DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

غلاف الكتاب

«أمهات الأبطال.. أمهات الشهداء»

غلاف الكتاب
 غلاف الكتاب
أخبار متعلقة
 
قدَّمت المؤلفة بين دفتيْ كتابها، دراسةً لدور أمهات الشهداء في أوقات الشدة والمحن في المجتمعات والثقافات المختلفة عبر العصور التاريخية؛ في محاولة لفهم هذه الظاهرة غير العادية، والقواسم المشتركة بين العديد من النماذج للأمهات الكنديات إبَّان الحرب العظمى، كما قارنت بين أمهات الشهداء في التقاليد اليهودية والمسيحية، والإسلامية، والسيخ مع قصص من الحرب العالمية الأولى للأمهات الكندياتِ اللاتي ظهرنَ في وسائل الإعلام كرموز للتضحية والفداء من أجل الحضارة والعدالة والحرية. تقول الدكتورة سوزان إيفانز، من جامعة أوتاوا في كتابها، (أمهات الأبطال، أمهات الشهداء): رغم أنَّ حُبَّ الأم هو الحب الوحيد المطلق بلا تحفظ، إلا أننا نقابل في حياتنا نماذجَ لأمهاتٍ يربينَ أبناءَهنَّ على التضحية، ويجهزنَهم لبذل الأرواح في سبيل هدف «عَظيم»؛ ففي الثقافاتِ والعصور التاريخية المختلفة، تقوم المجتمعات عندما تتعرّض إلى المحن بتوجيه جميع مواردَها، حتى عاطفة الأم مِن حُب وحزن، نحو القضية المشتركة. ما زلتُ أتذكر تلك الصورة التي رأيتها قبل سنوات لصورة امرأة فلسطينية كانت قد فقدَتْ للتوِّ ابنها الشهيد، ولكنها كانت تبتسم بفخر وهدوء! كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها عبارة «أم الشهيد»، و«ابتسامة الانتفاضة». كيف يمكن لامرأة أنْ تُظهِر الفرح على وفاة ابنها؟! لم أستطع وقتها أنْ أجد جوابًا شافيًا. واكتشفتُ لاحقًا أنَّ قصص النساء اللاتي يفرحنَ علنًا في وفاة الابن، بدعم ومساندة مجتمعهنَّ، شائعةٌ في الثقافة اليهودية والمسيحية والإسلامية، ولدى السيخ لعدة قرون. إلَّا أنَّ صورة أم الشهيد المبتسمة بصبْر تتطلب منَّا ما هو أكثر بكثير من مجرد نظرة عابرة! في الحرب العظمى 1914-1918م، ظهرت صورة الأمهاتِ الكندياتِ اللاتي قمنَ بالتضحية بأبنائهنَّ في سبيل الحضارة، والعدالة، والحرية. وبعد الحرب تم تكريمهنَّ بالصليب الفضيِّ. مثل أمهاتِ الشهداء في الماضي، كانت صورة الأم الثكلى في فتراتِ الحروب ذات تأثير قويٍّ على الرأي العام، وتمكنَت من جذب المؤيدين لهذه القضية. إنَّ الجميع يواجهون أوقاتًا عصيبة خلال الحروب، ومع ذلك، فإنَّ التركيز في هذه الدراسة منصَبٌّ على الأمهات اللاتي سقط أبناؤهنَّ وكيف استُخدمت قصصهم في سياقات تاريخية مختلفة. هذه القصص، التي يستخدمها الدعاة في المجتمع في شنِّ الحرب، لا تزال تحافظ على قوتها. في الفيلم الآيرلندي 1996 «إحدى الأمهات» يصوّر دور والدة شهيد بمفهوم حديث؛ مما يجعل قرار الأم واقعيًّا ومقنعًا للتضحية بابنها. يحكي الفيلم قصة اثنتين من النساء المتعلماتِ من الطبقة المتوسطة، يشارك ابناهما في الجيش الجمهوريِّ الأيرلندي. ويتم أسر الشابين، فيبدآن في الإضراب عن الطعام. إحدى الأمهات قررت إبقاء ابنها على قيد الحياة، في حين اختارت الأخرى لابنها الموت دفاعًا عن الوطن. عنوان الفيلم، مقتبس من أغنية شهيرة حول بطل قُتل في خنادق الحرب العالمية الأولى، يوسع منظور الحرب، ويشير إلى الحقيقة المحزنة بأنَّ الخيارات التي تواجها هؤلاء الأمهات أكثر من «اضطرابات» آيرلندا أو ويلات الحرب العالمية الأولى، ولكن