DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

ثقافة الكبت

ثقافة الكبت

ثقافة الكبت
أخبار متعلقة
 
في ظل الاوضاع الملتهبة في العالم تعجبت من ذلك الخطيب الذي لم يطل فحسب في خطبته فقط بل اطال كذلك في اللحن. ذلك الموضوع الذي تقرأ في ثناياه ان خطيبنا الكريم لم يفق بعد لينظر الى واقعه الاعلامي المتخبط وما آل اليه الامر من التنوع الاعلامي والاتساع الفكري وانتشار فضاء القنوات والمسموعات وتعدد الاجتهادات ليسوق كل خطبته متحدثا عن (الدش) وآثاره على الاخلاق والمجتمع والجيل الجديد. واتساءل هنا لماذا الى الان يطرح مثل هذا الخطاب وبطريقة تقليدية جافة بعيدة عن الطرح الموضوعي والواقعي والحلول الايجابية المثمرة، وكأن مجتمعنا بالذات مازال يعيش منغلقا - في قرية - بعيدةعن الاعلام والبث ولم تصله قشور التقنية والبرمجة. وكأن من يعرض هذا الفكر يريد حلا للمشكلة ان يعمل ميثاق اخلاق دولي ينص على احترام تقاليد واخلاق مجتمعنا بالذات او انه يريد ان تكون هناك رقابة حكومية تعمل على شل اجهزة البث الفضائي. يا له من منطق غريب وكأننا مع كل مشكلة تواجه مجتمعنا تظهر ردود الافعال الطبيعية ثم تتغير، وكأن حرية الاعلام هي وحدها التي ستدمر اخلاق مجتمعنا وكأننا في معزل عن العالم فلماذا لا نفكر في ان كثرة الضغط على المجتمع واحساسه بالكبت المستمر وخوفنا من الحرية هي التي ستفجر يوما هذا المجتمع المقيد!! لقد اصبح الكبت والفاظ التحريم والتحمس في فرض عبارات الرفض لكل ماهو مفروض على ثقافتنا ومؤثر على ديننا فكأن مشكلة اقتحام الاعلام اردنا ام لم نرد هي مشكلتنا الأم، فالعالم باحداثه وتوتراته يتزلزل ويقهر ونحن مازلنا نناقش آثار البث ومشكلاته. اني اوافق ان ما تعرضه وسائل الاعلام من مفاتن وبيع لجسد المرأة والتطبيل لاهل الفن والغناء تخدير لفكر شباب الامة وعقولها، لكنني في المقابل اقول ان كثيرا من فئات المجتمع لديهم وعي بما يجري له وان هذا كله يمكن ان يعالج عن طريق الرقابة المتوازنة والحكيمة، وتنمية الرقابة الذاتية القائمة على الاقتناع الداخلي والحوار العقلاني، مع ان بعض الرقابة وما شابهها من اجهزة الهيمنة على الفكر والمشاعر مجرد رادار خارجي يسجل المخالفات تمهيدا لاقامة العقوبات. فطبقة الشباب من الجنسين ان لم يدعمهما توازن داخلي وصفاء اسري، وليس لهما القدرة على حماية انفسهم، فهم ليسوا بحاجة الى (دش) ولن ينتظروا مشاهدة فيلم فاضح لكي ينحرفوا. فالفتاة مثلا التي تحمل داخلها دوافع الرذيلة والخيانة لن تؤجل خيانتها الى حين ترى فيلما عن الخيانة.. وهي كمن يريد ان يقتل فهناك اسباب ستدفعه للقتل ليس ضروريا ان يتابع فيلما فليس صحيحا ان الانسان مجرم ومحب للرذيلة بالفطرة - الا من انحرفت فطرهم - او هو ريشة في مهب الريح. ان المنطق الذي يتجاهل الدوافع الحقيقية لسلوك البشر هو بذلك يشوه النظرة الى الحرية ويحمل في المقابل على ترسيخ الكبت وثقافة القيد!! ولعل التاريخ بنماذجه شاهد على ان مساوىء الكبت والقمع اشد ضررا من بعض المشاكل المؤقتة التي قد تصاحب مناخ الحرية، وان الفتاة التي يحاصرها الكبت والقمع الاسري لا تملك الا امرين اما الخطأ واما التمسك بفضيلة كاذبة شكلية، واقول كاذبة لانها تمارس بالفرض وليس بالحوار الهادىء المحفوف بالحب والمودة، وفي المقابل هي لم تمنح حرية الاختيار والتصرف في عواقب الامور بل صار هدفها ارضاء الآخرين لا تنمية الشخصية وتقويتها. والحقيقة ان اي فضيلة مفروضة بالجبر هي خطر حقيقي على الفضيلة والذي يجعل الفضيلة والقيم امرا يشرف الانسان هو اختياره واقتناعه بها رغم انه قادر على ممارسة غيرها. ان الذي يمكن ان يحمي اخلاقنا هو نفس اخلاقنا القائمة على صفاء وسماحة عقيدتنا وفطرتنا الدينية واذا استطاعت اخلاقنا وتقاليدنا وقيمنا ان تخاطب افكارنا ومشاعرنا واخلاقنا وصراعاتنا وتناقضاتنا بشكل ايجابي ومتوازن بعيدا عن التشنج والصراخ وباسلوب واقعي ومتجدد وهادىء تكون حينئذ قادرة على حماية نفسها وكذلك الأمر مع شبابنا. فاذا وصلنا الى هذا لا نحتاج حينها الى التحمس الزائد في مواعظ الاخلاق مع اهميتها ولا الى الرقابة في الخارج، حينها سيستمتع الناس بالحرية وفق قيم الاسلام دون كبت او قيد. @@ هاني بن عبدالله الملحم