DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

رهوان وبائع الجرائد

رهوان وبائع الجرائد

رهوان وبائع الجرائد
رهوان وبائع الجرائد
مر عام, عامان , ثلاثة ولكن لا خبر . أبي الذي اعتاد أن يوقظني كل صباح لم يعد يفعل. كان يرى في كل صباح أملا جديدا في حصول ابنه البكر على وظيفة .. الوظيفة.. الوظيفة. أصبحت مفردة بغيضة إلى نفسي أحمل شهادة جامعية ولكن بلا وظيفة أشعر أنني معاق نعم, أنا معاق بشهادتي أنا لست عالما ولا أصلح أن أكون باحثا ولكن مقصدي أن أعيش أتكسب بشهادتي. في هذا اليوم استيقظت قلقا مضجرا لاحظت أمي هشاشة وجهي بادرتني قائلة: - متعب أنت يا رهوان؟! - كعادتي, يا أمي. - لا أنت أكثر تعبا استرح قليلا في فراشك - سأخرج - وأنت هكذا - نعم وخرجت مندفعا نحو الارشع وأمي تشيعيني بكثير من الدعاء الذي أحتاجه. أنا قليل البخت سمعت أبي يقولها ذات مساء لأمي وقال أيضا بحرقة بالغة بأنني تعبت ودرست والتالية جلست في البيت أبي مسكين وأمي مسكينة لأنها تريد أن تفرح بولدها الوحيد وأنا مسكين لأني بلا مستقبل أختي التي كان يحسبها أبي عبئا عليه تزوجت لم تعد أختي عبئا أصبحت أنا العبء الشخص المعاق فكرت أن أعمل سائقا أو محاسبا أو منظف سيارات وجدت هذه المهن لا تحتاج إلى مزيد من العمال. وقفت أمام بائع جرائد أمسكت جريدة وتصفحتها نهرني البائع: - ممنوع القراءة لم أتلفت إليه قال بصوت حاد هذه المرة: - قلنا ممنوع قلت له: - بقي صفحة واحدة قال وهو يخطف الجريدة مني: - ادفع ثمنها - ليس معي ثمنها - لا أصدق! - هذا شأنك - هل تقصد ليس معك الآن!! - ليس الآن وليس غدا ولا بعده - لماذا هذا التشاؤم؟ - ليس لدي عمل - ولماذا ليس لديك عمل؟ - لأنني أحمل شهادة في التاريخ! - ما علاقة الوظيفة بالتاريخ؟ - قالوا أدرس التاريخ لتحصل على عمل مناسب درست ولم أحصل على عمل. - تتكسب بالتاريخ؟! حاولت أن أصحح مفهومه عن دراسة التاريخ ولكنه قال مستكشفا: - هل تريد عملا؟ قلت بحرارة استغربها هو: - نعم! - تساعدني في بيع الجرائد وأعطيك نسبة؟! لاحظ انكساري وخيبة أملي فأردف قائلا: - مؤقتا حتى... قاطعته بحدة تعكس ما بداخلي: - حتى أجد للتاريخ وظيفة تحفظ كرامته قبلت هذا العمل رغبة في الخروج من مأزقي ولو بشكل مؤقت. الضجر والممل والانتظار ثلاثية تقتلني وأبي وأمي يعيشان مأزقي لحظة بلحظة أخبرتهم أني وجدت عملا مؤقتا زغردت أمي ودعا لي أبي بفتور قرأت في وجهه عدم الرضا. أنا نفسي لست راض قلت له ذلك أضفت لابد أن أعمل أي شيء حتى تفرج أنت تعرف يا أبي أنه ليس لدي أي حرفة يدوية ذهبت لفراشي مبكرا, انتظرت الصباح انتظرته أكثر من أي صباح آخر مرت صباحات كثيرة منذ تخرجي وأنا أنتظر وهم الوظيفة. ولكن الوظيفة لا تأتي في مكتب التوظيف وضعوا إعلانا لا تخطئه العين (لا توجد وظائف لحملة شهادة التاريخ و... و.... و....) نعم هذا الصباح صباح آخر. إنني أحب كلمة الصباح بكل ما تعنيه من تجدد وأمل ينبت مع إطلالة الشمس المتجددة.. أشعر أني أركض باتجاه الشمس أستعجل شروقها. لا أدري إن كنت قد نمت أم لا. نهضت من فراشي رشيقا متحمسا اتقد رغبة في العمل. قبلت رأس أمي وخرجت محمولا على نهر متدفق من دعائها توجهت لبائع الجرائد وفي طريقي عزيت نفسي بأن الحركة فيها بركة فربما تأتي الوظيفة بعد شهر أو شهرين كما أنه ليس عيبا أن يعمل الإنسان أي عمل ما دام شريفا وفكرت في العائد المادي ولكنه لم يكن هاجسي فأنا أعرف أنه سيكون قليلا إنني أريد أن أعمل وكفى ولو لم أعمل سوف أجن سوف...! لا داعي للثرثرة وبخت نفسي ومضيت أحث الخطا نحو بائع الجرائد فكرت في مهنته إنها ليست سيئة فقط رزقها محدود. يجب أن يكون كذلك فهو لا يحمل شهادة عالية. ولكنني أحمل شهادة عالية وليس عندي مهنته بل إنني أسعى إليه أحسست بحرقة دفينة في صدري تساءلت هل يمكن أن أعيش بلا وظيفة! زاد غيظي وفي كل مرة يجهدني التفكير كنت أهرش رأسي, حتى سقط ذات مرة عقالي رأيته يتدحرج بين السيارات جريا وراء عقالي دون أن أشعر. تقافزت أبواق حادة من كل الاتجاهات جفلت من حدتها أكملت طريقي حتى وصلت للشارع الذي يقبع فيه بائع الجرائد ولم أجده في مكانه المعتاد. ذرعت الشارع طولا وعرضا لم أعثر عليه ما الذي حدث؟! اقتربت من صاحب بقالة وسألته عن بائع الجرائد أخبرني بأنه قد انتقل إلى الشارع الخلفي جريت إليه كانت الشمس قد بدأت تصب غضبها الصيفي أحسست بالعطش شربت من ماء سبيل في طرف الشارع بعدها حدقت في كل زوايا . لم أر أثرا لبائع الجرائد واصلت بحثي عنه في الشوارع المجاورة سألت المارة إن كانوا قد رأوه لا أحد يهمه إن كان هناك بائع جرائد في الشارع أم لا. إنها مسألة تخصني وحدي كان يجب أن أعلم ذلك وسعت دائرة البحث وكان كل شارع يفضي إلى شارع آخر وكل شارع يفضي إلى فراغ آخر. رأيت الشوارع شكلا واحدا. نفس الارصفة والبنايات تتكرر. حتى المارة هم ذات المارة في كل الشوارع. الشمس تبوأت قلب السماء. راحت ترسل أشعتها الاهبة فوق المارة. خلت الشوارع تقريبا إلا مني. تصببت عرقا وتملكني الإعياء حتى فقدت التركيز. استندت على سور مبنى قديم. رفعت بصري بتثاقل . رأيت بائع الجرائد يقطع الشارع من الجهة الأخرى قفز قلبي فرحا جريت لا ألوي علي شيء.. وصلت لاهث الأنفاس لا أصدق لم أجد البائع ولا جرائده ترى من الذي رأيت! جرجرت قدمي حتى وجدتني أعود إلى أول شارع شاهدت فيه بائع الجرائد بالأمس.

أخبار متعلقة