فصل العمال او تسريحهم امر محرج في جميع الاحوال لكن الطريقة هي التى تجعل الامر اقل او اكثر سوءا. لذلك كان لا بد من قواعد في طليعتها كما يقول واضعها لورنز اندرويفسكي عدم التسريح نهاية الاسبوع وايام العطل والاعياد لكي يأتي هذا التسريح ناجحا وتكون الانعكاسات اقل ضررا على المؤسسات الالمانية المعنية.
وتشير الارقام الرسمية الى ان ثلاثة ملايين شخص فقدوا عملهم خلال العام الماضي 2002 في المانيا والطرق التي اتبعت في فصلهم ما زالت تعكس مشكلة الاتصال بين المؤسسة والعامل وهي طرق تتفاوت بين رسالة مفاجئة تدس في صندوق البريد وبين رسالة بالبريد الالكتروني تقع كالصاعقة مستبعدة كل اتصال شخصي.
من هنا كانت فكرة اندرويفسكي: شركة استشارية في شؤون التسريح.
ويروي اندرويفسكي ان احد المديرين كان في اجازة طلب سكرتيرته ليعطيها بعض التعليمات ففوجئ بان مديرا آخر يحتل مكتبه.
ويقول ان ثقافة المؤسسة وهي مفاهيم تم تطويرها خلال العقود الماضية للتعرف بطريقة افضل على العاملين وتقريبهم من مؤسساتهم بتقديم اطار مهني مريح، هذه المفاهيم اغفلت امرا مهما هو وضع مسودة سلوك في حال التسريح.
ويرى اندرويفسكي ان هذا الاغفال كان امرا مكلفا جدا اذ ان الاتصال السييء ينال من صورة المؤسسة ويجعل المستخدمين يقفون في وجه الادارة ويلجأون الى المحاكم المختصة كما ينشر اجواء الخوف والترقب ما يؤثر سلبا على الانتاج.
ويسوق اندرويفسكي اكثر من مثال عن التصرف المناسب بينها مثال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الالمانية التي لجأت اليه بعد ان خسرت العديد من زبائنها الذين استاءوا من سياسة التسريح المتبعة.
والاضرار الناجمة عن التسريح ليست اقتصادية فقط وانما نفسية ايضا، تطاول العامل المسرح اضافة الى من ينقل اليه نبأ التسريح وهو غالبا ما يشعر بأنه شخص يحمل الشؤم اينما حل.
اما التسريح الناجح كما يرى الخبير اندرويفسكي فيقوم على الاعداد الجيد اي معرفة الواقع المالي والعائلي والنفسي للشخص المعني .. وهي مهمة يجب ان توكل الى الرئيس المباشر للمعني وليس الى رئيس مصلحة العاملين.
والمقابلة الحاسمة لابلاغ الرسالة يجب ان تكون قصيرة وواضحة وتقول القاعدة ابلاغ الرسالة في الجمل الخمس الاولى وتقديم التفسير الاقتصادي ثم فتح آفاق جديدة لفرص جديدة.
والصورة الانسانية مهمة جدا في هذا الاطار من دون ان يترك الانسان المجال مفتوحا للمشاعر مهما كان رد الفعل لدى العامل المسرح.. وايضا تجنب الخوض في التعاطف والتقليل من خطورة الموقف وانتقاد كفاءات الشخص المعني.
ويوضح اندرويفسكي عندي مثال مسؤول عمد بعد انتهاء المحادثة الى التربيت على كتف السيدة التي سرحها وهي في الخامسة والاربعين قائلا: ليس الامر بهذه الخطورة فانت مازلت شابة. وقد بدا الامر وكأنه استخفاف بها.
ويعتبر ان طريقة التسريح لا علاقة لها لا بحجم المؤسسة او الفرع وانما بالحساسية النفسية لناقل الرسالة وقدرته على مواجهة المواقف الصعبة.
وغالبا ما تلجأ المؤسسات الالمانية التي تواجه اوضاعا تضطرها الى الاستغناء عن قسم من عمالها الى اندرويفسكي في اللحظة الاخيرة فهناك التخوف من ان يبدو ناقل الرسالة غير المستحبة فظا او يفقد السيطرة على نفسه او لا يجد ما يبرر به الامر او حتى ان يتعرض للاعتداء.
والامر يثير القلق فعلا في المؤسسات خصوصا ان البطالة تطال في المانيا اربعة ملايين و300 الف شخص وصاحب العمل على شبه يقين ان المسرحين لن يجدوا على الارجح فرصا اخرى بسرعة.
وفي الولايات المتحدة حيث يجد الانسان عملا بسهولة تعادل سهولة فقدانه، لا يأخذ التسريح كما يقول اندرويفسكي هذا البعد النفسي الكبير ولا يحتاج الامر لكثير من التحايل. هناك تتولى الآلة بدلا من الانسان كل الترتيبات التي يتطلبها التسريح من الغاء العنوان الالكتروني الى الغاء رقم التسجيل وكل الرموز المستخدمة ..خلال ثوان فقط.
