DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

الصين تصل المياه الدافئة.. ماذا يعني لنا؟

الصين تصل المياه الدافئة.. ماذا يعني لنا؟

الصين تصل المياه الدافئة.. ماذا يعني لنا؟
مصحوبا بوفد كبير من قطاعات الأعمال، يبدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم زيارة تاريخية إلى الباكستان للإعلان عن مشاريع عملاقة في الطاقة والنقل وغيرها من مشاريع البنية الأساسية تصل تكلفتها إلى 46 مليار دولار، وهذه الاستثمارات التي تمولها الصين تأتي في إطار التوجه الإستراتيجي للصين لإنشاء ممر اقتصادي يربط اقتصادها في بحر العرب. ويأمل الصينيون تحقيق دفعة نوعية في علاقات الجوار لتحقق مبادرتي الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين. المشروع العملاق سوف يضاعف قدرة توليد الكهرباء في الباكستان، وهذا الجانب ظل لسنوات مصدر ضعف أخر نمو الاقتصاد الباكستاني، (يصل معدل انقطاع الكهرباء في بعض المناطق إلى 18 ساعة يوميا). أيضا سوف يؤدي إلى انشاء (ميناء جوادر) الإستراتيجي على بحر العرب، وسوف يتضمن انشاء انابيب لنقل النفط والغاز ومسارات للقطارات مما يختصر مسارا طويلا للصادرات الصينية إلى الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، كما يسهل وصول الواردات الصينية من منتجات الطاقة من الخليج وافريقيا. بالنسبة إلى الباكستان، هذه المشاريع سوف تحدث نقلة رئيسية في اقتصادها، إذا أخذنا في الاعتبار حجم الاقتصاد الباكستاني، فالناتج المحلي الاجمالي يبلغ بحدود 232 مليار دولار. أيضا المشروع سوف يؤدي في المدى البعيد إلى ربط جنوب آسيا مع وسطها، أي ربط 3 بلايين نسمة، نصف العالم تقريبا. هذا الواقع الجديد في الجغرافيا الاقتصادية العالمية يعد مصدرا مباشرا للتأثير في الجغرافيا السياسية لمنطقة البحر الهادي، وبالتأكيد سوف يشكل تحديا جديدا للهيمنة الأمريكية وقوتها في هذا الإقليم. رغم الإشارات الواردة من المسؤولين الأمريكان التي حملت الترحيب بالاتفاق الصيني الباكستاني، إلا أن أمريكا على المدى البعيد لن ترتاح لتطور القوة الصينية، وربما لن تعارض الاتفاق بشكل صريح ولكن قد تدفع الهند إلى الوقوف ضد هذا التحالف الإستراتيجي. السؤال: ماذا يهمنا في دول الخليج، وفي السعودية بالذات، من هذا الاتفاق التاريخي؟ في تصوري المتواضع أرى أن من مصلحتنا دعم هذه الكتلة الاقتصادية الجديدة لعدة اعتبارات، منها: • الاتفاقية تشكل دعما غير مباشر لأمننا القومي، فدعم قوة الباكستان دعم لحليف إستراتيجي لنا، فانتعاش الاقتصاد الباكستاني سوف يوجد قوة تضاف إلى قوة الاقتصاد التركي، ونحن على المدى البعيد علينا أن نعمل بقوة لإنشاء مثلث للمصالح الاقتصادية والسياسية يقوم على تكامل اقتصاد دول الخليج مع تركيا والباكستان. قيام هذا المثلث يتطلب العمل بقوة إلى استقطاب الهند والدخول معها في تحالفات إستراتيجية تجعلها تطمئن إلى التحركات الباكستانية، فالهند إذا لم تستفد من الواقع الجديد ربما تعمل على مقاومته عبر اضعاف ظهر الباكستان مستثمرة قضية كشمير، وإثارة المخاوف من المشروع النووي الباكستاني، وطرح أيضا موضوع الإرهاب وعلاقته بالجماعات الباكستانية. • الممر الاقتصادي الجديد سوف يكون دعما لمستقبل صادراتنا البترولية، فدول الخليج تصدر الحصة الأكبر من نفطها إلى آسيا، بحدود 60 بالمئة، والممر الاقتصادي سوف يساهم في خفض تكلفة النقل، وهذا يرفع درجة التكامل بين اقتصادياتنا ودول آسيا، وهذا يعزز موقفنا الدولي. • التحالف مع القوى الصاعدة سياسيا