DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

تشيماماندا نغوزي

لماذا ينبغي علينا جميعا أن نكون نسويين؟

تشيماماندا نغوزي
 تشيماماندا نغوزي
أخبار متعلقة
 
تعد الروائية النيجيرية تشيماماندا نغوزي أديتشي (1977م) من أبرز الأسماء غير الأوروبية أو الأمريكية الشابة التي حققت نجاحًا باهرًا في الكتابة باللغة الإنجليزية، حيث فازت بالعديد من الجوائز والمنح المهمة، وحظيت بقبول واحتفاء نقديين واسعين، فضلًا عن شعبية وذيوع أعمالها التي ترجمت إلى ثلاثين لغة عالمية حتى الآن. أديتشي التي أصدرت ثلاث روايات ومجموعة قصصية واحدة ليست كاتبة سرد فحسب، بل هي كاتبة نثر ومتحدثة بارزة أيضًا. ويتبين لنا ذلك من خلال النص التالي الذي نترجم جزءًا منه، وهو عبارة عن كتيب قصير، كان في الأصل محاضرة ألقتها الكاتبة في أحد مؤتمرات تيدكس الشهيرة عام 2013م، ولقيت رواجًا كبيرًا. محتوى المحاضرة، وبالتالي الكتاب، يتوضح من عنوانها الواضح والصريح «ينبغي علينا جميعًا أن نكون نسويين»؛ حيث تتطرق الكاتبة بلغتها الأنيقة والرشيقة وأسلوبها الشيق لمفهوم النسوية، وتفند الكثير من الأفكار التي تقف عائقًا في طريق نيل المرأة، على مستوى العالم، حقوقها. فيما يلي نص الترجمة: كان أوكولوما أحد أعظم أصدقاء طفولتي. كان يقيم في نفس الشارع الذي كنت أقيم فيه وكان يرعاني مثل أخ أكبر: فلو أن صبيًا راق لي، فسوف أطلب رأيه في الأمر. كان أوكولوما خفيف الظل ذكيًا وكان يرتدي أحذية رعاة بقر طويلة ذات أطراف مدببة. في ديسمبر من عام 2005م، وفي حادثة سقوط طائرة في جنوب أفريقيا، رحل أوكولوما عن عالمنا. وما زال من الصعب علي أن أعبر عما شعرت به حينها. كان أوكولوما شخصًا يمكنني مطارحة الأفكار والضحك والحديث معه. كان أيضًا أول شخص يدعوني بالنسوية. كنت في الرابعة عشرة من عمري تقريبًا. وكنا في بيته، نخوض في جدل محتدم، متسلحين بالمعرفة غير الناضجة التي اكتسبناها من القراءة. لا أتذكر على وجه التحديد موضوع ذلك النقاش. ولكنني أتذكر أن أوكولوما نظر إلي وأنا في غمرة الدفاع عن آرائي وقال لي: «لقد توضح لي أنك نسوية». لم يكن ذلك مديحًا. وكان بوسعي معرفة ذلك من نبرة صوته– وهي نفس النبرة التي يستخدمها شخص ما ليقول: «أنت داعمة للإرهاب». لم أكن أعرف على وجه الدقة ما تعنيه كلمة نسوية تلك. ولم أكن أريد أن يعرف أوكولوما أنني لا أعرف. لذا فقد تجاهلت تلك الكلمة وواصلت النقاش. الشيء الأول الذي خططت لفعله فور عودتي إلى البيت كان البحث عن معنى تلك الكلمة في القاموس. والآن لننتقل سريعًا إلى بعض السنوات اللاحقة. في عام 2003م، كتبت رواية عنوانها الخبّازى الأحمر، عن رجل كان، من بين أشياء أخرى، يضرب زوجته، ولا تنتهي حكايته نهاية جيدة. إبان ترويجي للرواية في نيجيريا، أخبرني أحد الصحفيين، وهو إنسان لطيف حسن النية، أنه يريد توجيه النصح لي. (النيجيريون، كما قد تعرفون، يسارعون لإسداء نصائح لا يطلبها منهم أحد). أخبرني أن الناس يقولون إن روايتي نسوية، ونصيحته لي -وكان يهز رأسه بحزن وهو يتحدث- هي ألا أطلق مسمى نسوية على نفسي أبدًا، بما أن النسويات هن النسوة التعيسات لأنهن لا يتمكن من العثور على