومن حقها الدفاع عن أراضيها من أي معتد آثم.
وقد رفضت المملكة من خلال تصريحات كبار مسؤوليها في كل محفل اقليمي واسلامي ودولي أي شكل من أشكال التدخل في شؤون الغير وهي في ذات الوقت ترفض التدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة، وقد حرصت المملكة من جانب آخر على اتخاذ كل ما من شأنه الدفاع عن المسلمين بحكم موقعها كحاضنة لبيت الله العتيق ومسجد خاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلاة والسلام، ولأن قادتها يتشرفون بخدمة الحرمين الشريفين.
لقد تعاونت المملكة دائما مع أشقائها من العرب والمسلمين في كل مكان للدفاع عن بلدانهم وضمان استقلالها والحفاظ على أنظمتها، وهذا مسلك غير جديد في النهج السياسي القويم للمملكة، وهي ساعية أيضا منذ زمن بعيد لمكافحة الفقر والجهل في سائر الدول الاسلامية، فالرسالة التي تحملها المملكة هي رسالة اسلامية سامية تصب في روافد حماية مصالح المسلمين والعرب.
وقد شجبت المملكة من منطلق تلك الرسالة ظاهرة الارهاب بكل أشكالها ومسمياتها وأهدافها الشريرة، ومازالت تضرب بيد من حديد على كل عابث ومارق يحاول النيل من حرية المملكة وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، كما أنها ما زالت تتعاون مع سائر دول العالم المحبة للعدل والحرية والسلام من أجل ملاحقة الارهابيين والسعي لاجتثاث تلك الظاهرة المقيتة من جذورها في أي مكان.
والمملكة عندما تحارب تلك الظاهرة في الداخل والخارج فإنها بذلك تترجم مبادئ وتشريعات وتعليمات العقيدة الاسلامية السمحة، عقيدة العدل والوسطية والرحمة، وعقيدة محاربة الجريمة والفساد والارهاب، فأولئك الارهابيون يدعون ظلما وعدوانا انتماءهم الى الاسلام وهم في واقع الأمر لا يمتون له بصلة، فالدين الاسلامي هو دين محبة وتعاون وتسامح وتكافل، وهم بأعمالهم الشريرة يمارسون عكس تلك القيم الربانية الخالدة.
ان من واجب المسلمين كما نوه خادم الحرمين الشريفين في ظل الأزمات والظروف الراهنة التي تمر بها الأمتين العربية والاسلامية التمسك بجمع الكلمة ووحدة الصف وتنوير الأمة وتضافر الجهود لتحقيق ذلك، فمبادئ العقيدة الاسلامية تنادي بكل تلك القيم الرفيعة التي من شأنها الانتصار لدين الله وتحقيق العدل على الأرض وبناء الشعوب العربية والاسلامية على أسس صحيحة وقواعد متينة.
ولا شك أن تحمل قادة المملكة منذ توحيد كيانها الكبير وحتى اليوم مسؤولية خدمة الحرمين الشريفين والسهر على راحة الحجيج هي مسؤولية وشرف اضطلع بها قادة المملكة، وستظل هذه المسؤولية قائمة بإذن الله، فالتشريف الالهي يقتضي من المملكة خدمة الاسلام والمسلمين والدفاع عن قضاياهم العادلة والمنافحة عن حقوقهم.