DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

صدام حسين

وهم الخطر يقدم اختراعاً لسفك الدماء....!

صدام حسين
صدام حسين
قررت الولايات المتحدة الأمريكية الانتقال من طور سياسة الاحتواء الى طور الاجهاز على النظام القائم في بغداد، واحتلال العراق، عسكريا، لسنوات طويلة...! هذا باختصار ما توصل إليه إبراهيم الصحاري، في كتابه الصادر في 100 صفحة عن مركز الدراسات الاشتراكية بالقاهرة؛ تحت عنوان (العراق.. حرب أخرى من أجل النفط والهيمنة). ويتناول الباحث، عبر الإحصائيات والأرقام وسجلات الأمم المتحدة، المسألة العراقية التاريخية التي تتصل بدور الولايات المتحدة في تكوين العراق، ومن ثم مقارعته، فالإبقاء عليه قوياً نسبياً، ثم الإجهاز عليه.. أخيراً. بحث سياسي الكتاب، يقدم بحثا سياسيا واقتصاديا، مدعوما بالوثائق والبيانات، حول الحرب المحتملة، "من أجل النفط والهيمنة". فالأساطيل تحشد في مياه الخليج، والقواعد تجهز في قطر وتركيا، والرأي العام يعبأ بواسطة الآلة الاعلامية الأمريكية، التي لا تهدأ. وهذه الحرب هي الرابعة، التي تخوضها أمريكا في غضون عقد من الزمان، بوصفها "رسالة أخلاقية"!! تزعم الطبقات الحاكمة في الولايات المتحدة أنها المؤهلة للقيام بها. ويسعى المؤلف الى تعرية ذرائع الخطاب الأمريكي، عن هذه الحرب بالعودة الى أكثر من عشرين عاما، بالتحديد بعد سقوط شاه ايران في العام 1979، الذي أدخل السياسة الامريكية في أزمة، حاولت واشنطن معالجتها بإيجاد نظام اقليمي بديل في الشرق الأوسط، يؤمن مصالحها في منطقة الخليج، كمنبع لثلثي نفط العالم. وكان نظام صدام حسين هو أحد أركان هذا النظام الاقليمي الجديد، الذي حالت الولايات المتحدة دون هزيمته، خلال حربه مع ايران، عبر تقديم كل أشكال الدعم اللوجستي والعسكري، وخصوصا عام 1987 حيث حشدت أسطولها البحري في الخليج، وهي العملية التي وصفت بأنها الأكبر من نوعها منذ حرب فيتنام! تحت زعم "حماية حرية الملاحة في الخليج" بجانب مساعدة العراق على انتاج أسلحة "دمار شامل" عبر تصنيع الأسلحة الكيماوية، مع منع وصول هذه الأسلحة الى ايران. وبانتهاء الحرب في أواخر الثمانينات دُشِّن "صدام" كبطل عربي استطاع وقف الزحف الايراني على الأمة العربية وهي المكانة التي عملت الولايات المتحدة على تعزيزها بعد أن أصبح "صدام" رجل أمريكا الجديد، والقوي في الخليج. ولذلك لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا عند قيام نظام "صدام" بهجوم وحشي، بالأسلحة الكيماوية على الأكراد، في بلدة "حلبجة" بشمال العراق خلال مارس 1988، و حصد أرواح 5 آلاف كردي وأصاب 10 آلاف آخرين. رفض الإدانة الادارة الامريكية، برئاسة رونالد ريغان آنذاك، عارضت إدانة النظام العراقي، أو فرض أي نوع من العقوبات، بحجة أن ما حدث بالعراق "شأن داخلي" وهو ما دعا الحكومة العراقية فيما بعد الى إبرام عقد مع شركة "بكتل" الامريكية لبناء مصنع للكيماويات، بعد مرور شهرين فقط على مذبحة الأكراد. ثم تحول الحليف فجأة الى عدو وحاول نظام "صدام" استغلال قوته العسكرية المتضخمة للتخلص من أزمته الاقتصادية والسياسية الطاحنة، بغية التحكم في أسعار البترول، بما يتناسب مع قوته العسكرية الجديدة. لكن حسابات "صدام" كانت هي الأخرى خاطئة، نظرا لأن الولايات المتحدة التي كانت تعيش بدايات نصرها على المعسكر الشرقي، ما كانت لتسمح له بأن يتحكم في أهم منطقة لانتاج النفط في العالم، فجاء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لاجلاء قوات صدام عن الكويت في 16 يناير 1991، والذي أدى الى قتل ما بين 100 ألف الى 200 ألف عراقي وجرح ما بين 300 ألف الى 700 ألف آخرين، بجانب تدمير البنية الأساسية للعراق! وذلك بالرغم من اعتراف صدام بالهزيمة، وانسحاب معظم قواته من الكويت، قبل أن تبدأ الحرب، واعلانه قبول قرارات الأمم المتحدة، التي تدعو الى انسحاب الجيش العراقي من الكويت. سيناريو مكرر ولكن يبدو أن سيناريو حرب الخليج الثالثة يكاد يتطابق مع سيناريو حرب الخليج الثانية. رغم قبول صدام لقرار مجلس الأمن بالسماح للمفتشين الدوليين على ما قد يحوزه من أسلحة دمار شامل، فإن بوش الابن، مثل سلفه بوش الأب، رفض اذعان صدام واعلن الأخير الحرب، بينما يستعد الأول