أزواج. من هنا قررت أن أدعو نفسي بالنسوية السعيدة. بعد ذلك قالت لي أكاديمية نيجيرية إن النسوية ليست جزءًا من ثقافتنا، وإنها لا تمت بصلة لأفريقيا، وإنني لا أدعو نفسي بالنسوية إلا لأنني قد تأثرت بالكتب الغربية. (وهو الأمر الذي أثار استغرابي، لأن معظم قراءاتي المبكرة كانت أبعد ما تكون عن النسوية: لا بد أنني قد قرأت كل روايات ميلز وبون الرومانسية المطبوعة قبل أن أبلغ السادسة عشرة من العمر. وفي كل مرة كنت أحاول فيها قراءة إحدى تلك الكتب المسماة «كتب النسوية الكلاسيكية»، كان ينتابني الملل، وأبذل قصارى جهدي لإكمالها. على أي حال، بما أن النسوية لا تمت بصلة لأفريقيا، قررت أن أدعو نفسي النسوية الأفريقية السعيدة. ثم قالت لي صديقة عزيزة إن إطلاق مسمى نسوية على نفسي يعني أنني أكره الرجال. لذا قررت أن أكون نسوية أفريقية سعيدة لا تكره الرجال. وفي إحدى المراحل كنت نسوية أفريقية سعيدة لا تكره الرجال وتحب أن تستخدم أحمر الشفاه والكعب العالي لأجلها وليس من أجل الرجال. بطبيعة الحال معظم ما أشرت إليه سابقًا جاء في سياق بعيد عن الجدية، غير أن ما يظهره هو كيف أن هذه الكلمة النسوية مثقلة بالحمولات، الحمولات السلبية: أنت تكرهين الرجال، تكرهين حمالات الصدر، أنت تكرهين الثقافة الأفريقية، تعتقدين أن على النسوة تولي زمام القيادة دائمًا، أنت لا تضعين مساحيق التجميل، أنت لا تحلقين، أنت دائمة الغضب، لا تتمتعين بروح الدعابة، ولا تستخدمين معطرات الجسم. والآن إليكم حكاية من طفولتي: حين كنت في المرحلة الابتدائية في نسوكا، وهي مدينة جامعية في جنوب شرق نيجيريا، قالت معلمتي مع بداية الفصل الدراسي إنها ستختبر الصف وإن من سيحصل على الدرجة الأعلى سيكون عريف الصف. وأن تكون عريفًا للصف فهذا ليس بالأمر الهين، إذ سيتسنى لك أن تكتب أسماء المشاغبين كل يوم، وهو ما كان يمنحك إحساسًا بالقوة بحد ذاته، ولكن معلمتي كانت ستعطيك عصا لتمسك بها في يدك أثناء مشيك في الصف ورصدك للمشاغبين. وبطبيعة الحال لم يكن مسموحًا لك أن تستخدم العصا فعليًا. ولكنه كان أمرًا مشوقًا بالنسبة لي وأنا في التاسعة من العمر. كانت لدي رغبة عارمة في أن أكون العريف. وقد حصلت بالفعل على أعلى الدرجات في الاختبار. حينها، وهو ما فاجأني، قالت معلمتي إن العريف لا بد أن يكون صبيًا. لقد نسيتْ أن توضح ذلك مبكرًا؛ فقد افترضت أن مثل هذا الأمر لا يحتاج للتوضيح. وكان أحد الصبيان قد حصل على ثاني أعلى درجة في الاختبار. ولذلك فقد أصبح هو العريف. والأمر الذي كان مشوقًا أكثر هو أن ذاك الصبي كان في غاية اللطف ولم يكن لديه أدنى اهتمام بأن يراقب الصف متسلحًا بالعصا. في حين كان الطموح يغمرني لفعل ذلك. لم أنس تلك الحادثة قط. لو أننا فعلنا شيئًا ما مرارًا وتكرارًا، فسيصبح أمرًا معتادًا. ولو أننا رأينا الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا، فسيصبح شيئًا معتادًا. لو أن الصبيان فقط هم من يصبحون عرفاء، حينها وفي وقت ما سنعتقد جميعًا، حتى إن كان ذلك بشكل غير واعٍ، أن العريف لا بد أن يكون صبيًا. ولو أننا لم نر إلا الرجال كرؤساء للشركات، فسيبدو من «الطبيعي» أن تقتصر هذه المناصب على الرجال.