DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أزمتنا في غياب الوعي العاطفي

أزمتنا في غياب الوعي العاطفي

أزمتنا في غياب الوعي العاطفي
أخبار متعلقة
 
صمت رهيب كان يخيم بجبروته على اجواء المحاضرة كنت اتململ من السآمة والملل واكاد اختنق فأنا كائن لا يتنفس الا في الضجيج. عزمت ان افجر بنيان الملل بسؤال ثائر, ولم احد امامي الا زميلا - تبدو عليه امارات البراءة والعفوية - يكون ضحية لأسئلتي. ناديته - وقد كان مطرقا برأسه مطبقا شفتيه 0 التفت وهو ينفض غبار الحلم عن جفنيه فلان.. ما بك هل تحب؟ هل انت من السائرين في قافلة العشق؟ كان سؤالي لا ينتظر اجابة ولكن كان مجرد رغبة في الثورة على ديكتاتورية الصمت والقاء حجر في ماء راكد. ابتسم ابتسامة كلغز خفي يخفي وراءه ما يخفي وفي هذه اللحظات كان احدهم يسمعنا فطفق يلقي تلالا من الاسئلة عليه سأله: هل تمر بعلاقة؟ّ اجاب وببرودة اعصاب ونظرات هائمة: نعم ثم بدآ يتحدثان عن مغامراتهم السندبادية في عالم الفتيات. وكل منهما يبادل الآخر نخب التجربة في هذا المضمار.. مكالمات ليلية, نزهات, وجبات عشاء, سهرات واخيرا. كنت مذهولا ولم انبس ببنت شفه, لم اكن اتصور ان الواقع بهذا السواد القاتم, واني فيه ناسك في معبد. كنت انظر الى صاحبنا - صاحب امارات البراءة والعفوية - على انه ذئب شرس, ولكن في صورة حمل وديع. فهاهو يتبجح ويزهو ويتحدث بتلعثمه المعهود متأتأ ومثأثأ, يروى لنا مغامراته العاطفية مع هذه او تلك. كنت اتصبب عرقا الا ان الاخر بادرني القول - ملخصا تجربته - يا يحيى افندي ان من تعمل هذا معنا او مع غيرنا واحدة من ثلاث اما لعقدة نفسية, او تجربة عاطفية فاشلة او خلل خلقي. قد يكون هذا المشهد - عزيزي القارىء - مألوفا في الأوساط الشبابية وليس مستغربا ولكن الغريب لماذا.. ما السبب؟ امر يحث على التفكير لما تنساق فتاة في هذا التيار مضحية بأعز ما تملكه المرأة من اجل نزوة عابرة؟ الا ترون معي ان هناك اكثر من يد ساهمت في هذه الجريمة النكراء؟ انا لن ادافع عن تلك اللعوب, ولكن ما الذي جعلها العوبة في كف العابثين تخدعه الجرح وان كان هذا مؤلما فالألم احيانا بداية العلاج. الا تتفقون معي ان مجتمعنا لم يستطع ان يفهم الحاجة العاطفية لأبنائه, او بتعبير اخر لا يملك (ثقافة العاطفة) او بتعبير أقل تعقيدا اننا لم نعط (الحب) حقوقه. مع اننا من اكثر المجتمعات التي تحب التي يمكنها ان تصدر الحب للآخرين. ولكن مع الاسف كان جفاء الصحراء وقسوة الأرض انعكست علينا في احاديثنا في علاقاتنا وتعاملنا مع بعضنا حار جدا, كالصيف في هجر فلا تسمع كلمة يا حبيبي او يا عزيزي دارجة على ألسنتنا, لقد اصبحت مشاعرنا لا تتخطى ابعد من اعتاب قلوبنا حتى مع اقرب الناس إلينا. فهذا الاب الذي يدخل منزله بملامحه العنترية وشواربه المفتولة وما ان (يتنحنح) حتى يتطاير الابناء كالفراش ولا ترى لهم من باقية يدخل ليفرغ هموم الدهر وشجونه على عاتق اسرته المسكينة. ويخرج الاب (ابو عنتر) من بيته تاركا ضحاياه يئنون انينا, بعد ان لبس قناعا اخر للناس, ليحضر مجلسا يتحدث خطيبه كيف كان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يلاعب ابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وكيف كان يسقيهما القبلات الدافئة, وكيف كان يتألق (صلى الله عليه وآله) كأب وجد وزوج ونبي, وكيف كان مبدعا في غرس الحب في قلوب الاخرين. (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظا القلب لانفضوا من حولك) ال عمرنا 159. اما ذلك الاب المحترم فان كرامة شواربه العنترية لا تسمح له بان يقبل ابنته ويضمها الى صدره ويتحدث معها. لذا اصبح الحب مشوها عند الابناء, لانهم لم يعيشوا حبا في نقاء الفرات وطهارة الصلاة وبياض الياسمين ولطافة النسيم لأننا جعلنا الحب طفلا غير شرعي فتبناه اصحاب الاهواء الدنيئة فجعلوه بضاعة في دكان بائعة هوى وربوه في المخادع الليلية. فلم نر الحب الا هناك فآثرنا ان نعيشه بالتهريب وبالقفز على سور القانون والشرع والخلق وداخل الكهوف المظلمة لا تحت الشمس. نحن - يا سادة - لسنا بحاجة الى (عيد الحب) ولا الى اغاني الفيديو كليب لنتعلم كيف نحب بل نريد وعيا عاطفيا!! @@ يحيى عبدالهادي عبداللطيف