DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

إصلاح نظامنا التعليمي قضية جوهرية

إصلاح نظامنا التعليمي قضية جوهرية

إصلاح نظامنا التعليمي قضية جوهرية
إصلاح نظامنا التعليمي قضية جوهرية
أخبار متعلقة
 
الشباب هم أمل المستقبل.. هم الذين سيقودون الوطن الى التطور واستمرارية البناء فالاهتمام بعملية التعليم يشكل اليوم محور اهتمام كل من له علاقة بالتعليم بسبب الخلل الكبير في المؤسسات التعليمية مما شكل أزمة حقيقية وخطرا داهما خاصة بعدما كشفت وثيقة رسمية أعدها البنك الدولي لصالح وزارة المعارف ان اجمالي التكاليف المرتبطة بالطلبة الذين: ـ فشلوا في التعليم وتركوه (تسرب). ـ ارتفاع معدل الرسوب والإعادة. يزيد على 12 بليون ريال سنويا بالاضافة الى ما كشفت عنه الوثيقة عن أبرز التحديات التي تواجه نظامنا التعليمي وهي: ـ ارتفاع معدل الرسوب والاعادة والتسرب. ـ قلة تدريب المعلمين والمشرفين على التعليم. ـ المناهج الدراسية ومخرجاتها لا تحقق احتياجات سوق العمل. ـ قدم طرق التدريس وعدم ملاءمتها لمتطلبات عصر العولمة. ان المتأمل لواقع البيئة المدرسية يراها مليئة بمناهج تضعف الرغبة في التعليم وتدعو الى الهروب والانقطاع عن الدراسة وبالتالي تأخر دراسي، رسوب، تسرب. فالمناهج الحالية تزود المتعلم بمعرفة وخبرة لكنها لا تساهم كثيرا في صياغته نفسيا واجتماعيا وانتماء، فهي تركز على الجانب المعرفي والذي أصبح معيارا للتقدم وهو في الأساس يعتريه النقص بل تعداه الى قصور خطير في اعداد وتأهيل من يقدم هذه المعرفة. فماذا نفعل مع هؤلاء المتعلمين؟ والذين أصبح معظمهم لديه رؤية معينة عبارة عن تساؤل: لماذا أدرس؟! ثم أتخرج؟! ثم لا أجد عملا..؟! لقد أصبح شعور هؤلاء المتعلمين بأنهم يتعلمون..؟! ولكن بدون هدف؟! ان العمل هو الذي يشعر الانسان بوجوده. فإذا عجز الانسان عن الحصول على العمل الذي يحقق له الاستقرار انعكس ذلك على سلوكه فتظهر البطالة ومن ثم تنتشر الجرائم والانحرافات السلوكية الخطيرة خاصة مع ارتفاع أعداد العمالة الوافدة سنويا حتى بلغت ربع عدد السكان مما جعل الكثير من القادرين على العمل لا يجدون الفرصة للحصول عليه بالرغم من الحلول التي تحاول الجهات المعنية تطبيقها حتى ولو بطرق عشوائية. والسؤال الآن: أين يكمن الخلل؟!ّ وما أسبابه؟! ومن المسؤول عما يعانيه المتعلم من احباط..؟! واستهتار؟! مع عدم القدرة على تحمل المسؤولية..؟! هل هو المنهج والطريقة؟! هل هي البيئة المدرسية والمشرفون عليها؟! هل هم الأهل والأصدقاء؟ أم خطط التنمية التي عجزت عن تحقيق أهدافها؟! أم فقدان الأمل والطموح لدى المتعلم؟! إن انعدام الرؤية الاستراتيجية المستقبلية الواضحة مع عدم معرفة ماذا نريد أن نعطي المتعلم؟! جعلت الرغبة في اعطاء المتعلم كل شيء دفعة واحدة لعل وعسى ينصلح حاله مما أفقد المشرفين على التعليم القدرة على التركيز لتحقيق هدف معين فأصبح التعليم عبارة عن خلطة سرية (من كل بستان زهرة) وكانت النتيجة ان من يشتري ما لا يحتاج يبيع ما يحتاج. إن الحصول على المعرفة يتطلب معرفة وفهم المتعلم مع تزويده بمعلومات ومهارات وخبرات تساعده على تعلم مهارات التفكير والتي لا تنمو وتتطور بالنضج فقط بل تتحسن بالتدريب والممارسة والاستخدام والتي تساعد على اكتساب مهارات الحوار الهادف، فالمعرفة الحقة هي التي تؤهل المتعلم لمواجهة عالم شديد التعقيد سريع التغيير بخبرات ومهارات تساعد على فهم حياة هذا