شيء مؤلم أن تخرج بعد صلاة كل جمعة وتشاهد المصلين وقد افترشوا الأرصفة ومواقف السيارات والساحات؛ لضيق الجامع في منطقة تلامس درجة الحرارة الخمسين، وتتجاوز نسبة الرطوبة المائة صيفا، وتنحدر إلى ما تحت الصفر شتاء! يتكدسون تحت الشجيرات ويتقون لهيب الشمس «بالكراتين»!
المشهد يتكرر كل أسبوع، خاصة في المناطق الشعبية المكتظة بالسكان والعمالة. ولعل من أولويات وزارة الشؤون الإسلامية إن لم يكن هدفها الأساسي هو تهيئة بيوت الله؛ لتستوعب الأعداد الكبيرة في أجواء صحية وروحانية، العجيب أن الجوامع التي بناها ويديرها فاعلو الخير تتفوق على جوامع الوزارة، برغم الفارق الكبير في الدخل والإمكانات المادية والبشرية! الجوامع التي تديرها عائلات ليس من الضروري أن تسأل عنها، فإذا رأيت دورات المياه والمواضئ تشع نظافة ويزكم أنفك روائح المطهرات والعطور، وإذا وجدت صابونا ذا جودة، ومنديلا ورقيا تجفف به جبهتك ثم ولجت للمسجد فوجدت التكييف المتوازن ومداخن العود والبخور والمياه الباردة والسجاد النظيف الراقي، فأدعو للقائمين عليه بالخير والبركة والقبول. أما إذا رأيت عكس ذلك فأدعو «الأوقاف» للوقوف على مساجدها!!
الحقيقة.. شيء مخجل أن تكون المولات والمطاعم والكافيهات تضاهي مساجدنا في النظافة والصيانة، شيء مؤلم ألا تجد شخصا يأكل طعامه خارج المطعم أو يحتسي كوبا من القهوة خارج الكافيه أو يتسوق خارج المول، وتجد مسلما يصلي خارج الجامع!!
الحلول سهلة وسريعة ومتوفرة بعد دراسة الكثافة السكانية ومساحات المساجد ومنها: فتح مساجد الفروض القريبة من الجامع المزدحم حسب الحاجة، وتوجية أئمة وخطباء لصلاة الجمعة فقط بعد عمل منبر لا يكلف الوزارة أكثر من 2000 ريال. واضمن لكم وجود أربعين من أهل وجوبها. وإن لم يكن فما المانع من بناء سرادق لاستيعاب المصلين.
وما دام رمضان على الأبواب فانتظروا كليشة تصريحات الوزارة الصحفية السنوية "يكتفي كل جامع ومسجد بمكبرات الصوت الداخلية عند الصلاة ويكتفى بالمكبرات الخارجية للأذان والإقامة"، "يجب على أئمة المساجد ملازمة مساجدهم طيلة الشهر"، "الوزارة لن تتهاون فيما يعكر روحانية الشهر وراحة المصلين وتهيئة أماكن للعاكفين"، "فتح المساجد والجوامع طيلة الشهر الكريم"، كل تلك التوجيهات ستنسخها الوزارة وتعمم على الصحف مطلع هذا الأسبوع، وينتهي الشهر فلا صوت يعلو فوق صوت الميكرفون وستسمع تداخل القراءات وسيتنافس الأئمة على من يتجاوز صوته حدود الوطن! وستعود العمالة الآسيوية لإنقاذ الإمامة بعد اختفاء الإمام، وسيحكي لكم العاكفون سر الجرح الدفين!
وكل عام ووزارتنا ومساجدها بخير.