كتب د. مصطفى محمود، والذي اشتهر بحلقات برنامج (العلم والايمان)، عن واقع أم الدنيا "مصر" (والوضع ينطبق على مملكتنا عاصمة المشرق والمغرب) بأنه "في اليابان تعداد يتجاوز المائة وعشرين مليوناً في مساحة أصغر من مصر، ومع ذلك لا مجاعة ولا فقر، بل فائض يزيد على الفائض الأمريكي في بلاد ليس فيها بترول ولا فحم ولا حتى خام الحديد، ولكن فيها أثمن كنز.. الانسان". في فترة قصيرة وبواقع خطط التنمية أثبت الانسان السعودي أنه قادر أن يصل للفضاء، وأن يتخصص في المجالات العلمية والعملية شبه المستحيلة، وهذا الاثبات يضع جميع الوزارات أمام محك التخطيط التنموي، ولن أشير للتحديات التنموية والاقتصادية والسياسية ولربما الدينية التي تواجه العالم أجمع.
لكني أشرككم بتساؤل عن الدور المستقبلي لوزارة العمل، والتي على ما يبدو حصرته في ملف واحد ارتبط بها ولم تنجح به حتى اللحظة (الاستقدام)، وتنازلت عن ملفات تنموية بالغة الأهمية، كذلك تقاطع دورها مع دور وزارة الخدمة المدنية، وكنت أظن أن دمجهما أقرب للواقعية من دمج وزارتي التعليم والتعليم العالي (وان استحدث النظام المالي والإداري المنفصل للجامعات).
نحن الآن أمام حل مفصلي لمعالجة وظائف الخريجين بإقرار استراتيجية وطنية (بعيدة المــــدى) لـــــدعم السعـــــودة (تشـــــترك بها وزارة العمل، ووزارة الخدمة المدنية لمعالجة التصنيف الوظيفي من جهة ومعهد الادارة لمعالجة تشابه مخرجاته مع الجامعات، واعادة هيكلة المؤسســــة العامة للتدريب التقني والمهـــني، وربط الجميع بالمســـتثمرين، ورؤوس أمـــوال الـــصناعات، والشـــركات المـــحلية الكبرى والأجنبية) بالتزامن مع انفتاح السوق للشركات الامريكية وغيرها.
أمر آخر من الضرورة استدراكه، وهو التوسّــــع في تطبيق أسلوب العمل عن بُعد، كأحد مجالات المشاريع الطلابية بإعادة صيـاغة الـفقرة التاسعة الواردة في قرار وزارة العمل (792) بتاريخ 22/2/1436هـ ونصّها: "يقـــصر احتساب الـــعاملين "عـــن بُعد" في بــرنامج تحـــفيز المنشـــآت لــتوطين الــــوظائف (نطـــاقات) عـــلى المرأة السعـــــودية والأشخـــاص ذوي الإعاقة السعــــوديين من الـــرجال والــــنساء الـــذين لا تمنعــهم إعـــــاقتهم من أداء عمل معــــين"، لتشمــــل الـــطلاّب وهم على رأس الـــدراسة ضمـــن خطط التوسّع في برامــج تحــــفيز المنشآت لــــتوطين الـــوظائف، ووضــــع آلية لاحتســـابها ضمن نِســب تــــوطين الــــوظائف (السعودة) عـــلى أن تُحتسب كــــخبرة عمل للطــــالب، وتحدّد ضمن عقـــد عمل مكــــتوب تُذكر به المهمــــات والــــوصف الوظيفي، وعــــدد وأوقــــات وســـاعات العـــمل، ومقدار الأجـــر وكافة الــــحقوق والـــبدلات، إضافة إلى أية حقـــــوق منصوص عــــليها في نظـــام العمـــل أوالــقرارات الـــوِزارية واللّــوائح الـــداخلية المعتمدة في المنشــــأة. ولا بد أن تشتمل هذه الاستراتيجية على تطـــــوير الأدوات والسيـاسات واختبـــارات القيــــاس لضمـــان مواءمــة الخريجـــين لســــــوق الـــعمــل. وتعتمد التدريس باللغـــــة الإنجــــليزية لــــزيادة فرص استقطـــاب الــــخريجين، وازالة مخـــاوف توطين المِــــهن لـــدى أرباب الــــعمل.. مع استحداث حاضنات الأعمال وتسويق ثقافة العمل الحر بإدراج المقررات ذات العلاقة، وتكثيف الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل التخرج.