واقتصاديا مؤشر على النضج السياسي وعلى سيادية القرار الوطني، وتحالفنا مع الصين لا يواجه عوائق تاريخية أو نفسية، فالصين ليست دولة إمبريالية استعمارية، وذاكرتنا التاريخية إيجابية عن الصين وموروثها الحضاري، أي العلاقات المعاصرة ليست مثقلة في التاريخ. والصين لم تتحول إلى قوة إمبريالية عظمى لانها ظلت مكشوفة الظهر في حدودها الشمالية. بول فندلي في كتابه، قيام وسقوط القوى العظمى، ذكر أن الصين ومنذ القرن الخامس عشر الميلادي كانت مهيأة اقتصاديا وعسكريا لتكون قوة عظمى، فقد كانت لديها القوة البرية مع القوة البحرية، والسفن الصينية عابرة القارات وصلت إلى السواحل الافريقية، وكانت تلقى الترحيب في المحطات التي تقف فيها. الظهر المكشوف في الشمال الذي لم يحمه السور العظيم، جعل الصين تعاني من الاستعمار طوال تاريخها. في عالمنا المعاصر، الصين يهمها بالمقام الأول تأمين مصالحها الإستراتيجية وليس لها أطماع سياسية في المنطقة، حلم وتطلع الصينيين هو إعادة بناء (طريق الحرير) حتى تزدهر التجارة بين الشرق والغرب. • من التطبيقات السياسية غير المباشرة، إيجاد منطقة عازلة بين إيران والهند وروسيا، فالروس منذ القياصرة يحلمون بالوصول إلى المياه الدافئة، وكما أن الأطماع الاقتصادية لا تنام، أيضا التطلعات القومية لا تنمحي من ذاكرة النخب السياسية والاقتصادية. ونشاهد الآن الرئيس الروسي بوتن يجدد التحالف مع إيران ويتشارك معها في مشاريع الشر والعدوان استجابة لهذه التطلعات القومية، وبما أن روسيا توضع ضمن المهددات المباشرة لأمننا الوطني، فمن مصلحة الشعوب في المنطقة الحذر الكبير من الأطماع الروسية. • والخوف والحذر من أطماع روسيا في الخليج ضروري استجابة للتطورات المُحتملة في الشرق الأوسط، فعلينا الاستعداد لانسحاب أمريكا التدريجي من المنطقة، والاتجاه إلى التحالف مع القوى الصاعدة، وهذا ما استشعرته إسرائيل منذ سنوات وتنبه له محركو مراكز الأموال والمصالح اليهودية في النظام المالي العالمي، فقد أدركوا احتمالات التبدل في النظام الدولي، لذا انطلقت العلاقات الإسرائيلية الصينية منذ العام 1992، وتشهد ازدهارا كبيرا رغم عمق العلاقات العربية الصينية، واليهود قادرون على محو تعاونهم مع الاحتلال الياباني من الذاكرة الصينية. العاملون في القطاع المالي يلاحظون حركة تغير في المراكز بدأت منذ سنوات، وهذا متوقع لأن اليهود يتبنون الحراك السياسي الاقتصادي منذ تحريم البابا التعامل معهم في أوروبا، أي لا يركنون إلى قوة اقتصادية أو سياسية واحدة، وفي الصين أكثر من مئتي منظمة يهودية تعمل في مجالات كثيرة، وهناك عشرات الشركات الإسرائيلية تعمل تحت غطاء صيني. • دعمنا للمشروع الباكستاني الصيني له هدف إستراتيجي آخر يخدم الأمن القومي العربي، فالتقارب العربي الصيني القوي سوف ي حد من اندفاع الصين خلف إسرائيل، فالعالم العربي والصين بينهما نشاط اقتصادي وتجاري يصل إلى 200 مليار دولار سنويا، كما أن الباكستان، بحجم تجارة مع الصين يصل إلى 15 مليار دولار سنويا، يجعلها في مقدمة الشركاء الرئيسيين للصين. الصين تعمل على ترتيب وضع الجغرافيا السياسية في آسيا، وفي خططها انشاء ممر اقتصادي مع الهند، وتسعى لإحاطة نفسها بحزام من المصالح والشراكات مع جيرانها، وتأمل الصين اعادة إعمار محيطها الحيوي، بعد فشل الجهود والترتيبات الأمنية الأمريكية التي أدت إلى خراب أفغانستان وكادت تلحقها الباكستان. ونجاح هذه الترتيبات الاقتصادية وانعكاسها على الاستقرار في الشرق الأوسط هو في صالحنا بدون شك.