DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مواقف لا تنسى

مواقف لا تنسى

مواقف لا تنسى
أخبار متعلقة
 
الحمد لله يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد قدوتنا في العسر واليسر وفي المنشط والمكره، والحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار.. وإنا لله وإنا إليه راجعون. فإن من أعظم منن شيخنا الفقيه الشيخ صالح بن عبدالله الدرويش قاضي الاستئناف بمكة - سابقاً - وكرمه وأفضاله علينا كثيرة = رؤيتي للشيخ فؤاد بن محمد الماجد - رحمه الله - عنده عام ١٤٢٠. وكان الشيخ صالح يحثني على الاستفادة منه واستشارته ومراجعته في أمور كثيرة.. والحمد لله الذي جمعنا على طاعته. بلغنا الخميس نبأ وفاة شيخنا القاضي المحتسب الداعية الدكتور فؤاد الماجد قاضي الاستئناف بالدمام رئيس محكمة القطيف العامة سابقاً، رئيس بعض الجمعيات الخيرية والمناشط الدعوية في المنطقة الشرقية.. وكان صابراً محتسباً رحمه الله طيلة فترة مرضه رفع الله درجته. شيخنا رحمه الله كان صاحب خلق عال جداً وصاحب علم غزير وجاه وفير يُجله الكبير والصغير، عُرف بابتسامته العريضة الجميلة غير المتكلفة أو المصنوعة، سجيته التلطف وحب الناس البعيد والقريب، المعروف والغريب، حتى أحبه كل من تعامل معه عرفه أو لم يعرفه. كنت إذا صليتُ معه يجتمع عنده العامة من العمال وغيرهم ويستمع منهم جميعاً وينصت لكل أحد في المسجد وخارج المسجد حتى يدخل بيته رحمه الله. شيخنا رحمه الله وفقه الله في حياته لعمل الخير وليس عملاً فقط عارضاً بل تأسيسا وتأصيلا وإنشاء وتوطينا، فهو الساعي بوجاهته وعلمه في أعمال بر كثيرة وتأسيس جمعيات شامخة الآن بعد أن كانت على الورق. حضر إليّ جمع من الفضلاء بأوراق عمل خيري ومشروع كبير للاجتماع بالشيخ واللقاء به لأجل عرضه عليه، فقلت لهم الشيخ الآن حضر من سفر لعلكم تأتون في وقت آخر. فعلم بردي لهم» فعتب عليّ وقال يا خالد لا تحرمنا الأجر»!. شيخنا رحمه الله كان ممن يتقرب إلى الله في السعي لحاجات المحتاجين في أي باب كان، فمن قضاء دين معسر حتى تأسيس جمعية كبيرة بها عشرات الموظفين والموظفات.. كان رحمه الله هو من يبادر في خدمة الناس والعرض عليهم بالسؤال عن حاجاتهم وتلمس نواقصهم فرحمه الله من نوادر هذا الزمان. وقد خصني رحمه الله في كتابة بعض الخطابات في شفاعاته، وقد رأيتُ منه العجب العجاب في حب الخير والسعي له والكتابة لولاة الأمر وللعلماء والجمعيات ودور النشر وللمؤسسات والأفراد. شيخنا رحمه الله كان أبعد ما يكون عن الاختلاف والشقاق محباً للاجتماع ونبذ الفرقة والشتات، وكان دائم الوصاية لنا بذلك، بل لربما أغلظ برفقه المعهود على أحدنا حال الحديث المؤدي لاحتمال خلاف أو دون ذلك مما يحصل في النفوس. حضرت مع مجموعة بينهم إشكال طفيف في مجلسه رحمه الله فأسمعَ الجميع آيات القرآن وأحاديث السنة ومواقف الصحابة ما يلين معه الصخر، فكأنما نزلت على الجميع السكينة والرأفة وقضى أمرهم على الخير والمحبة والوئام رحمه الله تعالى. شيخنا رحمه الله كان محباً لطلاب العلم والتعليم فكان يؤم بيته ومجلسه ومسجده عشرات القضاة والمشايخ والدعاة عفواً عن باقي طلاب العلم، وكان يحرص على تعليم الجميع وله أسلوب جميل رائق في التلطف مع المتعلم حقاً إنه ذو خلق رفيع. أتاه يوماً سائل وأنا واقف معه وكان الشيخ متعباً، فجزمتُ أن الشيخ يعتذر منه وإذا به يجلس معه قرابة الساعة وأنا في انتظاره، ثم قال لي متلطفاً: (طولت عليك يا خالد معليش هذه حاجات الناس). شيخنا - رحمه الله - كان آية في حب العمل والتفاني في إنجاز معاملات المراجعين، فكان - كما يعلم كل من يعرفه يتأخر خروجه من مكتبه حتى منتصف العصر وأحياناً مع المغرب!. اتصل بي يوماً لأحضر جلسة معه فكلفني ببحث مسألة تخص المعاملة وبعد يوم اتصل بي يسأل فقلت له تحتاج وقتا يا شيخ، فقال: ونحن نحتاج الوقت مرني نبحثها سوياً.. وكان هدفه (إنجازها وعدم تأخير صاحب الموضوع). كان شيخنا رقيق القلب حاضر الدمعة لين الطبع هادئ الكلام. يتفقد كل من حوله كبيراً أو صغيراً. فكان حريصاً على عيادة المرضى ورقيتهم وتفقد كبار السن والسؤال عن حالهم. مرضتُ يوماً فعرف من بعض الإخوة واتصل بي وبدأ يذكر الله ويسمي عليّ ويرقيني ويدعو لي رحمه الله رحمة واسعة. كان شيخنا رحمه الله دقيقاً جداً في مواعيده ووقته وزياراته وكتاباته وقد تعلمتُ منه في المخاطبات الشيء الكثير، وكان يعتب بلطف على من يخطئ من طلابه أو لا يلتزم الموعد، وربما أخّر اللقاء به زجراً له وتأديباً من والد حنون وشيخ مفضال، والجميع يقبل منه ذلك للطفه وسعة أخلاقه التي وسعت الجميع رحمه الله. كان شيخنا رحمه الله مربياً دائم التشجيع لأصحابه وطلابه فكان يتصل بهم هاتفياً في مناسبات كثيرة جداً ولا يتأخر أبداً عن هذا.. فمع كثرة مشاغله وارتباطاته المتنوعة إلا أنه دائم الثناء على من يحسن في عمل أو خير يقدمه للمسلمين. ويشهد لهذا كل من تعامل معه في برامج الجمعيات الخيرية أو الاحتساب أو خدمة المسلمين. ذات يوم اتصل بي وقال اذكر لي أسماء الداعمين للبرنامج الفلاني لا بد من شكرهم وزيارتهم، وعتب علي أني لم أرفع له ذلك!. في أوائل مرض شيخنا رحمه الله كنت دائم التواصل معه شبه يوميٍّ بالهاتف والزيارة وبعد مدة أصبح التواصل بالرسائل وبعدها أوصاني بالتواصل مع ملازمته في مرضه.. ومع كل هذا لم ينقطع يوماً عن قضاء الأعمال في حاجات المسلمين أو الاحتساب على بعض المنكرات أو التواصل مع المسؤولين لإنهاء بعض الإجراءات. فرحمه الله فقده أليم، وفي الذاكرة كثير من المواقف لولا أنه استأمنني عليها رحمه الله. اللهم ارحمه واغفر له وارفع درجته في عليين واخلفه خيراً في الدارين. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.