DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

أحمد والفيمتو

أحمد والفيمتو

أحمد والفيمتو
حين يدرك الموت شخصية عالمية مشهورة من هوليوود أو ما شابهها تقوم الدنيا ولا تقعد من كثرة الأخبار والتقارير المسموعة والمكتوبة والمصورة، وتصبح مواقع التواصل الاجتماعي مشتعلة بالتعليقات وردود الأفعال، فهل نفعل ذلك عندما نسمع عن موت عالم جهبذ وحاصل على جائزة نوبل؟!. لا أريد أن أكون متشائما ولكن أشك أنه سوف يحصل على نفس التغطية الإعلامية والتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي كالتي يحصل عليها فنان أو لاعب!! في الأسبوع المنصرم (28 شوال 1437هـ- 2 أغسطس 2016م) توفي عالم كيميائي مصري عربي مسلم وهو أحمد زويل- رحمه الله- وقد حصل على الجنسية الأمريكية في عام 1982م، ونال جائز نوبل للكيمياء عن جدارة واستحقاق عام 1999م بسبب أبحاثه في تقنية كيمياء الفيمتو (الفيمتو ليس العصير بنكهة التوت المشهور!!، بل هو وحدة جزء من مليون مليار من الثانية– كوادرليون- يعني عشرة مرفوعة للقوة 15). إن الكاميرا التي اخترعها جعلت من الممكن مراقبة ورصد حركات الذرات وتصويرها أثناء التحولات الجزيئية بسرعة عالية عن طريق الليزر وذلك بسرعة الفيمتو ثانية. وإضافة إلى ذلك حصل على قلادة بريستلي، وهي من أعلى الجوائز الأمريكية في مجال الكيمياء. ويعد من أبرز العلماء في مجال الليزر في أمريكا والعالم، وتم اختياره من ضمن 29 شخصية علمية لها دور في النهضة الأمريكية الحديثة (القائمة للشخصيات المؤثرة علميا تضم ألبرت اينشتاين). وإذا أردنا أن نتحدث عن الجوائز التي نالها فحدث ولا حرج، فقد حصل على 31 جائزة عالمية ودولية، وله أبحاث تصل إلى 350 بحثا علميا، وعدة مؤلفات وكتب لعل أشهرها كتاب (عصر العلم). جرت العادة أننا نسمي الشوارع والميادين بأسماء العلماء بعد وفاتهم تخليدا لذكراهم وكأننا نحرمهم نشوة الفرح لإنجازاتهم المبهرة في حياتهم!! ولكن هذه المرة قد سمي ميدان أحمد زويل باسمه في حياته في المدينة التي عاش بها بعد حصوله على جائز نوبل. وكذلك أصدرت مصر طابعا بريديا باسمه، وكذلك صالون أحمد زويل في الأوبرا. من اللفتات الجميلة والعاطفية جدا أنه أوصى بأن يدفن في مصر، فالحنين للوطن باق في دم الإنسان وقلبه حتى ولو حصل على أعلى المراتب العلمية والمناصب، وحتى لو حصل على أي جنسية كانت. يبقى الوطن هو الحب الدفين، قد يغيب لمحة ولكنه يشرق دائما ولا يختفي أبدا. مثل هذه الشخصية الفذة كان من المفروض أن تلمع كثيرا إعلاميا، وأن يكون له حضور كثيف ومقابلات تليفزيونية عديدة ومطولة. وأن يقتدي الفتيان والفتيات بآخر صراعات الموضة في الكيمياء والفيزياء والرياضيات!!، وأن يصبح مثلا لهؤلاء في مجالهم العلمي والتخصصي. وقد استمعت إلى حديث له في أحد المقاطع المتلفزة على اليوتيوب، وأعجبني منها أنه حين سأله المذيع: ألم يحن الوقت أن يرتاح بعد هذه الرحلة العلمية الطويلة الشاقة، فقال ما فحواه: لا أبدا، بل إذا لم أجد ما أقدمه لنفسي وللعلم وللإنسانية، فالأفضل للإنسان مفارقة الحياة. وفي ذات المعنى قال مصطفى صادق الرافعي: إذا لم تزد شيئاً على الدنيا كنت أنت زائداً عليها! ولابد أن أعرج على دور الأبوين فقد كان لهما بصمة في إنجازاته. فقد قيل إنهما كانا يسميانه منذ الصغر الدكتور أحمد تشجيعا له، ولعل ذلك كان له الأثر البالغ في حبه للعلم والإنجازات العلمية. وحين نتمعن في قائمة جوائزه العالمية فالملاحظ أن أكثرها من هيئات ومنظمات أمريكية وأوروبية والقليل منها عربية!!. ومن هنا لابد من تكثير الجوائز العربية العلمية المشجعة للعلم التقني الحديث. وكذلك تكثيف الجهود إعلاميا على تلميع هؤلاء بدل تلك اللقاءات المنتشرة في وسائل الإعلام المختلفة والتي لا طائل منها إلا السوالف وثرثرة (طق حنك)!!. بعد ذلك كله ما زلت أرى أن تقصيرنا واضح وكبير في إبراز أسماء العلماء العلميين. إننا إذا أردنا أن نصنع حضارة أو على الأقل نواكب الدول المتقدمة لابد أن يكون مثل هؤلاء قدوات للمراهقين والكبار. وأن نحفظ تفاصيل حياتهم ومعاناتهم ونجاحاتهم كما يحفظ البعض منا أسماء اللاعبين والفنانين وتفاصيل حياتهم المتشابهة عن ظهر قلب. ولعلي أختم بكلمة اشتهرت عنه وهي: «إن الغربيين ليسوا أذكى منا ولكنهم يدعمون الفاشل حتى ينجح، وأما نحن فنحارب الناجح حتى يفشل»!!.