بعض الممارسات الصحفية التي تنفرد بها صحافتنا تبعث على العجب، وهي ممارسات لا أظن صحفا اخرى في العالم ترتكبها - مع سبق الاصرار - كما هو الحال في صحافتنا، ومن ذلك ما نراه من فوضى في اختيار الصور المرافقة للأخبار الاجتماعية او الرسمية او السياسية، بل وفي التحقيقات والريبورتجات الصحيفة المختلفة ، فأنت تقرأ احيانا خبرا حزينا وترى صورة صاحب الخبر الحزين، وهو يضحك وفي غاية السرور (والانبساط) ولن يسعفك عقلك لتبرير سبب هذا الضحك في موقف يقتضي الرزانة والجدية، وكل مافي الامر ان المحرر او المخرج قد أساء اختيار الصورة من الأرشيف، وبدلا من اختيار صورة تناسب المقام، إذا به يختار صورة تحرج صاحبها، وتثير علامات التعجب، لدى القراء، وقد يحدث العكس عندما تنشر صورة كئيبة مع خبر مفرح.
الظاهرة الثانية هي تكرار الصور في العدد الواحد للصحيفة، إذ ترى صورة هذا المسؤول أو الكاتب او السياسي، وقد ظهرت في اكثر من صفحة من نفس العدد، ومثل هذا التكرار من العيوب الصحفية التي تتحاشاها معظم الصحف: فهو تكرار يوحي بعدم التنسيق بين أقسام الجريدة، كما يوحي بأن (المايسترو) في التحرير أو الاخراج غير قادر على ضبط إيقاع العمل، وإنقاذه من أي نشاز.
وفي التحقيقات والريبورتاجات الصحيفة، قد يتم اختيار صور أرشيفية لا علاقة لها بالموضوع، واحيانا قد تسىء لهذا الموضوع عندما تتعارض مع مضمونه، وفي هذا المجال لابد من حسن الإختيار لخدمة الموضوع، فالصورة قد تؤدي مالا تستطيع تأديته آلاف الكلمات، لذلك فإن استدعاء اي صورة ارشيفية لابد أن يقترن بوعي تام بوظيفة هذه الصورة، حتى تخدم الموضوع بالشكل المناسب، والصور الحية - أي غير الارشيفية - عنصر أساسي في اي تحقيق اوريبورتاج صحفي، ومع ذلك فإن هذه الصور الحية بحاجة ايضا الى حسن الاختيار.
وهناك ملاحظة كثيرا ما تصادف القراء وتترك في نفوسهم اكثر من سؤال، وهذه الملاحظة تتعلق بشرح الصور، فهي تظهر في معظمها خالية من أي اسم او تعليق او دلالة تعين القارىء على معرفة هذه الصور، من صاحبها؟ ماذا تعني؟ ما علاقتها بالموضوع؟ فإى إضاءة حول أية صورة ستفيد القارىء دون شك.
إن هذه الملاحظات ليست حول صحيفة دون غيرها، بل تعني جميع صحفنا، التي نأمل لها المزيد من التطور والانتشار.
