الظاهر أن تربيتنا المشكلة!!
لا أملك أي تفسير لحالة السباب المتفاقمة في المنتديات السياسية والاجتماعية العربية, وهل هي انعكاس طبيعي لنظام التنشئة المرتبك للبني آدم في مجتمعاتنا؟ ام ان مناخ الحرية وانحسار الرقابة المجتمعية في الانترنت مقارنة بالواقع الحياتي الصارم والخانق لحريات التعبير.. لا فارق في حوارات سياسية او موضوعات ذات طابع اجتماعي او فكري ثقافي فالتصنيف والشتم والتقزيم وتعرية الجوانب الخاصة للمنتدين هي البضاعة الرائجة أما الأفكار والقضايا فلا حوار معها وغالبا ما تنتهي الى لا شيء بعد ان يستنفد المتحاربون ذخيرتهم من الصواريخ والمفرقعات الكلامية.. ولعل غياب ثقافة التصالح والتعددية في الرأي والفكر والمواقف والاتجاهات في واقعنا الحياتي هي المسؤولة عن حالة النزق والديماغوجية والانتصار للذات المتورمة التي تكرر نفسها في محاريب العلم وبيئات العمل والمجالس الخاصة.. خذوا على سبيل المثال البرامج الحوارية في الفضائيات والتي يتزاحم ربعنا على المشاركة فيها سواء أكانت سياسية او دينية او حتى فرفوشية او ترقيصية بدون معنى وهدف من عينة الإهداءات وعالسمع وإلك وهلم جرا.. وستكتشفون ان المشاركات الساخنة والصاروخية المشحونة بكل مفردات اللا أدب واللاوعي واللا أخلاقي واللا حضاري واللا حواري معظمها سعودية للأسف.. أذكر انني كنت اتابع برنامجا في فضائية عربية خاصا بالمشكلات الخاصة, وعلى مدى أسابيع تقريبا, وفي كل حلقة على الأقل 3 إلى 5 مكالمات لمتداخلين من ربعنا, اللي يطلب من مقدم البرنامج سندوتشات كبدة وعصائر وإللي يعقب على الطلب ويستعجل المذيع على طلبات الشباب اللي تأخرت.. طبعا معاذ الله الشباب انهم مؤدبين جدا في مداخلاتهم الثرية في عوالم الكافتريات والقهاوي.. والمأساة بطبيعة الحال ان هؤلاء وغيرهم من الماكينات الكلامية اللي لا تبقي ولا تذر يعرف بنفسه انه من السعودية.. هذا بطبيعة الحال أيضا غير العينات الدلوعة الحساسة اللي تتعاطف مع اللحم الأبيض المتوسط في برامج ما يطلبه الزاحفون والزاحفات والتي يكيل فيها للأموره رنا ولامها ابرع العبارات والوصوف للأنوثة الطافحة والحنان اللي ما بعده للدرجة التي تجعلك تتململ في جلستك وكأنك انت مرتكب الفعل الفاضح..- الأكيد ان تربيتنا فيها علل وأورام أكبر من مسألة المشاكل.. لعل الحديث محصور في مسألة الشباب المتموج ان قدر لي البقاء للغد.