في الواقع خلال أوقات النزاع منذ آلاف السنين، كانت هذه هي الصورة التقليدية لأم الشهيد؛ أحيانًا صامتة، وفي أوقات أخرى ناطقة بصوت عالٍ، ولكنهنَّ في النهاية يدعمنَ قرار أبنائهنَّ في مواجهة خطر الموت في المعركة من أجل قضية يعتزون بها. يمكن أنْ يُنظَر إلى أنَّ قصص الأمهات من أوقات، وأماكن، وصراعات، وتقاليد دينية مختلفة تقع كلها في نمط واحد؛ تُذكر الثكالى في أوقات النزاع، ويكرَّمنَ مِن قِبل مجتمعاتهنَّ وقادته، بما يتناسب مع حاجة واضحة لدعم وتنمية الشعور بالوطنية، وإذا لزم الأمر، النزعة العسكرية. في السياق الكنديِّ، ناقش المؤرخ جوناثان فانس أهمية دور أم الجندي في ذاكرة كندا في الحرب العالمية الأولى، ويرى أنَّ اثنتين من الخصائص التي تبرز في صورة الجنديِّ الكنديِّ في الحرب العالمية الأولى هما «نضارة العمر، وتعلقه بشخصية الأم». يروي أنَّ الأم البريطانية في الأدب الكنديِّ كانت عنصرًا مهمًّا في تطوُّر الأسطورة السائدة عن الحرب، والتفاني والإخلاص لذكرى مؤسسي كندا. هذا الضغط على جانب الإخلاص لدى الابن، إلى جانب نداء الأمهاتِ الكنديات، ساعد على الحفاظ على استمرار التجنيد. ورغم أهمية دور الأم في المجهود الحربيِّ، كان من المستغرب أنْ نلاحظ ندرة الدراسات التي قامت بتحليل دور الأمهاتِ الكندياتِ في الحرب، وكذلك أمهات الشهداء، مقارنةً بدور أمهاتِ الشهداء في الثقافاتِ والفتراتِ التاريخية الأخرى. هناك العديد من قصص الشهداء في العصر الحديث من جميع أنحاء العالم. الذين كانوا على استعداد للموت من أجل الوطن والحقوق السياسية. منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 وما تبعها من حروب في أفغانستان والعراق، اهتمت وسائل الإعلام لدينا بقصص الانتحاريين، والشهداء. ويبدو أنَّ هناك قائمة لا نهاية لها من الشباب الذين يتقدمون إلى الموت. هذا الموقف يصعب على الكثير من الكنديين فهمه، فصورة الشهداء من وجهة نظرهم تقتصر على ما قام به المسيحيون الأوائل: «هناك أنواع من المتعصبين يعشقون الموتَ، وكأنه وليمة!». إنَّ قدرة الأم على التأثير، وتجنيد آخرين لقضيتها، يعتمد بشكل كبير على فهم معين لقوة الحب لابنها؛ قد وفَّرت طبيعة حب الأمومةكما جاءت في مختلف الثقافات والحقب التاريخية أرضيةً خصبة للنقاش. وقد دلت الأمثلة التاريخية للتضحية بالأبناء على أنَّ حب الأم، ذلك الشعور الطبيعي، أو الغريزي، يخضع أحيانًا لتأثير الثقافة والحوادث التاريخية. كان للأدب الأمريكي أيضًا تأثير قويٌّ على الثقافة الشعبية الكندية، ولم تكن الكتب التي تتناول الحرب الأهلية استثناءً في هذا المجال؛ فقد جمع الدكتور بروكت، وهو طبيب كان يعالج الجرحى خلال الحرب، قصصًا من الأشخاص الذين قابلهم، ونشرها فيما صار كتابًا مشهورًا فيما بعد. في جزء منه، كتب عن النساء اللاتي قدَّمنَ أقاربهنَّ الذكور للحرب بكامل إرادتهنَّ للحفاظ على أمتهم. ولقد سرد قصة «أم الإسبارطي» راشيل سومرز، التي بعد رؤية زوجها واثنين من كبار أبنائها يموتون، قدَّمت أصغر أبنائها، توم البالغ من العمر ستة عشر عامًا، قائلة «أعطيتُ كل شيء، كل ما عندي». كتاب بروكت التالي، عمل المرأة في الحرب الأهلية: سجَّل البطولة والوطنية وصبر النساء في الحرب الأهلية (1867) الذي يقوم على موضوع أم الإسبارطي، ليبين مدى ما يمكن للمرأة أنْ تعطي.