العصر فكرا وعملا وسلوكا بحيث تصبح المعرفة التي يكتسبها المتعلم (معرفة الحياة ومعرفة عن الحياة، وحياة قائمة على المعرفة). انه بالنظر الى مناهجنا من حيث الكم والنوع والمحتوي نجدها تفوق ما يدرسه المتعلم في الدول الخمس المتقدمة عالميا في التعليم (سنغافورة، كوريا(ج)، اليابان، ألمانيا، امريكا) فهم أقل في عدد المناهج واقل تحصيلا ومع ذلك فمخرجات تعليمهم ممتازة (ابداع وتفوق) ومع ذلك تقلق أمريكا عندما احتلت المركز الخامس. وأما من حيث نوعها ومحتواها فمناهجنا قديمة جدا ومعلوماتها متأخرة سنة فهي لا تتغير لتواكب التطورات وهذا يعود الى: ـ محدودية الانفاق على تطوير المناهج مع محدودية اللجان المختارة لتطوير المناهج والتي قد لا تكون لها علاقة وثيقة بالتربية والتعليم. ـ عشوائية التطوير وعدم وضوح الرؤية. ـ عجز المعلم عن فهم المنهج الجديد لقصر مدة التدريب. ـ افتقاد المعلمين والمرشدين الطلابيين والمشرفين على التعليم لأبسط فنون التعامل مع المتعلم، كما يفتقدون لمهارات كيفية تعليم الجيل مهارات التعامل مع المشكلات الحياتية والضغوط النفسية والاجتماعية والتي انعكست على سلوك المتعلم مما أدى الى معاناته من أزمة في الفكر وفي الهوية والانتماء وهذا يعود لعدم معرفة ماذا يريد المتعلم؟! وماذا يرفض؟! ولماذا يرفض؟! والآن وبعد كل ما ذكر.. هل هناك أمل..؟! تفاؤل..! بتوفير تعليم بديل ومتطور..؟! نعم هناك أمل بالعودة الى الله والثقة به.. ولدينا تفاؤل بوجود عقول نيرة وطاقة بشرية واقتصادية هائلة وصحوة جادة للعمل المخلص فالاصلاح يبدأ من الاعتراف بوجود قصور ومن ثم تشخيص هذه الجوانب واقتراح الحلول الواقعية للخروج من هذه الأزمة وهذا لا يتم إلا بالاعتراف بأن ما نشكو منه اليوم من معاناة نتيجة لمخرجات التعليم والتربية هو في الحقيقة من صنعنا نحن وليس من صنع المتعلمين لأن ما يتلقونه في البيت والمدرسة يندرج تحت قائمة كن متفرجا لا فاعلا، كن حافظا لامفكرا مما قتل فيهم روح الابداع ودفعهم الى التمرد والتبلد لهذا فلابد من تحديد نوع التعليم الذي نريده ونحتاجه لتحقيق رؤيتنا المستقبلية فلقد أصبح التعليم في عصر العولمة أساس الدراسة للأجيال القادمة والتي تريد علما وتعليما يلائم عصر العلم والعولمة. فالتعليم بوضعه الحالي لا يحقق متطلبات عصر العولمة والتقدم التكنولوجي والمعلوماتي وحتى يمكن الخروج من ذلك لابد من: * دعم مالي فالمشكلة ليست في حجم الانفاق المالي على التعليم بل في كيفية توجيه هذه الأموال. وحيث ان لكل منهج فلسفته الرئيسية للتعرف عليه لذا لابد من ايجاد مناهج جديدة من حيث الكم والنوع والمحتوى تكون قادرة على التطور المستمر من خلال ادخال الحاسب الآلي والذي يعتبر الآن من أهم مفاتيح المعرفة في عصر العولمة، فتنمية مهارات الحياة والاعداد لمواجهتها أهم من معرفة خارطة أمريكا مثلا مما يساعد على ايجاد تعليم جيد.. يقوم على تفكير + ابداع + تقدم = مخرجات جيدة. * استخدام طرق حديثة ولا عيب في الاستفادة من الطرق المتطورة في الدول المتقدمة من حيث الطرق والوسائل المساعدة، بدون فقدان الهوية. * اعداد برامج تدريبية عن المناهج المطورة للمعلمين لشرح هدف المنهج وكيفية تنفيذه والطرق المستخدمة لتنفيذه. * الاعداد المهني والثقافي والاجتماعي وحسن الاختيار والقبول للمعلم من خلال حصوله على تعليم واعداد يؤهله للحصول على رخصة عمل لمزاولة التعليم ولا يزاولها بعد انتهائها الا بعد متابعة أثناء