DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

ما لم يقله المثقف العربي عن الحداثة!

ما لم يقله المثقف العربي عن الحداثة!

ما لم يقله المثقف العربي عن الحداثة!
هناك حقيقة بديهية لكل قارئ للحضارة الغربية وبالخصوص تاريخ تطورها ومن خلال ثلاثة قرون إلى اليوم، أنها قامت على عقول الفلاسفة أو ما يسمى بالمثقفين التنويريين الذين اشتغلوا على مصطلحات مثل الليبرالية والحداثة والعلمانية اي اشتغال الناقد الموضوعي على أرض الواقع، ولم تقم على رجال الكنيسة أو رجال الدين بالعموم أيا كانت خلفيتهم الدينية، وهو بالتأكيد لا يعني أنها أي الحضارة الغربية جاءت متجاوزة لكل موروثها القديم، ونبتت خارج سياقه «الماضوي» مع تحفظنا على هذه التسمية، التي تفهم أحيانا بالمعنى السلبي المناقض لتراث الأمة، لأن هناك ربما من اعتقد أن الحداثة- وهي المشروع الذي تقوم عليه حضارة الغرب- جاءت مناقضة للتراث الغربي القديم وقامت على أنقاضه، وهي من تمثل الغرب الحديث دون أي خلفية قديمة. ومن هنا في رأيي يبرز سؤال: هل يمكن لأي مشروع حضاري سواء حمل مصطلح الحداثة أو غيره من المصطلحات التنويرية، أن يحدث قطيعة مع ماضيه وتراثه القديم؟ قد لا نجد من هو الأقدر على الإجابة عن هذا السؤال، بإجابة تبدو مقنعة وموضوعية ومن واقع تجربة غير المثقف الغربي، أما المثقف العربي فهو لا يزال ينظر له ربما أنه يعيش حالة أشبه بالطفولة في كيفية التعامل مع مفردات التقدم وعلى رأسها الحداثة، أو ينظر له أنه جاء لهدم ثوابت المجتمع، ومن ثم يخفق في فهم المشروع الذي غير وجه أوروبا والمجتمعات المتقدمة، فالمثقف العربي كل ما عمله في مفردة حضارية قادت الغرب نحو التقدم وتسيد العالم كمفردة الحداثة، تعامله معها أشبه بالمفردة القاموسية، أو التعريف الذي يقول إن الحداثة ما هي إلا ببساطة مبدأ سيادة العقل، لكن كيف يكون ذلك ووفق أي فلسفة، هذه المساحة ظلت بعيدة عن اشتغال المثقف العربي إلا ربما في حالات نادرة، ولم تتحول فيها إلى مشروع، يوازي المشروع الحداثي الغربي. ففي كتاب الباحث المغربي سعيد شبار «الحداثة في التداول الثقافي العربي الإسلامي» يقول الدكتور عبدالمجيد الصغير في مقدمته «العديد من أصوات الفكر العربي المعاصر تعاملوا مع مصطلح الحداثة كمفهوم إجرائي طغى عليه الهم الإيديولوجي، بحيث صار مفهوم الحداثة في استعمالات هؤلاء لا يعني شيئا غير الإسراع بتدشين مرحلة من القطعية المطلقة مع مكونات الذات والإشادة بكل نزعة عدمية تجاه تراثها، مما شكل إسقاطا واضحا لذلك المفهوم في غير مجاله» وعين الكلام أو مقاربا له تحدث عنه المفكر المغربي طه عبدالرحمن في كتابه «روح الحداثة» بمن سماهم المقلدة. فالمثقف العربي في الأغلب لم يتحدث عن الهوية الحداثية التي ينطلق منها، بمقدار ما تحدث عن حداثة الغرب محاولا إسقاطها على واقعه، ولعل في ظنه أن في فعله هذا يقدم الحداثة على طبق من ذهب للمجتمع العربي. هنا نعود لسؤالنا الذي طرحناه في مقدمة المقال حول القطعية مع التراث مع إضافة أخرى لسؤال. وهو هل فهم المثقف العربي فلسفة الحداثة وخلفيتها التي منها ينطلق؟ تأتي إجابة هذا السؤال من المثقف الغربي، المشتغل على مصطلح الحداثة منذ ثلاثة قرون تقريبا إلى أن بلورها كمشروع متكامل قاده إلى صنع حضارته، فهو الأب الشرعي إن جاز القول للحداثة القائمة اليوم والمطروحة كنموذج للعالم. يقول المستشرق الألماني مانويل برنارد فشر وهو من انفتح على الثقافة العربية وقدم دراسات عديدة عن الأدب العربي «كل مجتمع يتطور من خلال تقاليده وقيمه الجوهرية الخاصة به، التطور ليس قفزا في الفراغ، وليس محاكاة غبية للآخرين» هذا كلام من مثقف خبر الحداثة وفهما كنظرية وتجربة. وعين الكلام أو مشابها له في محتواه تحدث المستشرق الفرنسي دومينيك شوفالييه قائلا: «التحول لا يعني التمغرب (نسبة للغرب) ففي الحداثة كل يحقق أصالته، واستيعاب الحداثة يتم من خلال الهوية، أي من خلال الخصائص الذاتية لهذا الشعب. فالتحول الحضاري نحو الحداثة لا يعني النقل عن الغرب، وإنما يعني إبداع وتنويع هذه الحداثة، لهذا يجب ألا تتم عملية التحدث على حساب هوية المنطقة». وهذا في ظني ما لم يقله المثقف العربي أو لم يؤكد عليه، أو كان الاشتغال عليه محدودا ولم يتحول إلى أن يحمله المثقف ويكون هاجسه الأبرز، لعنوان الحداثة وفلسفتها، أي بمعنى آخر أين المشروع الحداثي المنطلق من هوية المنطقة، وليس النسخة الأخرى من حداثة الآخر. * إعلامي متخصص بالشأن الثقافي