لاشعالها. وحتى تهديدات بوش الأب بأن الحرب لن تتوقف إلا بسقوط النظام العراقي "الذي مازال يشكل خطرا على جيرانه ويضطهد شعبه" تتكرر حرفيا، بعد مرور أكثر من عشر سنوات، على لسان بوش الابن. ومع ذلك فإن الحرب السابقة توقفت، دون اسقاط نظام صدام، لأن هدفها، كما يقول المؤلف، كان قتل أكبر عدد من جنود الجيش العراقي المنسحبين من الكويت، حيث أحرقت الآلاف منهم، وقتلت آلافاً آخرين، حينما حاولوا الاستسلام! وهي الجماجم، التي أقامت عليها الولايات المتحدة هيمنتها في المنطقة. وبالرغم من كل ذلك، فقد تدخلت الولايات المتحدة، كما يذكر المؤلف، لحماية نظام "صدام" من السقوط على يد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في جنوب العراق وشماله، واستطاع قادتها السيطرة على مناطق بأكملها، إلا أن المسئولين العسكريين الأمريكيين رفضوا مقابلة ممثلي الانتفاضة، وفضلت القوات الامريكية غض الطرف عن انتهاك حكومة "صدام" لشروط اتفاقية وقف اطلاق النار، بغية تسهيل مهمتها في القمع الدموي للانتفاضة، تحت نظر دوريات الاستطلاع الجوي الأمريكي. وهم الخطر ويعزو المؤلف ذلك السلوك الامريكي الى رغبة واشنطن في استمرار وهم الخطر العراقي، كمبرر يمنح الولايات المتحدة رخصة التواجد المكثف في المنطقة، بغية اعادة ترتيب الأوضاع، بما يتوافق مع مصالحها ومصالح حلفائها. كما أن تواطؤ الولايات المتحدة مع نظام صدام في قمع الانتفاضة السابقة في الشمال والجنوب كان بمثابة فرصة لتعزيز وصايتها على هذه المناطق، التي تقع بها معظم احتياطيات العراق النفطية. الادارة الأمريكية، إذن، كانت تفضل انقلابا من جانب الجنرالات العراقيين للاطاحة بصدام حسين، على حد ما أورده المؤلف على لسان مصدر امريكي مقرب من البيت الأبيض، وذلك بديلا للانتفاضات الشعبية التي قد تهدد استقرار المنطقة. ولذلك كان الهدف من وراء فرض الولايات المتحدة الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه، حماية الشيعة والأكراد، كما تدعي واشنطن، بل بغية إبقائهما أقوياء، بما فيه الكفاية، كي يتسببا في إثارة القلاقل لنظام صدام حسين، وضمان إبقاء الأخير قويا، أيضا، بما فيه الكفاية، كي يستمر في قمعها، على حد ما يذكر المؤلف، استنادا لتأكيد المسئوولة الدولية عن تنفيذ برامج النفط مقابل الغذاء بأن الولايات المتحدة ليس لديها "أي رغبة في أن تسيطر الأغلبية الشيعية على السلطة في بغداد أو أن يحصل الأكراد على الاستقلال". وبحسب احصاءات أخرى للأمم المتحدة، يشير المؤلف الى أن العراق قد تحول خلال 12 عاما من بلد غني نسبيا الى واحد من أشد البلدان فقرا. فالحرب والعقوبات الاقتصادية المستمرة حولاه من بلد كان يماثل اليونان في مستوى التنمية الاقتصادية الى بلد لا يزيد في مستواه في التنمية عن مالي، في افريقيا جنوب الصحراء. دوافع جديدة أما عن دوافع الحرب الأمريكية الوشيكة، اليوم، على العراق، فيرجعها المؤلف الى ما أسماه تناقضات امبريالية ما بعد الحرب الباردة، والمتمثلة في تركة "الامبراطورية السوفييتية" ودور الولايات المتحدة في ملء الفراغ، الذي خلفته الامبراطورية الغاربة، وذلك في ظل بروز الخلاف المكتوم بين أوروبا القوية اقتصاديا والضعيفة عسكريا، وغير القادرة بالتالي على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والجيو-استراتيجية، وبين الولايات المتحدة القوية عسكريا واقتصاديا، والقادرة على فرض هيمنتها على قوى كبرى أخرى، لا تتماثل مصالحها بالضرورة مع المصالح الأميريكية. وفي هذا السياق، فإن السعي لاقامة نظام تابع ومطلق الولاء في بلد كالعراق يعتبر التجسيد الأول لهذا التوجه، حيث تبلغ احتياطيات العراق النفطية المؤكدة 115 مليار برميل، أي نحو 11% من الاحتياطيات العالمية، في ظل ما تتمتع به حقول النفط العراقية من ميزات، حيث تعتبر من أغزر الحقول في العالم، وأكثرها قربا من سطح الأرض، مما يوفر نفقات ضخمة في عمليات التنقيب والاستخراج. والتقارير الدولية، تشير إلى أن الولايات المتحدة في استراتيجيتها الجديدة، تريد أن تسيطر بصورة كاملة، غير منقوصة على النفط وأنظمته، بطريقة تسمح لها باستخدامه سلاحا في صراعها السياسي - الاقتصادي، مع القوى الرأسمالية المنافسة الأخرى.
جورش بوش وتوني بلير
أخبار متعلقة