العمل والتعرف على مدى تطوره من حيث المنهج والطريقة والثقافة والمهارات الجديدة المكتسبة فخبرة المعلم هي السنة الأولى من عمله فقط وبقية السنوات تكرار لا تجديد مطلقا فلابد من اعداد معلم يكون لديه الايمان بما يعلم والرغبة في أن يعلم والقدرة على أن يعلم. * تطوير مفهوم الادارة التعليمية بالتجديد المستمر مع صلاحيات متطورة ومستقلة في اتخاذ القرار على أن يكون الانجاز هو المعيار لنجاح الادارة. * إعطاء صلاحيات لمدير المدرسة الكفء والمؤهل والقادر على القيام بتحقيق الأهداف المرسومة لادارته مع سلطة اختيار ورفض المعلمين مع صلاحيات الانفاق على أن يتحدد بقاؤه على أدائه وانجازاته في عمله فهي المعيار الوحيد لنجاحه واستمراره أو تغييره. * تفعيل دور المؤسسات التعليمية للمساهمة في علاج القضايا الحيوية فهي المحور الذي يقوم على أساسه أي برنامج تعليمي تنموي اصلاحي وذلك من خلال تغيير النظام التعليمي وأساليبه القائمة على الحفظ والتلقين الى برامج تنمي مهارات الحوار وفن التعامل مع الآخرين من خلال: * اعداد برامج مدرسية هدفها دمج المدرسة بالمجتمع. * اعداد معلمين من طراز جديد يلائم متطلبات النظام التعليمي الجديد. * تفعيل دور الأسرة حيث لعبت المتغيرات الحضارية دورا سلبيا في التأثير على كيان الأسرة مما أدى الى تقليص وظائفها في المجتمع فأصبح دور الأب الممول والأم عجزت عن تحمل مسؤوليتها فتخلت هي الاخرى عن كثير من مهامها وهذا يتطلب: * قيام الأسرة بدورها الحقيقي من خلال اعادة التواصل بين أفرادها حيث يلعب التوتر في العلاقات الاسرية بين الآباء والأبناء دورا كبيرا في زيادة نسبة التوتر مما يؤدي الى ايجاد أزمة مؤلمة لكلا الطرفين. * اعداد وتنفيذ برامج توعية للأسرة من خلال إنشاء مراكز للتوجيه والاستشارة الاسرية الخاصة بالآباء والامهات من خلال التعرف على التغيرات العضوية السلوكية للنمو في مراحله المختلفة ومتطلبات كل مرحلة وكيفية التعامل معها. * اعادة تأهيل وتدريب العاطلين عن العمل بتزويدهم بمهارات وخبرات يحتاجها سوق العمل من خلال اعداد معاهد متخصصة مستقلة لتنفيذ هذه البرامج التأهيلية بعد معرفة متطلبات سوق العمل وعدد العاطلين فعلا ونوعية تخصصاتهم ومستوياتهم التعليمية حتى يمكن تحديد نوع الخبرات والمهارات التدريبية المناسبة للمتعلم ولاحتياجات سوق العمل. * تطوير وتفعيل وسائل الاتصال والتحاور بين المعلم والمتعلم والادارة المدرسية والأسرة من خلال توفير الخدمات الارشادية والنفسية والاجتماعية والوقائية والعلاجية لمن يحتاج اليها. ولعل من المفيد ان نتأمل الحقائق وأن نقرأ النتائج قراءة متأنية وموضوعية دون القفز على الاحكام الآنية، وأن ندرك في ظل هذه النتائج وجود أزمة تعليمية مع قدرة على الخروج منها الى بر الأمان. ان النظام التعليمي وفلسفته قد حقق أهدافه للمرحلة الماضية وأنه آن الأوان لوضع نظام وفلسفة تعليمية جديدة تلائم متطلبات هذه المرحلة فما وضع للماضي ونجح ليس بالضرورة ان يلائم الحاضر. إن اصلاح النظام التعليمي أصبح قضية جوهرية لوضع استراتيجية تنموية مدروسة اذا أردنا أن نطور نظامنا التعليمي للخروج من هذه الأزمة فمن الصعب أن نحل المشكلات المزمنة والمزعجة التي تواجهنا بنفس العقلية التي أوجدت هذه المشكلات. وأخيرا لا فائدة من حرية التعبير اذا لم يكن لديك شيء تقوله. وفق الله الجميع وهو الهادي إلى سواء السبيل. عبدالله بن علي الآنسي كلية المعلمين ـ الطائف